Top
Image Alt

أهمية تخطيط المنهج المدرسي

  /  أهمية تخطيط المنهج المدرسي

أهمية تخطيط المنهج المدرسي

تخطيط المنهج المدرسي يمكن تعريفه بأنه عملية تنظيمية، يتم على أساسها اختيار الخبرات، والأنشطة التي سيتم تقديمها للمتعلم داخل المدرسة أو خارجها، كما سيتم تنظيمها بشكل يوضح كيفية تنفيذها وتقويمها أيضًا، وتعد عملية تخطيط التدريس أسلوب علمي يتم بمقتضاه اتخاذ التدابير العلمية لتحقيق أهداف معينة ومستقبلية، وتعد عملية تخطيط المنهج المدرسي بمثابة هندسة وتصميم لهذا المنهج، وذلك لأن عملية إعداد المناهج والدروس التعليمية تتخذ في شكلها وطبيعتها عملية البناء والتكوين، ولذلك فإن النظام التربوي له ثلاث وظائف رئيسة عند اعتبار تخطيط المنهج المدرسي؛ وهي أن ينتج منهجا كخطوة أولى، وأن ينفذ منهجا كخطوة ثانية، وأن يقيم هذا المنهج وفعالياته ونظامه وقوته وتأثيره كنقطة ثالثة.

وتعد عملية تخطيط وبناء المنهج عملية ضرورية؛ وذلك حتى يمكن استخدام وتوظيف هذه المناهج بشكل فاعل في المدارس والمؤسسات التعليمية، ويمثل مديرو المدارس وموجهو المناهج المهندسين الرئيسيين في عملية البناء والتخطيط للمناهج والدروس، في المدارس والمؤسسات التعليمية، ويمكن أن يساعد هؤلاء الأفراد أي مستشارين آخرين من خارج النظام المدرسي، يشاركون في عملية صناعة وتخطيط وبناء المنهج، وهناك طريقة مناسبة للمنظرين والممارسين كي يحددوا طريقة أو نظام المنهج وأدواره المحددة سلفا، وكذلك وضع هذا المنهج بين مصفوفة المناهج الأخرى داخل المؤسسة التعليمية، وتعتبر أنظمة التعليم المدرسي مجموعة تكوينات إجرائية تفسر خاصية التعليم المدرسي، والتي لها سمات داخلية يمكن تحديدها ويمكن توضيحها وتوضيح العلاقات بينها.

ولذلك فإن المنهج له مجموعة من المحددات والأسس، التي ينبغي اعتبارها عند بناء المنهج وتكوينه، إذ إن الغرض العام من تخطيط وإعداد المنهج المدرسي: هو إعطاء أو تصميم إطار لتحديد ما يجب أن يدرس في هذا المنهج، وكيفية توظيفه واستخدامه وكافة الوسائل والمعينات والظروف وطرق التدريس الملائمة لذلك، فكل مدرسة أو كل منطقة تعليمية أو كل بيئة تعليمية يمكن أن يكون لها المنهج الخاص بها، ففي كثير من المدارس والأحياء يكون التنظيم للمنهج خفيا أو غير مرئي، وأحيانا يكون هذا المنهج مرئيًّا ومعلنًا وواضحًا، وهناك مجموعة من الاعتبارات ينبغي تحديدها عند تخطيط المنهج المدرسي، وهي الأمور الثلاثة الخاصة بإنتاج أي منتج أو بناء أي شيء جديد وهي: البيانات أو المدخلات وكذلك العمليات وأخيرًا المخرجات، والتي ينتج عنها في النهاية المنهج بصورته، التي يتم تطبيقها داخل المدرسة في الواقع الفعلي.

وفيما يرتبط بالبيانات أو المدخلات: فإن وظيفة البيانات أو المدخلات هو إعطاء الطاقة للمحتوى والعمليات، التي يمكن تضمينها واعتمادها والارتكاز عليها في بناء المنهج، وتحديد الأسس التربوية وسمات المجتمع والشخصيات، والخبرات والمعارف البشرية المتراكمة والمصنفة في التخصصات، والمواد الدراسية الأخرى والقيم الاجتماعية والثقافية المناسبة، وهناك الكثير من الفئات التي ترتبط ببيانات المدخلات، كما أن احتياجات واهتمامات المتعلمين يمكن اعتبارها أيضًا من البيانات الخاصة بالمدخلات.

