أحكام المساقاة الصحيحة
من أهم أحكام المساقاة الصحيحة:
1. أن يقوم العامل بكل ما يحتاج إليه الشجر من السقي، والتلقيح، والحفظ، وتنقية ما حول الشجرة.
2. لا يملك العامل أن يدفع الشجر إلى غيره إلا إذا قال له المالك: اعمل برأيك، وفي ذلك شيء من الخلاف بين الفقهاء؛ فالحنفية اشترطوا ذلك، يعني: المراد به أن العامل لا يملك أن يدفع العمل إلى غيره؛ لأن صاحب الشجر وكَّله هو، ولا يجوز له أن يوكِّل عنه غيره؛ فقد يكون مقصود صاحب الشجر عمل هذا العامل بالذات، إلا إذا فوضه بأن قال له: اعمل في الحديقة برأيك، فالحنفية اشترطوا ذلك، ولو حدث من العامل خلافه؛ فالثمرة كلها للمالك وللعامل الجديد أجر المثل؛ لعدم تعاقد صاحب الشجر معه.
ووافق الحنفية في ذلك الحنابلة؛ قياسًا على المضاربة والوكالة، وأجاز المالكية ذلك بقيد إذا لم يكن المالك قد اشترط عمل العامل بنفسه، فإن اشترط ذلك منع ما لم يكن أمينًا، وإن كان أقل أمانة من العامل الأول؛ لأن غير الأمين لا تجوز مساقاته، وأما الشافعية فقالوا: بالجواز، بقيد التوافق في المدة، والتوافق في النصيب، يعني: في السهم الذي سيأخذه العامل.
من أحكام المساقاة الصحيحة كذلك: أنه إذا قصر العامل في رعاية الشجر بأن أهمل هذا الشجر حتى يبس، أو لم يثمر؛ فإنه يضمن، وإذا لم يقصر لا يضمن، وإذا اختلفنا فيما فعل وهل هو مقصر أو غير مقصر؟ فيحتكم في ذلك إلى العرف، يعني: أن يد العامل على الشجر، هي يد أمانة، ولا يضمن إلا إذا أهمل، أو قصر، أو تعدى.
وأما الزيادة على المشروط في العقد فقد أجازه الحنفية بوجه عام، وكذلك الحط منه؛ وعلل الحنفية ذلك بأن كل موضع احتمل إنشاء العقد؛ جاز فيه الزيادة والحط، يعني: النقصان، ومثلوا لذلك بما إذا لم يظهر عظم الثمر، وكذلك إن كان الثمر قد نضج وتناهى فى النضج فهنا لا تجوز الزيادة، أو إذا كانت الزيادة في استمرار وجود الثمر على الشجر، وقابل ذلك صاحب الشجر بالزيادة في العطاء؛ فهذا شيء طيب.
وهذا كله من أحكام المساقاة قبل الانتهاء. أما عند الانتهاء أو بعد الانتهاء من العمل، وعلامة الانتهاء ظهور الثمرة ونضجها:
أحكام المساقاة عند الانتهاء:
عدة أحكام منها:
1. اقتسام الخارج على الشرط المذكور، وإن لم تثمر الأشجار؛ فلا شيء لهما.
2. العمل في الثمار بعد إدراكها فيه خلاف، والمراد بإدراكها: نضج الثمرة تمامًا؛ فالحنفية، وقول عند الشافعية: أنه عليهما معًا، العامل والمالك؛ صاحب الشجر، وعند الحنابلة هو عليهما بقدر حصتهما ما لم يشترطه أحدهما، وذهب المالكية والشافعية في الأصح، ورواية عن الإمام أحمد، أن العمل بعد نضج الثمر يكون على العامل، وأنها واجبة بالعقل، وأما بعد الفسخ فكل يعمل في نصيبه؛ لتميزه.
3. إذا اختلفا في مقدار الشروط أو المشروط للعامل؛ كأن يقول العامل: شرط لي النصف، ويقول المالك: بل اشترطت لك الربع، فالقول قول المالك مع يمينه عند الحنفية، وعند الحنابلة أيضًا قول المالك، كما حكاه ابن حامد منهم، وذهب الشافعية إلى أنهما لو اختلفا ولا بينة تحالفا، وإن كان بعد العمل فله أجر المثل، وأما قبل العمل فلا شيء له، وعند المالكية تفصيل وتطبيق لهذا، ولعل الراجح، قول الحنفية في هذا الأمر؛ لأن صاحب المال أو المالك يدعي أنه الربع، والعامل مدعى عليه؛ فعليه البينة، والبينة على المدعي واليمين على من أنكر.