Top
Image Alt

أهداف المنهج

  /  أهداف المنهج

أهداف المنهج

عناصر المنهج:

ويراد بالعناصر تلك المكونات الأساسية التي يتكون منها المنهج، ويتكون المنهج من أربعة عناصر أساسية وهي:

العنصر الأول: الأهداف التعليمية، ويطلق عليها البعض الغايات التعليمية، وهي عبارة عن الغايات أو التوقعات المرجوة التي سوف تحدث لدى الطلاب أو لدى التلاميذ بعد دراستهم للمنهج.

العنصر الثاني: المُحتوى: ويُترجم هذا المحتوى إلى مكونات من مفاهيم ومبادئ ومعارف، وقيمٍ واتجاهات وغيرها، ويُعدُّ المُحتوى ترجمة واضحة للأهداف التعليمية.

العُنصر الثّالث: طُرق واستراتيجيات التدريس؛ وهو يُرَكّز أساسًا على ما يحدث داخل القاعات وفصول الدراسة، ويُراد بطرق واستراتيجيات التدريس الأساليب، والوسائل اللازمة لتدريس وتقديم المحتوى للطلاب أو للمتعلمين.

والعنصر الرابع: تقويم المنهج: ويراد بالتقويم للمنهج التشخيص، والتحديد الدقيق لواقع تدريس المنهج، وكيفية علاج جوانب القصور التي قد تعتري المنهج، ويلي عملية تقويم المنهج هذه إعداد وتخطيط جديد لبناء المنهج مرة أخرى.

المكون الأول من مكونات وعناصر بناء المنهج وهو: أهداف المنهج:

حيث إنّ تحديد الأهداف التعليِمِيّة يُمَثّل خطوة مُهِمّة من خطوات تصميم وتخطيط وتطوير المناهج الدراسية، وتتطلب هذه الخطوة بالضرورة الإجابة عن عدد من الأسئلة من أهم هذه الأسئلة ما يلي:

ما المطلوب تحقيقه من المنهج على مستوى الدولة، أو المحافظة، أو المرحلة التعليمية؟ وما التغييرات السلوكية التي يستطيع التلاميذ القيام بها، بعد مرورهم بالخبرات التعليمية المتضمنة بالمنهج؟

وتتطلب هذه الخطوة تحديد واختيار الأهداف العريضة أو المرامي الواسعة، والأهداف العامة أو الأغراض، ثُمّ الأهداف الإجرائية للمنهج؛ فإذا كان القيام بعمل ما يتطلب أن يكون هذا العمل موجهًا نحو تحقيق أهدافٍ مُعينة؛ حتى لا يكون هذا العمل عرضة للانحراف والارتجال؛ مما قد يُسبب الخسارة في الوقت والمال والجهد.

فعلى مستوى الدولة والمحافظة والمراحل التعليمية لا بد أن يكون هناك أهداف يسعى المختصون إلى تحقيقها، من خلال المناهج الدراسية؛ فالمراحل التعليمية المختلفة لها مجموعة من الأهداف التربوية، تسعى إلى تحقيقها. وإلى ضرورة وجود هذه الأهداف وتَوَفُّرها فيمن يتخرجون في هذه المرحلة.

فهناك أهداف للمرحلة الابتدائية؛ تتناسب بالضرورة مع طبيعة التلاميذ في هذه المرحلة، كما أنّ هُناك أهداف للمرحلة الإعدادية، وكذلك هناك أهداف للمرحلة الثانوية، وأهدافٌ للمَرحلة الجامعية، بحيث تتكامل هذه الأهداف في النهاية؛ لتحقيق أهداف التربية بوجه عام، والتي تتمشى بالضرورة مع فلسفة وطبيعة وثقافة واحتياجات المجتمع.

لكنْ قد نجدُ أنّ المَرْحلة الابتدائية تهتم ببعض الأهداف؛ فتوليها عناية خاصة، وهكذا الحال في المراحل التعليمية المُختلفة، هذا الاهتمام يكون في ضوء عوامل منها: قدرات المتعلم ومُيوله، واستعداداته وحاجاته، وفي ضوء طبيعة المواد الدراسية.

وتجدر الإشارة إلى أن أهداف التربية يتم تحديدها في ضوء أهداف المجتمع، وبالتالي فإن أهداف المجتمع وأهداف التربية يتم في ضوئها تحديد الخطوط العريضة لأهداف المنهج.

وعملية تحديد الأهداف، ضرورية لعدة أسباب: فهي ضَرورية لاختيار الخبرات التعليمية المُناسبة، وضرورية لاختيار أوجه النشاط التعليمي، كما أنها ضرورية من أجل عملية التقويم الصحيح والسليم، والذي يعود بالضرورة على عملية إعادة بناء وصياغة المنهج من جديد.

