أركان الوكالة
كل عَقْد من العقود له أركان، والحنفية يذهبون إلى أن العقود عندهم ليس لها إلا ركن واحد، هذا مذهبهم، وهنا أيضًا في باب الوكالة يذهبون أيضًا إلى أن للوكالة ركنًا واحدًا فقط, هو الإيجاب والقبول جريًا على مذهبهم، وهو أن للعقود ركنًا واحدًا فقط، وهو الإيجاب والقبول.
والإيجاب عندهم في الوكالة يكون من الموكِّل، ويقال للموكل: الأصيل؛ لأنه العنصر الأساس في علاقة أو عقد الوكالة، فالإيجاب يكون من الموكل أو الأصيل، وهو عبارة عن كل لفظ دل على التفويض أو الإذن، وذلك مثلًا بأن يقول: وكلتك بكذا. أو أنت وكيلي في كذا. أو جعلتك لي وكيلًا. أو أذنت لك أن تقوم مقامي في كذا. أو أنت نائب عني في كذا. ونحو ذلك من أي لفظ تنعقد به الوكالة.
فالإيجاب عند الحنفية يكون من الموكل، وهو عبارة عن أي لفظ تنعقد به الوكالة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكّل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة بلفظ الشراء؛ فقال له: “اذهب واشتر لي شاة”, فدل هذا على أنه وكل عروة في شراء الشاة. وكذلك ما قلناه في حكاية أهل الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ} [الكهف: 19] أي: قالوا له: اذهب واشترِ لنا شاة, ومعناه: أنت نائب عنا في شراء الشاه أو وكيل عنا.
فهذه الصيغ كلها لفظها فيه دلالة على الإذن، فهو كقول أهل الكهف كأنهم يقولون له: وكلناك في شراء الطعام، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعروة: وكلتك في شراء الشاة.
هذا بالنسبة للإيجاب، وهو يكون من الموكل.
أما القبول، وهو الأمر الثاني المكون لركن الوكالة عندهم، فيكون من الوكيل، فكما أن الإيجاب يكون من الموكل فالقبول يكون من الوكيل؛ بمعنى: أن الموكل لما قال له: وكلتك بكذا، يأتي دور الوكيل فيقول, أو يكفي أن يقول: قبلتُ ونحو ذلك.
ولا يشترط أن يكون القبول باللفظ؛ أي: لو قال: قبلت كفى؛ لأن الفقهاء يقولون: “إن التوكيل من عقود الإطلاقات”, وعقود الإطلاقات يجوز أن يكون القبول فيها بالفعل. وعقود الإطلاقات تلك التي ليس لها مسمى معين أو أن القبول فيها يكون بأية صورة؛ لأن الموجب أطلق اللفظ فقَبِل القابل الأمر الذي أطلق فيه الموجب، فسُميت هذه عقود إطلاقات.
ولذلك هنا في باب الوكالة يتم قبول القابل، وهو الوكيل بأي فعل، وليس بشرط التلفظ؛ أي فعل يدل على القبول، نحو: أن يفعل ما أمره الموكل بفعله, مثل أن يقول له: وكلتك في بيع هذه الدابة أو هذه الشاة, فيأخذها الوكيل بيده، وينصرف دون أن يقول: قبلت، فهذا الفعل الذي فعله يدل على أنه قبل ما أمره به الموكل.
وأيضًا لأن الذين وكلهم النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما قلناه في الاستشهاد على شرعية الوكالة بالسنة، هؤلاء الذين وكلهم النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم أنهم قبلوا تلفظًا، وإنما كل ما أثر عنهم هو الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أي: إنهم نفّذوا أمره, دون أن يتوقف القبول منهم على لفظ.
وأيضًا يمكن أن يقال: إن الوكالة إنما هي عبارة عن إذن في التصرف، كما ذهب إلى ذلك الشافعية؛ لأنهم يقولون: إن الوكالة مجرد إذن في التصرف، وليست عقدًا تحتاج إلى قبول، وبناء على رأيهم أن الوكالة إذنٌ في التصرف, يجوز أن يكون القبول فيها بالفعل وليس بالقول.
هذا كل ما يتصل بأركان الوكالة عند الحنفية، وهو أنهم حصروها في ركن واحد هو الإيجاب والقبول.
لكن الجمهور ما عدا الحنفية، وهم المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة، وجريًا على قاعدتهم أيضًا في أن كل عقد له أربعة أركان، قالوا: “الوكالة لها أربعة أركان”: الصيغة التي تتكون من الإيجاب والقبول، وهذان ركنان الإيجاب والقبول، والموكل والوكيل، وهذان ركنان آخران، فتكون أركان الوكالة عند الجمهور أربعة أركان: الإيجاب، والقبول، والموكل، والوكيل.
