Top
Image Alt

أبواب صفة الوضوء: فرضه وسننه، باب الدليل على وجوب النية، وباب التسمية للوضوء

  /  أبواب صفة الوضوء: فرضه وسننه، باب الدليل على وجوب النية، وباب التسمية للوضوء

أبواب صفة الوضوء: فرضه وسننه، باب الدليل على وجوب النية، وباب التسمية للوضوء

باب الدليل على وجوب النِّية:

حديث: ((إنّما الأعمال بالنِّيَّات…)):

قال الإمام مجد الدين ابن تيمية -رحمه الله-: عن عمر بن الخطاب رضي الله  عنه، قال: سَمِعت رسول الله صلى الله عليه  وسلم يقول: ((إنّما الأعمال بالنِّية، وإنما لامرئ ما نوى. فمن كانت هِجْرته إلى الله ورسوله، فهِجْرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هِجْرته إلى دنيا يُصيبها، أو امرأة يتزوّجها، فهِجْرته إلى ما هاجر إليه)) رواه الجَماعة.

هذا الحديث -حديث: ((إنما الأعمال بالنِّيات))- قاعدة من قواعد الإسلام، حتى قيل: إنه ثلث العلْم؛ ووجهه: أن كسْب العبد بقلبه وجوارحه ولسانه، وعمل القلب أرجحها، لأنه يكون عبادة بانفراده دون الآخريْن.

قوله: ((إنما الأعمال)) هذا التركيب يفيد الحَصر من جهتيْن:

الجهة الأولى: ((إنما)) فإنها هي مِن صيغة الحَصر، واختُلف هل تفيده بالمنطوق أو بالمفهوم، أو بالوضع، أو العُرف، وبالحقيقة أم بالمجاز؟ ومذهب المحقّقين أنها تفيده بالمنطوق وضعًا حقيقيًّا.

الجهة الثانية: في كون هذا التركيب يفيد الحَصر: كلمة ((الأعمال)) لأنه جمْع مُحلّى باللام المفيدة للاستغراق؛ وهو مستلزم للقَصر، لأن معناه: كل عمل بنيّة، فلا عمل إلّا بنيّة.

 قال الحافظ بن حجر: “وقد اتفق العلماء على أنّ النِّية شرط في المقاصد، واختلفوا في الوسائل. فإذا أخذنا الصلاة والوضوء، فالصلاة: مقصد، والوسيلة إلى الصلاة هي: الوضوء.

وقوله: ((بالنِّية))، الباء للمصاحبة، ويُحتمل أن تكون للسببية. ومعنى للمصاحبة، يعني: الأعمال مصاحِبة للنِّيّات، وللسببية: الأعمال سببها النِّيات، بمعنى: أنها مقوِّمةٌ للعمل؛ فكأنها سبب في إيجاده. وقال النووي: “والنِّية: القَصد، وهو عزيمة القلب”. وقال البيضاوي: “النِّية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقًا لغرضٍ مِن جلب نفع أو دفع ضرر، حالًا أو مآلًا. والشرع خصّصه بالإرادة المتوجّهة نحو الفعل، لابتغاء وجه رضا الله، وامتثال حُكمه. والنِّية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليصح تطبيقه على ما بعده.

 ((بالنِّيات)) متعلِّق بمحذوف هو ذلك المقدَّر -أعني: “الكمال”، أو “الصحة”، أو “الحصول”، أو “الاستقرار”. يعني: كمال النِّية أو صحة النِّية، كمال الأعمال أو صحة الأعمال، أو حصول الأعمال، أو استقرار الأعمال بالنِّية.

وقوله: ((وإنما لامرئ ما نوى)) فيه تَحقيق لاشتراط النِّية والإخلاص في الأعمال؛ -قاله القرطبي؛ فيكون على جملة مؤكِّدة للتي قبلها.

وقوله صلى الله عليه  وسلم : ((فمن كانت هِجْرته إلى الله ورسوله))، الهِجْرة: الترك، والهِجْرة إلى الشيء: الانتقال إليه عن غيره. وفي الشرع: ترك ما نهى الله عنه.

وقوله: ((فهِجْرته إلى الله ورسوله))، وقع الاتحاد بين الشرط والجزاء، يعني: فمَن كانت هِجْرته إلى الله ورسوله، فهِجْرته إلى الله ورسوله.

وقوله: ((ودُنيا يصيبها)) -بضم الدال، وحكى ابن قتيبة كسْرها، وهي: “فُعْلة” مِن: الدّنوّ، أي: القُرْب. سُمّيت بذلك لسبْقها للأخرى.

وقوله: ((أو امرأة يتزوّجها))، إنما خصّ المرأة بالذِّكر، بعد ذِكر ما يعمّها ويعمّ غيرها، للاهتمام بها. وتعقّبه النووي بأن لفظ ((دنيا)) نكِرة، وهي لا تعمّ في الإثبات؛ فلا يلزم دخول المرأة فيها. وتُعقِّب بأنها نكرة في سياق الشرط، فتعمّ. ونكتة الاهتمام: الزيادة في التحذير، لأن الافتتان بالنساء أشدّ.

ب. باب التسمية للوضوء:

حديث أبي هريرة: ((لا صلاة لمن لا وضوء له…)):

 قال الإمام مجد الدين ابن تيمية -رحمه الله-: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه  وسلم، قال: ((لا صلاة لمَن لا وضوء له، ولا وضوء لمَن لا يذكر اسم الله عليه))، رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه

وهذا الحديث يدلُّ على وجوب التسمية في الوضوء، لأن الظاهر: أنّ النفي للصحة ((لا وضوء)) أي: لا وضوء صحيح، لكونها أقرب إلى الذات، وأكثر لزومًا للحقيقة.

error: النص محمي !!