ويدفعنا هذا إلى أن نتعرض لمفهوم الهدف التربوي؛ فالهدف التربوي تعبير عن غاية أو شيء نرغبه، ونسعى إلى تحقيقه؛ فهو غاية ومرمى ومقصد، نُريد أن نُحققه في مرحلة ما، وهو نوعٌ من السُّلوك الظّاهري الذي يُمكن قياسه وتقويمه؛ فقد يكون السلوك سلوك أداء حركي أو عقلي، عن طريق أداء مهارة معينة باستخدام جهاز معين، أو قد يكون كتابة تقرير عن موضوع معين، أو قد يكون الأداء عن طريق الحديث الشفوي.

وللهدف التربوي المُصاغ بطريقة جيدة بُعدان أساسيان: أحدهما: البعد السلوكي. والآخر: بعد المحتوى.

ويُمكن القول بأن غاية مناهج التعليم هي إحداث تغييرات في سلوك المتعلمين، وهذه التغييرات السُّلوكية يُمكن إجمالها في التصنيف التالي، الذي يشمل ثلاثة أقسام وهي:

القسم الأول: ويشمل استدعاء وفهم ما يلي:

  1. الحقائق النوعية والأحداث والرموز.
  2. طرق ووسائل التعامل مع الحقائق والأحداث والرموز.
  3. العموميات والتجريدات المتضمنة بالمجال.

القسم الثاني ويشمل ما يلي:

الشُّعور، الإحساس، العقائد، الاتجاهات، والقيم. ولا يَشتمل على شيء غير ذلك.

القسم الثالث: ويتضمن المهارات التالية:

  • المهارات العقلية.
  • المهارات الاجتماعية داخل الشخص الواحد، وتلك التي بين الأفراد كمجموعة.
  • المهارات النفسية الحركية.

وعلى هذا؛ فإنّ أهداف المناهج الدراسية لا تخرج عن كونها تُمَثّل جانبًا أو أكثر من الجوانب السالفة الذكر.

أهمية تحديد الأهداف التعليمية:

هناك أهمية كبيرة لتحديد الأهداف التعليمية، خاصة في ظل حركة التعلم الفردي، والتعلم الذاتي والتعلم للإتقان، والتعلم المبني على خطوات المتعلم وحده، وذلك في ضوء إحالة تمركز العملية التعليمية من المعلم إلى المتعلم؛ لذا يمكن القول: إن تحديد الأهداف التعليمية ضروري لاختيار كل من الخبرات التعليمية، وأوجه النشاط التعليمي، وأيضًا لإجراء التقويم السليم.

وفيما يلي نتناول كل من هذه الضروريات الثلاثة:

بالنسبة لتحديد الأهداف التربوية: ضروري لاختيار الخبرات التعليمية المناسبة حيث إن زيادة وتَشَعَّب المعرفة الإنسانية في شتى المجالات، فرض ضرورة الاختيار من بين ما توصل إليه الإنسان، وهذا الاختيار لا يَنْبَغي أن يتم بصورة عشوائية؛ بل يَتِمُّ في ضوء أهداف واضحة مُحددة، فلقد حَدَث تَزَايد معرفي متسارع في شتى الميادين؛ مِمّا أدى إلى تطور هذه الميادين بدرجة كبيرة، وبالتالي فرض هذا ضرورة الاختيار من بين ما توصل إليه الإنسان من معرفة جديدة وخبرات متعددة.

والخِبْرَةُ التعليمية لا تعني مُجرد المعلومات؛ فهي تشمل بالإضافة إلى هذا المهارات وطرق التفكير، والاتجاهات، والعادات، والميول والقيم؛ وعملية الاختيار الواجبة لا يمكن أن تتم بطريقة علمية منظمة، إلا في ضوء أهداف محددة واضحة، تتمثل في كل الجوانب الخبرة السابقة، كما أن مصادر اختيار خبرات التعلم لا ينبغي أن تَقْتَصِر على خبرات التعلم من التراث الإنساني، أي: خبرات الماضي، وما كَتَبه الأقدمون والسابقون في العصور الماضية، منذ أن كان للتربية تاريخ فحسب، بل يجبُ أنْ تَمْتَدّ عملية الاختيار إلى الحاضر وإلى المستقبل، وإلى توقعات العلماء والكتاب والمتخصصين في المجال.

فوظيفة التربية لا ينبغي أن تقتصر على مجرد نقل التراث والثقافة والمعرفة من جيل لآخر فحسب، بل هي عملية تشتمل على الإعداد للحاضر، والتنبؤ والتوقع للمستقبل أيضًا. من أجل إعداد مؤسسات التعليمية والمتعلمين والمجتمع، لمواجة هذا المستقبل بما فيه من تحديات وآمال وطموحات.