هل القبول في الوكالة يكون على الفور, أم على التراخي؟ أي: يقبل فورًا, أم يجوز له -أي للوكيل- أن ينتظر ويتراخى في القبول، وتكون الوكالة صحيحة؟
الأصل عند جمهور الفقهاء: أن قبول الوكالة يجوز أن يكون على الفور وعلى التراخي؛ فعلى الفور بمجرد أن يقول له: وكلتك في كذا, فيقول: قبلت. هذا جائز، ولا خلاف فيه.
وعلى التراخي أيضًا مثاله: أن يبلغ شخص أن شخصًا وكّله في بيع شيء منذ سنة؛ فقد يحدث أن شخصًا يسافر فيقول: وكلت فلانًا في بيع هذه الدار أو هذه المنقولات, ولم يبلغ أحد ممن سمعه؛ لأنه نسي أن يبلغ الوكيل لمدة سنة، ثم بعد أن تقابلا, أي: الشخص الذي سمع من الموكل مع الوكيل, قال له: إن فلانًا قد وكلك في بيع شيء منذ كذا، وهذه المدة وجد أنها مدة طويلة قد تصل إلى سنة, فيقول الوكيل في لحظتها: قبلت, أو يأمره الموكل بفعل شيء، فيبلغه بعد مدة طويلة؛ أي: يبلغه عن طريق رسول أو عن طريق خطاب يرسله، فيستغرق الإرسال مدة طويلة… إلى آخره، فيقبل بعد هذه المدة الطويلة.
والمهم أن الأصل عند الجمهور أن قبول الوكالة يجوز، وتكون الوكالة صحيحة إذا تم القبول على الفور, أو حصل على التراخي بعد مدة معينة طويلة أو قصيرة, فبلغ ذلك الوكيل فقبل, هذا جائز.
قال أيضًا جمهور الفقهاء: لأنه ثبت أيضًا من توكيل النبي صلى الله عليه وسلم أن القبول من وكلائه الذين وكلهم, كان متراخيًا عن توكيله إياهم، وتمت الوكالة، وحدث أن نفذت الوكالة على أيديهم، ولم يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم عاتبهم على تأخيرهم أو ألغى هذه الوكالة؛ لقبولهم متأخرين… إلى آخره.
لكن الجمهور يقولون: إذا تعين زمان العمل الذي وكل فيه -كان له زمان معين- وخيف فواته؛ كان القبول على الفور, قبول الوكالة. مثلًا: أن يوكل شخص شخصًا على شراء سلعة من سوق، هذه السلعة تباع في السوق, أو تباع فيه بالمزاد؛ فيقول فلان: أشتريها بكذا، والآخر يقول: أزيد عليها كذا، هذا هو بيع المزاد، فهنا القبول في العمل الموكل فيه المعين له زمان, يجب أن يكون على الفور، وما استن له في التوكيل بشراء سلعة من سوق تباع فيه هذه السلعة بالمزاد؛ لأنه لما كانت المدة الزمنية لبيع هذا النوع من البيوع محددة ويخشى فواتها؛ لأن السلع تباع بمزاد، والموكل أرسله لشراء سلعة في زمن معين، فربما تراخيه في الذهاب لشراء هذه السلعة التي تباع بالمزاد يؤثر عليه، أو يؤثر على ثمنها, أو يفوّت على الموكل فرصة يعلم أنها سوف تباع في هذا الوقت… إلى آخره، فلا بد أن يكون قبول الوكالة بالشراء؛ أي: أن يقبل الوكيل الوكالة بشراء هذه السلعة على الفور.
أيضًا قالوا لقصر زمان عرض هذا المبيع، وقصر زمانه بمعنى: أن السلعة التي تباع بالمزاد, صاحبها أو الذي يساوم على المزاد فيها بمجرد أن يقول: هذه السلعة بكذا، ويقول شخص: أنا أشتريها بكذا، وشخص آخر, المدة قصيرة إلى أن تثبت عند مشترٍ معين، فلما كان زمن العرض قليلًا أو فترته قصيرة، ويخاف فواته كان قبول الوكالة هنا في هذا النوع المعين, الذي فيه زمان العمل بالوكالة -يجب أن يكون هنا على الفور، لا على التراخي، فيقول: قبلت، ويذهب فورًا لتنفيذ الوكالة, أو تنفيذ ما وكل فيه.
هل الوكالة من العقود الجائزة, أم من العقود اللازمة؟ بمعنى: أنه إذا تم عقد الوكالة بالإيجاب من الموجب، والقبول من الوكيل؛ فقال الموجب: وكلت فلانًا أو وكلتك في شراء السلعة الفلانية أو في بيع هذه السلعة، وقال القابل وهو الوكيل: قبلت, هل صارت الوكالة هنا من العقود الجائزة أم العقود اللازمة؟
فإذا تم عقد الوكالة بالإيجاب والقبول صارت لازمة ولا يجوز الرجوع فيها، أم صارت جائزة ويجوز الرجوع فيها؟ أي: هل لازمة لا يجوز الرجوع فيها, أم إنها يجوز الرجوع فيها؟
الإجابة على ذلك نقول: الوكالة من العقود الجائزة، وليست من العقود اللازمة في الجملة، ومعنى العقد اللازم: أنه ليس لأحد من المتعاقدين أن يرجع في هذا العقد.
