Top
Image Alt

أمراض الكلام في الدراسات اللغوية والنفسية والعصبية المعاصرة

  /  أمراض الكلام في الدراسات اللغوية والنفسية والعصبية المعاصرة

أمراض الكلام في الدراسات اللغوية والنفسية والعصبية المعاصرة

إن أمراض اللغة تعالَج في نطاق علم اللغة النفسي، وعلم اللغة النفسي، من فروع علم اللغة التطبيقي -كما علمنا- منذ النصف الثاني من القرن العشرين، فبات هذا العلم يتناول اللغة من منظور علم النفس بوصف كون اللغة ظاهرة نفسية عند المتكلم والمستمع على السواء؛ حيث يصوغ المتكلم أفكاره في عبارات يعبر عنها بالكلام، فيدركها السامع ويفهمها، كما يرصد هذا العلم العمليات الذهنية عند اكتساب اللغة أو استخدامها.

وعلاقة هذا بالفكر والثقافة، كما يدرس العمليات التي يقوم العقل البشري من خلالها بربط الصيغة الكلامية، سواء كانت مسموعة، أو مكتوبة من خلال اللغة.

إذن، من مقومات علم اللغة النفسي؛ السلوك اللغوي ومستواه، والنشاط الفسيلوجي العصبي، وقد ظهر علم لغوي حديث يعرف بعلم اللغة العصبي؛ حيث اشترك مع علم اللغة النفسي في دراسة تركيب الدماغ لدى كل شخص يتمكن من التعامل باللغة.

فعلم اللغة العصبية جزء أساسي من دراسة اللغة، وتشير الدراسات في مجال علم اللغة النفسي وعلم اللغة العصبي، إلى أن إصابة الدماغ يؤثر على المقدرة اللغوية للشخص، وخاصة الجانب الأيسر، فإن إصابة الجزء الأيسر من الدماغ تؤثر على الفهم.

كما أن إصابة الجزء الأمامي تؤثر في مقدرة الشخص على الكلام والكتابة، وإصابة الجزء الخلفي تؤثر في مقدرة الشخص على الفهم والقراءة.

إن إصابة الدماغ، تؤدي إلى عزل الشخص عن أداء بعض الأعمال اللاإرادية والإرادية أيضًا، فقد لا يستطيع أن يتحكم في درجة وضوح الكلام، كما لا يستطيع أن يلعق شفتيه.

إن الدماغ، هو العنصر الفعال في مقدرة الشخص اللغوية، وإصابته بأضرار يمكن أن تؤدي إلى خلل في الأداء اللغوي؛ لذلك كانت عناية هؤلاء العلماء بأمراض الكلام.

وقد قسَّم العلماء اضطرابات الكلام، وعيوب النطق تقسيمات عدة؛ فمنهم مَن قسمها بحسب العلة، ومنهم من قسمها بحسب مظهرها الخارجي، فمن نظر إلى اضطرابات الكلام وعيوب النطق بحسب العلة، قسمها إلى عيوب علتها عضوية، أي: تعود إلى أسباب وعوامل عضوية، كما قسمها إلى عيوب علتها وظيفية، أي: ترجع العلة فيها إلى أسباب وظيفية، فالعلل العضوية -مثلًا- ترجع إلى عيب في الجهاز الكلامي أو السمعي، كالتلف، أو التشوه، أو سوء التركيب في أيِّ عضو من أعضاء هذين الجهازين، أو النقص في القدرة الفطرية العامة -أعني: الذكاء- فالنقص فيه يؤدي إلى خلل في المقدرة اللغوية، فيحدث بذلك عيب في النطق أو احتباس في الكلام، أو نقص في القدرة التعبيرية.

ومن العلماء مَن قسم عيوب الكلام بالنظر إلى مظهرها الخارجي، ومن صور هذا التقسيم –نعني: صور الأمراض-: التأخر في قدرة الأطفال على الكلام، وكذا احتباس الكلام أو فقد القدرة على التعبير، وهو المرض المعروف بالحبسة، أو “الأفيزيا”، وهناك عيوب إبدالية تتصل بطريقة نطق أو تقويم الحروف وتشكيلها، وهناك كلام تشنجي، وهناك عيوب صوتية، وهناك عيوب تتصل بطلاقة اللسان وانسيابه في التعبير، ومن أهمها ما يعرف باللجلجة، أو “التهتهة”، وهناك عيوب أخرى تتصل بالنطق والكلام؛ وهي تلك الناتجة عن نقص في القدرة السمعية أو القدرة العقلية.

