Top
Image Alt

أهمية العلم والإيمان بالأسماء والصفات

  /  أهمية العلم والإيمان بالأسماء والصفات

أهمية العلم والإيمان بالأسماء والصفات

1. الإيمان بالله لا يتم إلا بالإيمان بالأسماء والصفات:

أ. بيان أن توحيد الأسماء والصفات من أقسام التوحيد الثلاثة.

ينقسم التوحيد إلى قسمين أيضًا وهو تقسيم صحيح:

  • قسم في المعرفة والإثبات، وهذا يجمع نوعي التوحيد الربوبية والأسماء والصفات.
  • وقسم في الإرادة والطلب، وهذا يكون في توحيد الألوهية.

فتوحيد الأسماء والصفات إذًا من أقسام التوحيد المعتبرة، ومن هنا يظهر وجوب الإيمان بالأسماء والصفات، وأنه يجب الإيمان بها؛ لأنها أحد أقسام التوحيد.

ب. أهمية العلم بالأسماء والصفات:

العلم بالأسماء والصفات أصلٌ للعلم بكل ما سواه، العلم بأسماء الله عز وجل أصل لكل علم، ذلك أن المعلومات غير الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين؛ الأول: المخلوقات التي أنشأها الله سبحانه وتعالى وكونها وأوجدها. والثاني: الأوامر التي أمره بها، وهي قسمان: الأمر الكوني الذي خلق به الخلق، والأمر الشرعي الديني، والله سبحانه وتعالى هو صاحب الخلق والأمر، قال عز وجل: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف:54] ومصدر الخلق والأمر عن أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى، وهما مرتبطان بالأسماء الحسنى ارتباط المقتضي بمقتضيه، فالأمر كله مصدره عن أسماء الله الحسنى، وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكليمهم بما أمرهم به.

فالعلم إذًا بأسماء الله سبحانه وتعالى وإحصاء هذه الأسماء، أصل لسائر العلوم، فمن أحصَى أسماء الله الحسنى وعرف صفات الله سبحانه وتعالى العلى يكون قد وقف على كل معلوم، بأن المعلومات هي من مقتضاها، وهي أيضًا مرتبطة بها. وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى، ولهذا لا تجد فيها خللًا ولا تفاوتًا؛ لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العد أو يفعله إما أن يكون لجهل به، أو لعدم حكمته، وأما الرب تعالى فهو الحكيم العليم، فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض. وقد أشار بشيء من التفصيل إلى ذلك أيضًا الإمام ابن القيم -رحمه الله.

2. تعظيم الله وتمجيده ودعاؤه بأسمائه وصفاته:

أ. فقه العبد لأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته، يزيد من إيمانه:

فقه العبد بالأسماء والصفات يزيد من إيمان العبد بالله سبحانه وتعالى لأن الإيمان -كما هو مقرر عند أهل السنة والجماعة- يزيد بالعلم والعمل، فكلما علم العبد عن الله وآياته شيئًا ازداد إيمانه، وكذلك أيضًا إذا استجاب العبد لما أمره الله به ازداد إيمانًا، وينقص الإيمان بنقص العلم والعمل.

وقد نص على ذلك القرآن الكريم، وبيان ذلك مثلًا في قول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة:124، 125] فالمؤمنون يصدقون بآيات الله المنزلة وما تضمنته من علوم وتشريعات، ثم هم يعزمون على الامتثال لما دعتهم إليه هذه الآيات، وهذا يزيد من إيمانهم؛ لأنهم علموا وعملوا، تعلموا وعملوا بهذا العلم، بخلاف المنافقين فإنها تزيدهم كفرًا بسبب تكذيبهم واستكبارهم عن الاستجابة لله سبحانه وتعالى.

وهذا نص من الله سبحانه وتعالى {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} زادتهم إيمانًا؛ لأنهم تعلموا وعملوا بهذا العلم واستجابوا له، بخلاف المستكبرين الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون. فالمؤمن إذًا، إذا تعلم وعمل وصدق بما جاء في التشريعات، يزيد إيمانه، ولا شك أن من أعظم ما جاءت به النصوص وبينته ما جاء في كتاب الله تعالى عن أسماء الله الحسنى وصفات الله سبحانه وتعالى العلى، فمَن آمَنَ بها وفقه معناها، وعمل بمقتضاها، فإن إيمانه يزداد زيادة عظيمة.