أما العقد الجائز فهو لكل من المتعاقدين أن يفسخه متى شاء، ولما كانت الوكالة من العقود الجائزة في الجملة، فكان لكل من الموكل والوكيل أن يفسخ هذا العقد متى شاء؛ لأنه إذن في التصرف؛ فالوكالة من ضمن بيان صورتها أو صفتها أنها إذن في التصرف، ولما كانت إذنًا في التصرف كان لكل واحد منهما إبطال هذا التصرف.
وقلنا: لكل واحد منهما، ولم نقل: للموكل أو للوكيل؛ لأن الأمر جائز لكل منهما، فللموكل أن يقول: رجعت في وكالتي, وللوكيل أن يقول: وأنا رفضت قبول أو أرفض قبول هذه الوكالة, وبذلك تنفسخ الوكالة بين الموكل والوكيل في أية لحظة يحدث ذلك من أي واحد منهما.
كذلك للوكيل أن يعزل نفسه، فيترك الوكالة متى شاء؛ أي: يقول له بعد مدة: أنا عزلت نفسي، وكونه استمر فيها أو قبلها وانتظر مدة، ولم يرفض مباشرة، هذا ليس معناه أنه يلزم بالإتمام، لا، فله أن يرفض أو يعزل نفسه متى شاء.
ولكن هناك بعض الحالات التي وقع فيها تقييد هذا الجواز, بمعنى: أنه إذا كان للموكل أو للوكيل الجواز في الاستمرار في الوكالة, أو عدم الاستمرار فيها إلا أن هذا الجواز مقيد, فقالوا: في حالة ما إذا تعلق للوكيل حق للغير؛ فإن الوكالة تصير لازمة حتى يصل لذلك الغير حقه.
ومثال ذلك: أن يرهن مدين مالًا لدائنه؛ أي: شخص مدين بدين لشخص آخر هو الدائن، فيأتي المدين ويرهن رهنًا عند الدائن إلى أن يحل أجل السداد، فلما حل أجل السداد وكّل الدائن شخصًا ببيع الرهن؛ أي: يبيعه ويسدد منه دائنه، فهذا الوكيل لا يجوز له أن يعزل نفسه، ولا يجوز للدائن الذي وكله أن يبطل وكالته بأن يعزله.
قالوا: لتعلق حق المرتهن، وهو الدائن حتى يستوفي دينه.
وللتوضيح نقول: إن هذا المدين الذي أعطى على دينه رهنًا، فهذا المدين عند حلول أجل السداد وكّل شخصًا ببيع الرهن -المدين الذي وكل- هذا الشخص الذي وُكل ببيع الرهن ليسدد منه الدائن الذي كان في هذه العلاقة نسميه المرتهن، هذا الوكيل الذي وكله المدين ليبيع الرهن ويسدد الدائن المرتهن لا يعزل, إلا إذا استوفى الدائن المرتهن حقه؛ لأن حقه تعلق بهذا الرهن، فإبطال وكالة الوكيل ربما تضيع عليه حقه الذي تعلق ببيع هذه العين المرهونة. فهنا قالوا: الوكالة هنا صارت لازمة حتى يصل ذلك الغير إلى حقه، والغير هنا هو الدائن المرتهن.
والوكالة من العقود الجائزة, فللطرفين الوكيل والموكل أن يفسخها متى يشاء؛ إلا إذا تعلق للغير حق بوكالة، كما في المثال الذي وضحنا به الصورة.
أيضًا إذا كان الوكيل يملك عزل نفسه عن الوكالة متى شاء؛ لأنها عقد جائز حتى في حالة غيبة الموكل, إلا أن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: يشترط لهذا الجواز. فكأن أبا حنيفة وحده قيد جواز أن يعزل الوكيل نفسه عن الوكالة، فقيد هذا الجواز بحضور الموكل، كأنه يريد أن يقول: إنه ليس من حق الوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة, إلا إذا كان الموكل حاضرًا، وأن عزل الوكيل نفسه لا يجوز في غيبة الموكل.