وهناك عيوب كلامية تتنوع مصادر العلة فيها، فقد يحدث أن تكون “الثأثأة” في الكلام -وهي نوع من العيوب الإبدالية- قد تكون راجعةً إلى سبب عضوي أو إلى علة وظيفية، كما أن تأخر الكلام عند الأطفال تختلف مسبباته من حالة إلى أخرى، فهناك حالات ترتبط فيها العلة بالنقص العقلي أو الجسمي، بينما توجد حالات أخرى تعاني ذلك؛ بسبب ضعف في القدرة السمعية، تنشأ عنه اضطرابات في التمييز بين الأصوات المنطوقة، وبجانب هذا وذاك، قد يكون تأخر الكلام في بعض الأحوال راجعًا إلى عامل أو أكثر من العوامل الآتية:

عدم التوافق المزاجي، التقليد، المستوى الفقير في الكلام بالمنزل، التدريب غير المناسب.. إلى آخره.

أما نوع الإصابة بهذه العيوب الكلامية ومداها، فإنها تختلف تبعًا لاختلاف الجنس والسن والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، وقد لوحظ أن “اللجلجة” -مثلًا- تحدث في البنين أكثر منها في البنات؛ ولعل ذلك راجع إلى أن القدرة اللفظية لدى البنات أقوى منها بوجه عام لدى البنين، مما يؤكد أثر اختلاف الجنس في هذا الأمر، كما لوحظ أن نسبة “اللجلجة” تزداد مع تقدم العمر.

ولتأخر الكلام مظاهر؛ منها:

  • إحداث أصوات معدومة الدلالة، يقوم بها الطفل وسيلةً للتخاطب والتفاهم.
  • أنه قد يعبر عما يريده بإشارات وإيماءات مختلفة بالرأس أو اليدين، وهو في هذه الحالة أقرب إلى جماعة الصم والبكم.
  • تعذر الكلام باللغة المألوفة التي تعود عليها أقرانه، فنجده يستعمل لغة خاصة ليس لمفرداتها أية دلالة لغوية.

وأما أسباب هذا التأخر فبعضها يتصل بنقص في القدرة العقلية، أو عيب في المقدرة السمعية، وبعضها يرجع إلى إصابة الطفل بأمراض طال علاجها في الشهور الأولى من حياته، وبعضها يرجع إلى إصابة المراكز الكلامية في اللحاء المخي بتلف أو تورم أو التهاب، وتكون هذه الإصابة إما بسبب الولادة وطريقتها، أو بسبب المرض أو الحوادث؛ لذلك اهتم العلماء بالدماغ ودَوْرِه في اللغة، وما يقوم به من مهام لُغوية، كما اهتموا بالاضطرابات اللغوية التي تحدث لبعض الناس وعلاقاتها بالدماغ، وتحديد طبيعة ومكان الخلل؛ ولهذا ظهر علم اللغة العصبي، فقد قام علماء اللغة العصبيين بأبحاثٍ تكشف عن هذه العلاقة، فوقفوا على النظام التشريحي للنظام العصبي المركزي، وأظهروا كثيرًا من وظائف هذا الدماغ البشري، في كل نصف من نِصفيه، كما بينوا الخلل الدماغي المؤثر في اللغة بعامة، والتعبير والفهم خاصة، وقد بان لهم أن النظام العصبي المركزي، يتكون من الدماغ والحبل الشوكي، أما الحبل الشوكي؛ فهو الذي ينقل الرسائل بين الدماغ والنظام العصبي الخارجي غير اللغوي، وأما جذر الدماغ السفلي؛ فهو مكون من النخاع المستطيلي والجسم، وهما يقومان بالوصل بين الحبل الشوكي والجذر العلوي والدماغ، وإصابة هذا الجذر تؤدي إلى خلل كلامي، وعُسر في الكلام، وعدم القدرة عليه، فلا يتضح ولا يبين.