وفيما يرتبط بتحديد الأهداف، من حيثُ كَونِهِ ضرورة لاختيار أوجه النشاط التعليمي المُناسبة؛ حيث إنه يتوقف النشاط التعليمي الذي يستخدمه ويقوم به المعلم، في تدريسه على الهدف الذي يرجو تحقيقه؛ فإذا كان ضمن أهدافه مثلًا: إكساب التلاميذ مهارات وطرق تفكير واتجاهات معينة؛ فمما لا شَكّ فيه أن هذا سيساعده في اختيار أنواع الأنشطة التعليمية، التي تمكنه من تحقيق هذه الأهداف بتفاعله مع الموقف التعليمي، ومن ثم اكتسابه للخبرة.

ومن حيث تحديد الأهداف، وكونها ضرورية للتقويم السليم للمناهج؛ فإنّ التّقويم عملية تشخيصية علاجية وقائية، تَسْتَهْدِفُ تحسين عملية التعليم والتعلم؛ فعن طريق التقويم يُمكن التّعرف على مواطن القوة والضعف في العملية التعليمية؛ حيث يمكن إثراء نقاط القوة وعلاج نقاط الضعف؛ فإذا كانت هذه وظيفة التقويم؛ فلا بد من أن يكون هناك أساس تبنى عليه الأحكام.

ومن هنا كان وضوح الأهداف وتحديدها ضروري لتوجيه التقويم، فوضوح الأهداف وتحديدها سيحدد ما الذي ينبغي أن يقوم، وبأي وسيلة يمكن تقويمه.

معايير اختيار الأهداف التربوية:

لما كان تحديد الأهداف التربوية والتعليمية ضروريًّا، وكان ضرورة حتمية لأي عملية تعليمية؛ فإنّ هناك مجموعة من الأسس والمعايير والمبادئ، التي ينبغي ويجبُ أن تُراعى عند تحديد واختيار الأهداف التربوية، ويمكن إجمالها فيما يلي:

أن تستند هذه الأهداف التربوية إلى فلسفة تربوية اجتماعية سليمة، وأن تكون الأهداف التربوية واقعية وممكنة التحقيق، وأن تقوم الأهداف التربوية على أسس نفسية سليمة، وأن يشترك في تحديد الأهداف التربوية ويقتنع بها المتخصصون والمعنيون بها جميعًا، وأن تكون الأهداف التربوية سلوكية يمكن قياسها وتحقيقها في الواقع، وأن تكون الأهداف شاملة وفيما يلي نعرض لكل أساس من هذه الأسس بشيء من التفصيل:

الأساس الأول: وهو ضرورة أن تستند الأهداف الضرورية إلى فلسفة تربوية واجتماعية سلمية:

فينبغي أن تلتزم الأهداف بفلسفة المجتمع واحتياجاته؛ فالعلاقة المتبادلة بين الفرد والمجتمع، فإذا كان الاهتمام في المناهج ينصب على التلميذ، باعتبار أن المدرسة قد وُجدت من أجله؛ ففي نفس الوقت يجبُ الاهتمام بالمجتمع ككل، الذي يتكون من أجيال مُتعاقِبة تُخَرّجها هذه المدرسة، وإذا أردنا لمجتمعنا التقدم والنمو؛ فمِمّا لا شك فيه: أن العلم يعد هو الوسيلة الفعالة لتحقيق ذلك.

ومن أجل هذا ينبغي أن تتجه المناهج الدراسية في تحقيق أهداف تستند إلى فلسفة تربوية سليمة، تراعي كل من المجتمع بثقافته وظروفه وآماله، وكذلك تُراعي الدّارس، وهو الفرد المُتعلم بشخصيته وقدراته وحاجاته، واستعداداته وميوله، وما يُريد أن يصبو إليه، وما يريد أن يحققه ويصل إليه مستقبلًا.

الأساس الثاني: وهو يجب أن تكون الأهداف التعليمية واقعية وممكنة التحقيق، فاختيار الأهداف يجب أن يتم بحيث يمكن تحقيقها في الظروف الواقعية التي نعيشها، فليس من المعقول أن نتجاهل الواقع بمشكلاته وصعوباته، ونحدد أهدافًا نموذجية نسعى إلى تحقيقها، ولا يُمكن أنْ تَتحقّقَ على أرض الواقع.

ولهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد واختيار الأهداف: ظروف المدارس الواقعية، وإلا ما أمكن تحقيق الأهداف التي نرغبها ونسعى إلى تحقيقها، ولا يجب أن نختار أهدافًا اختارها الآخرون لمدارسهم، دون مراعاة هل يمكن تحقيق هذه الأهداف في مدارسنا أم ليس من الممكن؟ أو هل تتمشى هذه الأهداف مع فلسفتنا أم لا، وهل يسمح واقع مدارسنا بتحقيقها أم لا.