وقال الإمام مالك -رحمه الله-: إذا كان في رجوعه, أي: في عزل نفسه. فالإمام مالك نظر إلى جواز أن يعزل الوكيل نفسه من الوكالة نظرة, فيها إرفاق أو رفق بحالة الموكل. فقال مالك -رحمه الله-: إن كان في رجوع الوكيل -أي: إذا كان عزله لنفسه أو رجوعه عن الوكالة- إضرار للموكل؛ أي: إن عزل نفسه يسبب ضررًا لموكله, فليس له الرجوع هنا أو عزل نفسه إلا بحضور الموكل؛ لأن حضوره سوف يبين لنا ما إذا كان يطلب منه الاستمرار, أو يصرح له بعزل نفسه.
أما إذا لم يكن في حالة عزل نفسه في غيبة الموكل ضرر به؛ جاز له الرجوع، ولو في غير حضور الموكل؛ ولذلك قلنا: إن عقد الوكالة عقد غير لازم في الجملة؛ نظرًا لهذه الحالات.
فإذا تسبب عن الرجوع ضرر بالموكل في نظر الإمام مالك في غيبة الوكيل، أو إذا كان رجوعه أو عزل الوكيل نفسه مطلقًا في حال غيبة الموكل عند أبي حنيفة، أو كان سيترتب على الوكيل نفسه أو عزل الموكل له إضرار بالغير أو ضياع حق للغير، كصورة المرتهن الذي هو الدائن؛ فكل هذه الحالات, نظرًا لوجودها قلنا: إن عقد الوكالة جائز في الجملة أو غير لازم في الجملة؛ لأن هذه الحالات تجعلنا نضع قيدًا في الجملة.
هل الوكالة تصح بأجر؟ أي: هل يجوز أن يأخذ الوكيل أجرًا على وكالته؟
نعم، الوكالة تجوز بأجر أو بغير أجر, والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم في باب الزكاة لما كان يبعث عماله لقبض الزكاة، كان هؤلاء السعاة يرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم نيابة عن المستحقين، فيجمعون الزكاة، ويأتون بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته أو للخليفة من بعده، ثم بعد ذلك توزع على المستحقين.
فالوكالة تجوز بأجر وبغير أجر؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم عندما بعث العمال ليقبضوا الزكاة, جعل لهم أجرًا على سعيهم في هذا الجمع، كأنه يعطيهم أجرًا على جمعها من المزكين وإحضارها للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا أمر مشهور.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم السعاة على الصدقة. وفي الصحيحين عن أبي حَميد الساعدي أو أبي حُميد الساعدي: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأزد يقال له: ابن اللتبية. وغيرهما؛ فهذه أدلة نقلية تدل على أن الوكالة تجوز بالأجر، كما جازت بغير الأجر.
والدليل العقلي على أن الوكالة تجوز بالأجر, هي أنها عقد جائز لا يجب على الوكيل القيام به؛ لأنه في العقد الجائز لا يجب على أحد أن يُجبَر على قبول عقد جائز، فإنما يقوم به من تلقاء نفسه، ولما كانت العقود الجائزة التي لا يجب على الشخص أن يقوم بها، ومنها الوكالة، أنه يجوز أخذ الأجرة عليها، هنا أيضًا في الوكالة قياسًا على كل العقود التي تعتبر جائزة، ولا يجب على الشخص القيام بها، فالوكالة أيضًا لما كانت كذلك يجوز أخذ الأجرة فيها.
فإذا كانت الوكالات بغير أجرة, فهذا عمل خير وعمل معروف من الوكيل؛ فكأنه لم يقبل أجرة، فعمل معروفًا فيمن وكله.
أما إذا كانت بأجرة، واشترط الوكيل أن يأخذ أجرًا على وكالته من الموكل، فيكون حكمها حكم الإجارة أو الجِعَالة، فعندما نقول: إن حكمها هنا حكم الوكالة أو الإجارة أو الجعالة, فهذا الوكيل يستحق الأجرة أو الجُعْل بإنجاز ما وكل فيه, أو من ناحية إحضار الشيء أو بيع الشيء أو شراء الشيء, أو إنجاز ما وكل فيه أو تسليمه العمل الذي يسلم إلى الموكل العمل الذي جاعله عليه.
فمن وُكِّل في بيع شيء أو شراء شيء, يستحق الأجرة إذا عمله؛ لأنه لما أخذ أجرة كأنه هنا أجير، وإن لم يقبض الموكل ثمن الشيء الذي باعه الوكيل بالنيابة عنه؛ فالأصل أن الأجير يستحق أجره بإنهاء العمل والمجاعل يستحق ما جُوعل عليه بمجرد انتهاء العمل, حتى وإن لم يقبض الموكل ثمن الشيء الذي باعه الوكيل في حالة البيع, أي: بالنيابة عنه، فكأن الوكيل هنا يستحق الأجر حتى ولو لم يقبض الموكل ثمن الشيء الذي باعه الوكيل بالنيابة عنه، كأن يقول: أعطني أجري على البيع, حتى ولو قبل أن يسلم الوكيل ثمن ما باعه إلى الموكل.