ثم وقفوا على المخ ذاته، فعرفوا أنه يقع أعلى جذر الدماغ والمخيخ، والمخيخ جزء من أجزاء الدماغ؛ حيث يتحكم في التوازن، وإصابته تؤدي إلى خلل في المقدرة غير اللغوية، وهذا المخ الذي يقع أعلى جذر الدماغ والمخيخ نصفان؛ أيسر، وأيمن، وكل جزء يتحكم في الجزء المقابل من الجسم، ويتكونان من قطع ليفية بيضاء مغطاة بقشرة، هذه القطع تحتوي على عشرة بلايين عصب من جملة اثنتي عشر بليونًا عصبيًّا في كل النظام العصبي، بينما قُدرت القطع الليفية هذه، بنحو: مائتي مليون قطعة.

ورأوا أن هذه القشرة، هي المركز الأساسي في الدماغ، وتتحكم في كل الأنشطة اللغوية بما فيها القدرة على التعامل اللغوي، ورأى العلماء أن المخ في شقيه الأيسر والأيمن، يتكون من فصوص أربعة، وقد علمت أن المخ، يعني: القشرة والقطعَ الليفية البيضاء الخادمة لهذه القشرة.

وهذه الفصوص الأربعة التي يحتوي عليها كل شق من شقي المخ، هي: الفص الجبهي في الجزء الأمامي، والفص الجداري في الجزء العلوي، والفص القطوي في الجزء الخلفي، والفص الصدغي في الجزء السفلي، وقد رأى العلماء أن الفصين الأمامي، والصدغي في الشق الأيسر من الدماغ، يحتويان على مراكز اللغة الرئيسة للإنسان.

الأمراض المرتبطة بعدم القدرة على فهم معنى الكلمات المنطوق بها:

ومن أشهر الأمراض المرتبطة بعدم القدرة على فهم معنى الكلمات المنطوق بها، ما يسمى بالحُبسة، والحبسة ضبطها الفيروزآبادي، في (القاموس المحيط) بضم الحاء، وهي ترجمة لما يسمى بـ”الأفيزيا”، وهو مصطلح يوناني الأصل، يتضمن مجموعة العيوب التي تتصل بفقد القدرة على التعبير بالكلام أو الكتابة، أو عدم القدرة على فهم معنى الكلمات المنطوق بها ، أو إيجاد الأسماء لبعض الأشياء والمرئيات، أو مراعاة القواعد النحوية التي تُستعمل في الحديث أو الكتابة، لقد اصطلح على إطلاق لفظ “أفيزيا”، أو الحبسة الكلامية، أو احتباس الكلام على هذه العوارض المرضية الكلامية، ومصدر العلة في كل هذه العوارض يتصل بالجهاز العصبي المركزي.

أنواع الحُبسة:

وهذه الحُبسة تتنوع؛ فقد تكون حركية أو لفظية، وقد تكون حسية أو فهمية، وقد تكون كلية، وقد تتصل بالنسيان، وقد ينتج عنها فقد القدرة على التعبير بالكتابة.

الحبسة الحركية: ويرجع الفضل في اكتشافها إلى جراح مشهور في فرنسا يسمى: “بوروكا”؛ حيث يفقد الشخص المصاب بها التعبير الحركي الكلامي، والشخص في هذه الحالة لا يشكو اضطرابًا أو عجزًا في قدرته على فهم مدلول الكلمات المنطوقة أو المكتوبة، بمعنى: أنه يستطيع أن يفهم ما يقرأ في الصحف أو الكتب أو المجلات.

