أهمية تحليل الأخطاء، ومزاياه
إن هذا الاتجاه يعيننا على معرفة كثير من أسباب ارتكاب الأخطاء، علاوة على أهميته الكبرى في برامج تعليم اللغات الأجنبية، ومن أبرز مجالات الاستفادة من تحديد الأخطاء ما يلي:
أولًا: دراسة الأخطاء تزود الباحث بأدلة عن كيفية تعلم اللغة، أو باكتسابها، وكذلك الخطط، والأساليب التي يستخدمها الفرد لاكتساب اللغة.
ثانيًا: دراسة الأخطاء تفيد في إعداد المواد التعليمية، فيمكن تصميم المواد التعليمية المناسبة للناطقين بكل لغة في ضوء ما تنتهي إليه دراسات الأخطاء الخاصة به.
ثالثًا: دراسة الأخطاء تساعد في وضع المناهج المناسبة للدارسين، سواء من حيث تحديد الأهداف، أو اختيار المحتوى، أو طرق التدريس، أو أساليب التقويم.
رابعًا: دراسة الأخطاء تفتح الباب لدراسات أخرى؛ نستكشف من خلالها أسباب ضعف الدارسين في برامج تعليم اللغة الثانية، كما تسهم في اقتراح أساليب العلاج المناسبة.
وتسمى دراسة الأخطاء في أحاديث الطلاب، أو كتاباتهم بالتحليل البعدي؛ لأنها تصف ما حدث، وليس ما نتوقع حدوثه.
ولتحليل الأخطاء فوائد نظرية وأخرى عملية: فعلى الجانب النظري: يختبر تحليل الأخطاء نظرية علم اللغة النفسي في تأثير النقل من اللغة الأم.
فيثبت صحتها أو خطأها، وهو يعد عنصرًا مهما في دراسة تعلم اللغة، علاوة على أن تحليل الأخطاء يقدم إسهامًا طيبًا عن خصائص الكليات المشتركة في تعلم اللغة الأجنبية.
وأما على الجانب العملي: فإنه يعد عملًا مهما جدًا للمدرس، وهو عمل متواصل يساعده على تغيير طريقته، أو تطويع المادة، أو تعديد المحيط الذي يدرس فيه.
لكن أهميته الكبرى تكمن على المستوى الأعلى في التخطيط للمقررات الدراسية، والمقررات العلاجية، وإعادة التعليم، وتدريب المعلمين في أثناء العمل.
فمن جوانب القصور الشائعة في كتب تعليم اللغة العربية؛ بل والإنجليزية أيضًا: أنها تكاد تخلو من الأساليب التي يجب اتباعها لمعالجة الأخطاء، فالكتب تقتصر عادة على عرض قواعد اللغة، وأسلوب تدريسها للناطقين بلغات أخرى.
لذا فإن هذا الاتجاه يسهم في علاج مثل هذه الجوانب من القصور، وقد وجه إلى تحليل الأخطاء نقود تماما مثل ما وجه إلى التحليل التقابلي، ومن أبرز ما وجه إلى هذا الاتجاه من نقد: أن الدارسين يتحاشون عادة إظهار ضعفهم في الاستخدام اللغوي عند كتابة أو نطق لغة أجنبية.
وتصور دارسًا يتكلم العربية لغة أجنبية يكتب مقالًا بالعربية، إنه سوف يركز على ما يعرفه من تراكيب، مستعينا بما يعرفه من مفردات، تاركا بالطبع ما لا يعرفه، أو ما لا يجيد استخدامه.
ومن ثم، لا يستطيع تحديد صعوبات تعلم اللغة بشكل قاطع في ضوء الأخطاء التي يرتكبها الدارسون، فتحليل الأخطاء بناء على هذا لا يعطينا صورة منظمة، أو تصورًا واضحا للغة الدارس، فما يكتبه الدارس من مفردات أو تراكيب إنما هو مؤشر لما استطاع أن يكتسبه من اللغة، وليس مؤشرًا مطلقا لطريقته في استخدامها.
إن ما يكتبه مجرد عينة لما يستطيع أداءه، والعينة بلغة الإحصاء قد تشوبها شوائب تقلل من قيمتها، فقد تكون غير ممثلة تمثيلًا صادقًا للمجتمع الأصلي الذي صدرت عنه، من هنا اقترح بعض العلماء استثارة الطالب لاستخدام اللغة، والكشف عن قدرته الفعلية؛ ليستطيع بدقة وبشكل منظم أن يستثير أخطاءه.
على أية حال، فإنه ينبغي أن ينظر لمزايا وعيوب كل أسلوب من هذه الأساليب، فإن تحليل الأخطاء ما زال منهجًا صالحًا للمعاونة في استكشاف أخطاء الدارسين.
ولعل المحظور الوحيد يكمن في الاعتماد عليه وحده عند تشخيص حالة الطلاب، أو إعداد مواد تعليمية لهم، فالانطلاق في مثل هذه الأمور من نتائج استخدام أسلوب تقويمي واحد يضر أكثر مما ينفع.
كما لا ينبغي أن يكون تحليل الأخطاء وحده سند المؤلفين في إعداد المواد التعليمية، إذ يقتصر الأمر في هذه الحالة على تقديم برامج للبرامج العلاجية من أجل أن تكون تنمية لغوية حقيقية.