أفكار الناصرية ومعتقداتها
أول مبادئ الناصرية وأول شعاراتها التي كانت تنادي بها وتدعو إليها أنها تقول: إنها تدعو إلى الحرية والاشتراكية والوحدة وكانوا يقولون: إنهم بهذه الحرية والاشتراكية والوحدة سيقضون على مشكلات العالم العربي الأربعة وهي: الاستعمار والتخلف والطبقية والتجزئة بين أقطار العالم العربي، ونلاحظ أن هذه الأفكار هي نفسها أفكار حزب البعث القومي اليساري: الوحدة والحرية والاشتراكية.
أما الحرية المطلوبة التي كانوا ينادون بها فعند التطبيق كانت هي حرية الناصريين فقط، وليست حرية الشعب بكامله؛ إذ إن الناصرية القديمة في عهد عبد الناصر نفسه كانت ترفع شعارات أخرى منها: لا حرية لأعداء الحرية، أما أعداء الحرية فهو كل معارض لهم، فكل من يعارضهم هو من أعداء الحرية، إذن فالحرية عندهم هي حرية الناصريين وليست حرية الشعب كله.
أما دعواهم إلى الاشتراكية فقد سبق الحديث عن الاشتراكية وشعاراتها الجوفاء وقلنا: إن هذه الشعارات هي شعارات فارغة لخداع الجماهير، وأنه حين التطبيق كانت هذه الاشتراكية اشتراكية الناس في الفقر فقط.
هم يقولون: إن الاشتراكية أساس التقدم الاقتصادي، وهي أساس بناء مجتمع الكفاية والعدل، والمجتمع الذي ترفرف عليه الرفاهية كما يزعمون، كما نادت الناصرية بتوزيع الثروة الوطنية ليتحقق التغيير الاجتماعي.
وكذلك نادت الناصرية بالاشتراكية العلمية وهي خليط من الاشتراكية الماركسية والليبرالية الغربية والأفكار الوطنية، مع شيء من الأفكار الدينية، وينادون كذلك ويدعون إلى الوحدة، وهي في نظرهم أساس القوة العربية، والعروبة أو القومية العربية هي أساس قيام الوحدة.
وقد أغفلت الناصرية رباط العقيدة التي لا تؤمن الشعوب العربية إلا بها ولا تتجمع إلا حول رايتها، وهي العقيدة أساس وحدة العرب في الصدر الأول، وهي أساس وحدتهم في الصدر الأخير لمن أراد أن تكون هناك وحدة. وكذلك نادت الناصرية بالديمقراطية، ومفهوم الديمقراطية لديها هو ديمقراطية التحالف السياسي تبعًا لتحالف القوى الاجتماعية، أو كما وصفها الصحفي محمد حسنين هيكل: أنها ديمقراطية الموافقة، أي أن الزعيم الحاكم ينفرد بالحكم وبإصدار القرارات المصيرية، وأن دور الشعب يقتصر فقط على الموافقة أو على تأييد هذه القرارات؛ لأنه يفترض في الزعيم العصمة والصواب والحكمة وتجسيد إرادة الشعب وحقوق التعبير عنها. وكذلك من أسس الناصرية أيضًا العلمانية أو اللادينية، فليس للدين علاقة بالمجتمع وقوانينه ونظام حياته وإنما هو طقوس تعبدية في المسجد فحسب.