وتنشأ الإصابة بهذه الحبسة الحركية، إلى إصابة تعود إلى حادث من الحوادث، فقد يتعرض الجنود -مثلًا- لحوادث الحرب، وخاصة ما يصيب الرأس، كما تحدث من إصابات؛ بسبب الولادة العَسِرة، كما ترجع أيضًا إلى إصابةٍ في أثناء الحمل فتُولد الإصابة معه، وقد حدد “بوروكا”، (المتوفَّى: سنة ألف وثمانمئة وأربعة وثمانين) مكانَها؛ حيث يعود التلف في التلفيف الثالث الجبهي في نصف المخ الأيسر؛ ولذلك سُمي المرض بـ”حُبسة بوروكا”، أو بالحبسة التعبيرية؛ لأنه يؤثر على النتاج اللغوي دون الفهم، كما تسمى بالحبسة المحركة؛ لأن مكان التلف يقع قرب القشرة الحركية الأساسية التي تتحكم في الحركات الآلية الخارجية.

وهذه تختلف عن حبسة أخرى، تسمى بالحبسة الحسية التي اكتشفها العالم الألماني “ورنك”، (المتوفى: سنة ألف وتسعمائة وأربعة)، فهو أول مَن فَرَّق بين حُبسة “بوروكا” التعبيرية، وتلك الحُبسة الحسية؛ حيث تؤثر هذه الحبسة على الفهم دون الإنتاج، وعرفت هذه الحبسة بـ”حبسة ورنك”، أو الحبسة الاستقبالية، وبعض العلماء ينطق الواو هذه فاءً، فيقول: “حبسة فرنك”، ومكان التلف يقع قرب القشرة الحسية في التلفيف الأول من الفص الصدغي في النصف الأيسر.

إن “حبسة بوروكا”، تؤدي إلى التأثير على الإنتاج اللغوي، وإصدار الأصوات المكونة للكلام، بينما “حُبسة فرنك”، تؤثر على الفهم دون الإنتاج؛ ولذلك فإن الفص الجبهي يتحكم في التعبير، بينما الفص الصدغي يتحكم في الفهم.  هذه الحبسة الحسية لها أنواع أخرى؛ منها: العمى اللفظي؛ حيث يفهم المصاب بها ما يقرأ ولكنه عندما يتلفظ بمضمون ما يقرأ نجده يبدل الحروف أو يقلبها أو يعكسها.

الحبسة الكلية:

ومن أنواع الحبسة أيضًا: ما يسمى بالحبسة الكلية التي تجمع بين العجزين: عجز القدرة على الكلام، وعجز القدرة على فهمه، سواء كان الكلام منطوقًا أو مكتوبًا، يحدث هذا عندما يُصاب الإنسان بجلطة دموية، أو بنزف في المخ.

الحبسة النسيانية:

ومن أنواع الحُبسة أيضًا: ما يسمى بالحبسة النسيانية؛ حيث يكون المصاب عاجزًا عن تسمية الأشياء والمرئيات التي تقع في مجال إدراكه.

فقد القدرة على التعبير بالكتابة:

ومن أنواعها أيضًا: ما يسمى بفقد القدرة على التعبير بالكتابة؛ حيث ترجع العلة إلى وجود إصابة أو تلف في مركز حركة اليدين الموجود في التلفيف الجبهي الثاني للمخ.

خصائص هذه الحبسة:

ومن خصائص هذه الحبسة، عدم التنظيم عند التعبير بالكلمات على الورق، فيخيل للناظر لما يكتبه المريض من كلمات على أنها كتبت وعيناه مغلقتان، فالأسطر تميل إلى أسفل، والحروف تُكتب بطريقة مشوهة، وتترك هوامش واسعة وغير مناسبة على جانبي الصفحة، ناهيك عن الشطب وإعادة كتابة الكلمات.

علاجها:

أما بالنسبة لعلاج هذه الحبسة فإنه ليس هناك منهج ثابت في العلاج، فـ”الأفيزيا الحركية” أو “الحبسة الحركية” علاجُها يقوم على التعليم الكلامي من جديد، ويكون شأن المصاب في ذلك شأن الأطفال عندما يتعلمون لغة ما، فيوضع الشيء أمام المصاب عند علاجه، ثم ينطق باسمه، ونطلب منه أن يكرر النطق بالاسم مع الإشارة إلى الشيء، وهكذا حتى يستطيع المصاب -نتيجةً للتكرار المستمر- أن يعرف الأصوات المنطوق بها، ويربطها بمظهر الشيء الخارجي، وبالإضافة إلى هذه التمرينات فإنه يحتاج إلى تدريب لساني وشفهي وحَلْقي، ولا شك أن البيئة التي يعيش فيها المريض والعوامل النفسية المختلفة كالتشجيع وتقوية الروح المعنوية، لهما أثرٌ حسن في العلاج.