ب. أسماء الله وصفاته تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى:

قيل: العظيم من كثرت صفات كماله، العظيم الذي تكثر صفات الكمال بالنسبة له، وإذا كانت صفات الله وأسماؤه تدل العباد على عظمة الباري عز وجل وكماله وسؤدده، فإن أعظم سبيل يستطيع العباد سلوكه لتعظيم الله عز وجل وتقديسه وتمجيده ودعائه، هو معرفة أسماء الله الحسنى وصفات الله سبحانه وتعالى العلى، وقد أمرنا الحق عز وجل بدعائه بأسمائه الحسنى، كما جاء في بعض آيات القرآن الكريم، وذلك كقول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] وقال عز وجل: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110].

والدعاء في اللغة والحقيقة: هو الطلب. يعني: اطلبوا منه بأسمائه الحسنى، اطلبوا من الله عز وجل بأسماء الله الحسنى وصفات الله سبحانه وتعالى العلى.

واستطرادًا في القول نقول: بأن دعاء الله بأسمائه الحسنى له مرتبتان كما أشار إلى ذلك ابن القيم -رحمه الله:

المرتبة الأولى: دعاء ثناء وعبادة، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى به، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:41، 42].

وفي الحديث الذي يرويه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)).

المرتبة الثانية: دعاء طلب ومسألة، وأيضًا أمرنا الله سبحانه وتعالى بدعائه وأن نطلب منهعز وجل ووعد ربنا سبحانه وتعالى الإجابة على هذا الدعاء، قال عز وجل:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] ودعاء الله عز وجل وسؤال الله سبحانه وتعالى لا ينبغي أن يكون إلا بأسماء الله الحسنى وصفات الله سبحانه وتعالى العلى، وقد نبه العلماء إلى أن السائل ينبغي أن يتخير في كل سؤال الأسماءَ المناسبة للطلب الذي يطلبه، ومن تأمل أدعية الرسل وجَدَ ذلك مطابقًا غايةَ المطابقة.

ج. نماذج من تمجيد الله ودعائه بأسمائه وصفاته:

القرآن الكريم مليء وكذلك السنة النبوية المطهرة بالنصوص الكثيرة التي فيها تمجيد وثناء على الله عز وجل وتعظيم له سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، كما فيها دعاء وسؤال الله عز وجل من هذه النصوص مثلًا في القرآن الكريم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام:1].

كذلك أيضًا:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1]، أيضًا قول الله سبحانه وتعالى:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم:17، 18].

ومنها قول الله عز وجل: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [المُلك:1- 3] كل هذا تمجيد وثناء على الله عز وجل بذكر أسماء الله الحسنى وصفات الله العلى، ودعاء الله بأسمائه وصفاته، وما إلى ذلك من خلال القرآن الكريم.

كذلك أيضًا السنة النبوية المطهرة مليئة بدعاء الله سبحانه وتعالى وتمجيده والثناء عليه، والطلب منه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ومن ذلك ما جاء في دعاء النبيصلى الله عليه وسلم: ((اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام))، وهذا الحديث رواه أبو داود والنسائي.

ومنه أيضًا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده لربه في الليل، لما كان يقوم ويقف بين يدي رب العزة والجلال، كان يتوسل إلى الله، ويتقرب إليه بذكر شيء من أسماء الله الحسنى وصفات الله العلى، مثنيًا بها على الله سبحانه، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن؛ ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن؛ أنت الحق ووعدك الحق))، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم)).

ما ذكرناه آنفًا نماذج من تمجيد الله سبحانه وتعالى من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولعل من أفضل ما يشار إليه من الثناء على الله عز وجل بذكر شيء من أسماء الله الحسنى وصفات الله العلى، ما يعرف بحديث سيد الاستغفار الذي رواه البخاري في صحيحه، عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: مَن قالها من النهار موقنًا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة؛ ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة)).

error: النص محمي !!