Top
Image Alt

أثر استئجار الأرحام في ثبوت النسب

  /  أثر استئجار الأرحام في ثبوت النسب

أثر استئجار الأرحام في ثبوت النسب

بما أن استئجار الأرحام غير مشروع، -كما بينا- فإن النسب به لا يثبت؛ لأن النسب إنما يثبت بطرقٍ معينةٍ بعضها متفق عليه، وبعضها مختلف فيه، وليس من بينها استئجار الأرحام.

أما طرق إثبات النسب فخمسة هي: الفراش، الاستلحاق، البينة، القافة، القرعة، والثلاثة الأول محل اتفاق بين العلماء. أما الرابع: القيافة فبه قال الجمهور. وأما الخامس فبه قال بعض أهل العلم، وهذا بيان لهذه الطرق إجمالًا:

1. قد أجمع العلماء على إثبات النسب بالفراش، بل هو أقوى الطرق والمراد به فراش الزوجية الصحيح، أو ما يشبهه إذا كان العقد فاسدًا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) ويدخل في الفراش الوطء بملك اليمين.

2. اتفق الفقهاء على إثبات النسب بالاستلحاق، والمراد به الإقرار بالبنوة أو الأبوة، يسمى حمل المقر على نفسه والإقرار بالأخوة والعمومة، ويسمى إقرارًا على الغير، وقد اشترط الفقهاء لصحة الإقرار في ثبوت النسب شروطًا هي:

  • أن يكون المقر بالنسب بالغًا عاقلًا.
  • أن يكون المقر له ممن يمكن ثبوت نسبه من المقر من جهة سنه؛ أي: أن يكون المقر له أصغر من المقر بفترة تجعل المقر بالغًا حد النكاح، وهو اثنا عشرة سنة أو قريبًا من ذلك، أما أن يدعي شخص عمره ست عشرة سنة، أو خمس عشرة سنة في أول البلوغ يدعي نسب ابن عمره عشر سنوات مثلًا لا يجوز.
  • أن يكون المُقَرُّ له مجهول النسب؛ لأن معلوم النسب لا يصح إبطال نسبه.
  • ألا يكذب المقر؛ فإن كذبه لا يصح.
  • ألا يصرح المقر بأن المُقَرَّ له ولده من الزنا فإن صرح بذلك؛ لم يقبل إقراره.
  • ألا ينازع المُقِرَّ بالنسب أحد؛ فإن نازعه غيره لم يكن أحدهما أولى إلا بمرجح.

ويشترط لصحة الإقرار على الغير كالأخوة أو العمومة ما يلي:

  • اتفاق جميع الورثة على الإقرار بالنسب المذكور؛ لأن هذا يعود عليهم إقرار على الغير.
  • أن يكون الملحق به النسب ميتًا، وإلا فلو كان موجودًا عليه أن يقر بنفسه.
  • ألا يكون الملحق به النسب قد انتفى من المقر له بأن حصل لعان، أو نفي في حياته باللعان. ذلك أسلوبان من الأساليب المتفق عليهما.

3. الأسلوب الثالث المتفق عليه البينة والمراد بها الشهادة؛ فإن المنسب يثبت لمدعيه بناءً على شهادة العدول بصحة ما ادعاه، وقد أجمع العلماء على ثبوت النسب بالبينة بشهادة رجلين عدلين، لكن هل تقبل شهادة رجل، وامرأتين، أو شهادة النسوة فقط في إثبات النسب بالبينة؟ اختلف الفقهاء في ذلك.

إذًا هذه ثلاثة طرق لإثبات النسب الأول الفراش الصحيح، أو ما يشبهه الثاني الإقرار، أو الثالث البينة.

4. القيافة: وهي محل اختلاف بين العلماء: وهي معرفة النسب بالفراسة، والنظر في أعضاء المولود، ويتم اللجوء إليها، وإثبات النسب بها عند عدم الطرق السابقة، ووقوع التنازع بين الناس، وبالقيافة قال جمهور العلماء ورفضها الحنفية، ويشترط في القائف أن يكون مسلمًا عدلًا مكلفًا ذكرًا سميعًا بصيرًا، عارفًا بالقيافة، مجربًا في الإصابة، تلك هي الطريقة الرابعة في إثبات النسب، وهي محل اختلاف -كما ذكرنا- وتسمى القيافة.

5. القرعة: وهي أيضًا محل اختلاف، ولا يلجأ إليها إلا عند عدم وجود غيرها مع وجود نزاع بين مدعيين، وهي أضعف طرق إثبات النسب الشرعي؛ ولذا لم يقل بها جمهور العلماء، وإنما ذهب إلى القول بها قلة من الفقهاء، ولا يقال بها، ولا يلجأ إليها إلا عند تعذر غيرها حفاظًا على النسب من الضياع، وقطعًا للخصومة والنزاع. ومن هذا يتبين أنه لا توجد وسائل شرعية أخرى لإثبات النسب، وأن استئجار الأرحام ليس من وسائل إثبات النسب؛ لأنه غير مشروع، وشبيه بالزنا الممنوع.

error: النص محمي !!