عيوب الكلام:

ومن عيوب الكلام ما يسمى بالعيوب الإبدالية، وذلك نتيجة شلل يتعرض له المصاب، فيترتب على هذا الشلل إما تعطل في تطور العملية الكلامية، أو تباطؤ وتراخٍ في إحداث الأصوات، أو التواء في طريقة النطق.

علاجها:

والعلاج يكمن في تمرينات خاصة باللسان والشفه وسقف الحلق، كما يحتاج إلى تمرينات في البلع والمضغ؛ للمساعدة على تقوية عضلات الجهاز الكلامي، ويمكن أن يضاف إلى ما سبق أيضًا تمرينات خاصة بالحروف المتحركة والساكنة، ويراعَى أن تتضمن تلك الحروف كل المجموعات الصوتية، سواء كانت حلقية أو لسانية أو أَنفية.

وهناك عيوب كلامية تنتج عن نقص في القدرة الذهنية، وهذا يؤدي إلى إصابة في الكلام، فيفقد المريضُ التعبيرَ، وتأخر الكلام الناتج عن نقص في القدرة الذهنية يأخذ صورًا وأشكالًا متعددةً، فهو إما أن يكون على شكل إحداث أصوات معدومة الدلالة يقوم بها الطفل وسيلةً للتخاطب والتفاهم، أو يعبِّر عما يريده بإشارات وإيماءات مختلفة بالرأس واليدين، أو يستعمل لغة خاصة ليس في مفرداتها أي دلالة لغوية.

وقد يصحب النقص العقلي في بعض الحالات خصائص جسمية معينة كما هو الملاحظ فيما يسمى بالأطفال الكثم، أو الأطفال المنغوليين، وأهم ما يلاحظ في كلام الطفل الأكثم عدم النضج اللغوي مع قبح في طريقة إخراج الحروف ناشئ عن تراخ في آدائها، وهنا يحتاج الأمر إلى معالجة الحالة الجسمية عن طريقٍ يعيد إلى الغدة الدرقية نشاطَها، فإذا لم يفد العلاج الطبي فلا أمل مطلقًا في الوصول إلى نتيجة من العلاج الكلامي، وأهم ما يلاحظ في كلام الطفل المنغولي صوته الأجش المرتفع، ونطقه البليد الجاف.

بالإضافة إلى ما يرى من تشويهات في الأفواه، أو في الحلق، أو الأسنان، وليس في وسع عالِم الكلام أن يقدم أي معونة إلى هؤلاء، ولكن أمر علاجهم يوكل إلى الطبيب البدني.

وهناك عيوب ناتجة عن نقص في القدرة السمعية، وذلك بسبب مرض في الأذن، سواء كانت خارجية أو وسطى أو داخلية.

أبرز النتائج المترتبة على ضعف السمع:

ومن أبرز النتائج التي تترتب على ضعف السمع -وخاصة في المراحل الأولى- أن نطق الطفل لا يتطور تطورًا عاديًّا؛ لأن العملية الكلامية عملية مكتسبة تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التقليد والمحاكاة الصوتية، فأي خلل يصيب الجهاز السمعي يترتب عليه التواء في طريقة النطق.

ولهذا يحتاج هؤلاء الأطفال إلى تمرينات خاصة لعلاج الناحية الكلامية، كما أنهم يحتاجون أيضًا إلى تمرينات لتقوية السمع نفسه.

من بينها تلك التمرينات التي تتكون من أصوات كلامية تنطق بشكل واضح على مسافة يتمكن معها المصاب من التمييز بين كل منها، على أن يُبدَأ بالحروف المتحركة فالساكنة، على أن يكون كل حرف منها على حدة، ثم يتدرج إلى مقاطع مكونة من حرف ساكن وآخرَ متحرك.

