Top
Image Alt

أركان المنهج الذي انتهجه العلماء للوصول إلى اللغة المعتمدة, وجمع ثروتها المحتج بها

  /  أركان المنهج الذي انتهجه العلماء للوصول إلى اللغة المعتمدة, وجمع ثروتها المحتج بها

أركان المنهج الذي انتهجه العلماء للوصول إلى اللغة المعتمدة, وجمع ثروتها المحتج بها

إن المنهج الذي انتهجه العلماء القدماء, يقوم على ثلاثة أركان:

– ركن المكان.

– ركن الزمان.

– ركن الرواية.

الركن الأول: المكان:

فقد حددوا قبائل من العرب مخصوصة, وكان عدد القبائل المبعدة من منهجهم أضعاف القبائل المعتمدة؛ فقد اقتصروا في الأخذ على نحو ستٍّ من القبائل تاركين ما عداها من باقي القبائل التي تجاوزت ثلاثين قبيلة، وإن كثيرًا من كلام القبائل المعتمدة لم يقع إلى أئمة اللغة علمه، وإنهم إنما اندفعوا إلى التركيز على منظوم القول لا منثوره؛ مغفلين أن الشعر أحد المصادر لا كلها؛ فهناك ألفاظ تنطق بها القبيلة ولا تدخل في شعر شعرائها؛ لأنها ليست من الألفاظ الشعرية، ويكاد يكون للشعر معجم خاص؛ لذلك أصاب اللغة وقواعدها شيءٌ من الضعف بتحكيم شعرها في نثرها.

ولقد أحس أبو عمرو بن العلاء بهذا القصور في منهج الجمع اللغوي، ولعل للحوار الذي دار بينه وبين رجلٍ سأله في هذا الشأن, ما لفت انتباه أبي عمرو لتلك الحقيقة: قال ابن نوفل: سمعت أبي يقول لأبي عمرو بن العلاء: أخبرني عما وضعته مما سميته عربية؛ أيدخل فيها كلام العرب كله؟! فقال: لا. فقلت: كيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وهم حجة؟ قال: أعمل على الأكثر، وأسمي ما خالفني: “لغات”.

وكان يرى أبو عمرو أن أفصح العرب “عُليا هوازن” و”سفلى تميم”، وفي ذلك إشارة إلى خلاف له مع أهل اللغة في تحديد القبائل الفصيحة؛ فـ “عليا هوازن” أفصح العرب على ما رأى أبو عمرو غير داخلة في القبائل الست بعد قريش -كما تحدث أبو نصر الفارابي- وكانت ثقيف من “عليا هوازن” وهي ممن صرف عنها أهل الجمع اللغوي, بدعوى مخالطتهم تجار الأمم المقيمين عندهم.

وإذا كانت مقولة أبي عمرو هذه تعني اعتراضًا في تعيين أيِّ القبائل يعتمدُ؛ فإن له مقولةً أخرى كانت نقدًا صريحًا, يشير إلى قصور منهج أهل اللغة عن أن يستوعب الأكثر مما قالت العرب؛ وإنما وقع على القليل -بل الأقل- وتلك هي مقولته: ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله؛ ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علمٌ وشعرٌ كثير.

الركن الثاني: الزمان:

لقد انتهت فترة الاحتجاج في النثر بنهاية القرن الرابع الهجري، وقد ارتضى هذا المحدثون, واعتمد كلام الحضر بمنتصف القرن الثاني الهجري شريطة عدم فساد لسانهم، وختم الشعر بإبراهيم بن هرمة.

الركن الثالث: الرواية:

بعد أن تم للغويين تحديد الظرف الذي رأوا أن الفصاحة واقعة فيه لا محالة؛ رحل نفرٌ كثيرٌ منهم مع الأعراب يختلطون ويسمعون, ويكتبون سِوى ما يحفظون من كلامهم.

error: النص محمي !!