فما يَصْلُح في مَدَارس غيرنا من دول ومجتمعات، رُبّما لا يصلح في مدارسنا، وذلك لاختلاف واقعهم وثقافتهم، وإمكاناتهم عنا، لكن تجدر الإشارة ألا نستسلم لمشكلات وصعوبات، وما قد يفرضه علينا الأمر الواقع، بل يجب أن توضع أهداف تحفز العاملين في مجالات التدريس، وتتحَدّى تفكيرهم، وتُشجعهم على الابتكار، وتقودهم إلى البذل والعطاء من أجل تحقيقها.

الأساس الثالث: أنْ تقوم الأهداف على أسس نفسية سليمة فقَد أوضحت نظريات التّعلّم في ميدان علم النفس التعليمي الأسس النفسية السليمة لعملية التعلم، وما زالت الدراسات تستكشف المزيد عن طبيعة الإنسان، لهذا يجب أن تبنى الأهداف التربوية في ضوء هذه الأسس، وأن نتجنب مواطن الاختلاف الكائنة بين تلك النظريات، وأن تبنى الأهداف على أفكار التعلم الراسخة في ميدان علم النفس، والتي أصبح لا مجال للشك فيها نتيجة الدراسات العلمية الدقيقة في هذا المجال.

الأساس الرابع من أسس اختيار الأهداف التربوية: وهو أن يشترك في تحديد الأهداف المَعنِيّونَ جميعًا، وأنْ يقتنعوا بها تمامًا؛ فأهداف المناهج يجبُ أنْ يشترك في تحديدها واختيارها كل من يعنيه الأمر؛ كالتلاميذ وأولياء الأمور ومديرو المدارس، والموجهين والخبراء، والمتخصصين في المجالات التربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ فاقتناع كل من هذه الفئات بالأهداف يُسهم في تحقيقها.

ودَورُ وزارة التربية والتعليم كبير في تحديد هذه الأهداف، ولا يعني هذا أنها وحدها المسئولة عن عملية التحديد، فالمعلم هو الشخص الذي يُمكنه أن يُقَرّر إلى حد بعيد ما يحتاجه التلاميذ من خبرات ومحتوى دراسي، أما التلاميذ فليس لهم دور هام في تحديدها، إذ أنهم الوحيدون القادرون على تحديد ما يُشبع رغباتهم وحاجاتهم، واهتماماتهم.

كذلك المتخصصون في المجالات التربوية والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، لهم دور كبير في تحديد الأهداف، ولا يعني هذا أن الجميع متساوون في الدور الذي ينبغي أن يقوموا به، بل يختلف هذا الدور من فئة أخرى.

الأساس الخامس لاختيار الأهداف التربوية: أن تكون الأهداف سلوكية ويمكن قياسها، ويعني هذا أن يكون من الممكن ترجمة الأهداف إلى عمليات سلوكية، يمكن ملاحظتها، وتقويمها لدى التلاميذ؛ فإذا لم يكن من الممكن ترجمتها إلى عمليات سلوكية، فإنها في هذه الحالة يصعب قياسها، فالهدف المُصاغ بطريقة جيدة يجبُ أن يوضح الفعل السلوكي الذي يظهر لنا في أداء التلميذ.

فمثلًا القول بأن على التلميذ أن يذكر القانون الأول لـ”مندل” في الوراثة كما ورد في الكتاب المدرسي يوضح الفعل السلوكي، الذي يجب أن يفعله التلميذ، كذلك القول بأن على الطالب في الكلية الإسلامية أن يذكر الآيات الدالة على حكم شرعي معين، يُوضح كذلك الفعل السلوكي الذي يجب أن يفعله الطالب في هذا التوقيت.

وذلك على عكس ما إذا صيغ الهدف في صيغة أن يُدرك الطالب مسألة ما، أو موضوع ما؛ فإنّ الفِعل السُّلوكي المطلوب من الطالب في هذا الوقت غير واضح؛ لأنّ الإدراك شيء عقلي، يَصْعُب أن نتطلع عليه، أو أن نقيسه في الواقع بأدوات قياس واضحة.

الأساس السادس لاختيار الأهداف التربوية: أن تكون الأهداف شاملة: بمعنى أن تكون الأهداف التربوية شاملة لجميع جوانب الخبرة، التي يمكن أن توصلنا إلى ما نسعى إليه؛ فلا يَنْبَغي التركيز على جانب واحد فقط من المعلومات، ونترك الجوانب الأخرى، بل يجب الاهتمام أيضًا بالمهارات المُختلفة، وطُرق التفكير، والاتجاهات، والميول والقيم، والاهتمامات وغيرها.

error: النص محمي !!