كما أن ما يسمى بـ”قراءه الشفاه”، له أهمية عظمى في علاج هؤلاء المصابين.

العيوب الناتجة عن أسباب عضوية:

وهناك عيوب أخرى تكون ناتجة عن أسباب عضوية، كالتلف العضوي أو تشوهه، ومن أبرز هذه العيوب ما يسمى بالخمخمة أو الخَنَافة، وأيضًا: ما يسمى بالثأثأة، أما الخمخمة فيجد المصاب صعوبةً في إحداث جميع الأصوات الكلامية سواء المتحرك منها والساكن، فيما عدا حرفي الميم والنون، فيخرجهما بطريقة مشوهة غير مألوفة، وتبدو الحروف المتحركة كأن فيها غُنة، أما الحروف الساكنة فتأخذ أشكالًا مختلفةً متباينةً، أو الإبدال؛ وترجع العلة في هذه الحالات إلى وجود فجوة في سقف الحلق منذ ميلاد الطفل، تكون في بعض الأحايين شاملةً للجزء الرخوي والصلب من الحلق معًا، وقد تصل أحيانًا إلى الشفه.

علاجها:

والخطوة العلاجية الأولى، تكمن في إزالة أي نقص أو سوء تركيب عضوي؛ حيث يتطلب الأمر سد فجوةٍ صغيرةٍ في سقف الحنك الصلب، ثم يحتاج المصاب بعد ذلك إلى تمرينات خاصة؛ لضبط عملية إخراج الهواء؛ حيث يجب أن يتعود المصاب على إخراج الهواء من أنفه، كما يحتاج إلى تمرينات أخرى خاصةً بجذب الهواء إلى الداخل.

وأما الثأثأة فمن أبرز مظاهرها: الخطأ في نطق حرف السين عن طريق إبداله بحروف أخرى كالثاء، أو الشين، أو الدال، ويرجع هذا إلى عدم انتظام الأسنان من ناحية تكوينها كِبرًا وصغرًا، أو من حيث القرب والبعد، أو تطابقها وخاصةً في حالات الأضراس الطاحنة والأسنان القاطعة، فيجعل تقابلها صعبًا، بالإضافة إلى عامل نفسي يؤدي إليها أيضًا في بعض الحالات، ولا يقتصر إبدال حرف السين فيها ثاءً؛ وإنما قد تقلب السين شينًا.

علاجها:

والعلاج يكمن في أن يدرب المصاب على التحكم في حركات لسانه في أوضاع مختلفة في داخل الفم وخارجه، ثم يتبع ذلك بالتدريب على نطق حرف السين، ويستعان على ذلك بمِرآة توضع أمامه في أثناء التدريب؛ حتى يقارن ما يقوم به الناس من حركات وما يقوم به هو في أثناء نطق الحروف ذاتها.

فيتبين له الفرق. ولا يؤتي هذا العلاج ثماره، إلا بعد إزالة كل تشويه في الأسنان.

وأخيرًا هناك مرض آخر يسمى باللجلجة؛ وهو عَيب كلامي شائع بين الأطفال والكبار، ومن أسبابه تحويل الطفل الأعسر الذي يكتب بيده اليمنى إلى الضغط عليه للكتابة بيده اليسرى، فيحدث هذا العيب الكلامي.

علاجها:

إما أن يكون علاجًا نفسيًّا عاديًّا، وإما أن يكون علاجًا كلاميًّا، وإما أن يكون بالأمرين معًا؛ فالعلاج النفسي يأخذ وسائلَ عدة بطريقة اللعب، أو بتحليل الصور، أو بالإقناع، أو مناقشة مشكلات المصاب باللجلجة مع شخصه ومع والديه ومع مدرسته إلى آخره.

أما العلاج الكلامي، فله وسائل من أهمها: تعليم الكلام من جديد، أو طريقة النطق بالمضغ، أو بالتمرينات الإيقاعية في الكلام.

حيث يقرأ المصاب أثناء مشيه بمعدل كلمة واحدة لكل خطوة، أو يقرأ المصاب -وهو يطرح ذراعه- بمعدل كلمة لكل دفعة، وهكذا.

error: النص محمي !!