فبيانات المدخلات تشكل مصادر سلطة أو خطوط، ترشد واضعي ومصممي ومخططي المناهج لاعتبار عدة أمور في تصميم وتخطيط المنهج، وتعد مصادر للأفكار الجديدة وطرق عامة للسلوك في تنفيذ وظائف المنهج، فوظائف المنهج يمكن تنفيذها على مستوى بقاء أو حفظ الأمور الخاصة بعملية إعداد المنهج، وبعملية ضمان سلامة محتوى المنهج علميًّا وفكريًّا، وضمان أن يشتمل المنهج أيضًا على مجموعة من القيم التي تعد ضرورية للمتعلمين، وفيما يرتبط بمحتوى وعمليات المنهج فإن أي نظام لا بد أن يمر بعدة عمليات لإنتاجه وإنشائه، وأي تصميم أو بناء مبنى مثلا لا بد أنه يمر بعدة عمليات، هي التي تتم في مرحلة البناء والتنفيذ الفعلي، ولذا ينبغي تحديد المكان والمسرح والمناخ والبيئة التي سوف يتم فيها تنفيذ المنهج وإعداده، وكم العاملين به ووقت الإعداد والمراجع والمصادر والأساليب المتبعة، وعمليات الكتابة والمراجعة إلى غير ذلك.

أما المخرجات فهي التي تمثل المنهج في صورته الجديدة، ولذلك تكون المخرجات انعكاسا تاما وكاملا لما تم فعله وتنفيذه في عملية المدخلات ومرحلة العمليات، ولذلك فإن هناك تاريخا طويلا في عملية تخطيط المناهج، وإذا نظرنا إلى العديد من واضعي المناهج نجد أن هناك مدارس مختلفة، في عملية تصميم وإعداد المنهج المدرسي، وهناك جهود فاعلة وعدة متغيرات رئيسة يجب اعتبارها أثناء التخطيط للمنهج المدرسي، وهي طبيعة المعلم واتجاهاته وخبراته ومدى تدريبه وأدائه، وطبيعة الطالب وجنس الطالب ومعامل الذكاء ومدى تحصيل هذا الطالب، ومدى قابليته للتعلم، كما أن النظام التعليمي كذلك يؤدي إلى توضيح الفروق والعلاقات بين بيانات المدخلات، وكذلك العمليات وكذلك المنتج.

فالنظام التعليمي لا بد أن يتواءم مع هذه الأمور الثلاثة، ولا بد أن يقوم القائمون على النظام التعليمي -أثناء عملية بناء وإعداد وتخطيط المنهج المدرسي- بإمداد واضعي المناهج بكافة المعلومات، التي تفيد في إعداد المنهج الجديد وتخطيطه، ولذلك تعد من أولى الخطوات لبناء وإعداد وتخطيط المنهج المدرسي: تحديد المجالات المختلفة لأنشطة المنهج، وذلك يتسم بعملية الدقة والتحديد والتوصيف الفعلي، لكل ما يتعلق بالتلاميذ والبيئة التعليمية والبيئة المحلية وطبيعة المجتمع والدولة، ففي الولايات المتحدة نجد أن التعليم الرسمي له وظيفة في الولايات المختلفة، وبالتالي فإن معظم الولايات بسلطاتها المختلفة تفرض سيطرة كاملة على المدارس المختلفة، وقد أدى هذا التصرف إلى السماح للسلطات العليا بوضع المسئولية في يد السلطات المحلية، بما فيها تطوير المنهج.

وكذلك فإن المهمة الأولى لعملية تخطيط المنهج Curriculum planning هي هندسة هذا المنهج، ووضع التفصيلات والتخطيطات والخريطة الكاملة للمنهج المدرسي الجديد، ولأن المنهج المدرسي يتم في الواقع من خلال عمليات متعددة ومتداخلة، تسمى في علم المنهج بالتصميم أو التخطيط والتطوير والتنفيذ والتقييم والتحسين أو التنقيح، فإن هناك اتجاهات عديدة للنظر إلى عملية تخطيط المنهج وتنظيمه، فلقد تطور مفهوم تخطيط المنهج وتنظيمه، فهو في مفهومه التقليدي عملية تتضمن وصف الأنماط السلوكية الكلية والنهائية، التي يستهدف التعليم تحقيقها، أما في مفهومه الحديث أو المعاصر فهو خطوة تمهيدية، يقوم من خلالها المختصون بوضع المواصفات والمعايير التطويرية والتنفيذية العديدة، التي تخص مكونات المنهج المقترح وتوضح العلاقات التي تربط بينها.

ولهذا يطلق البعض على هذه العملية تنظيم المنهج، والبعض يقول عنها تخطيط المنهج؛ لأنها عملية تتناول ترتيب العناصر المنهجية وتنسيقها معا وإظهار علاقاتها، ويفضل جماعة آخرون تسمية تصميم المنهج بالتخطيط؛ وذلك لأسباب رئيسة؛ منها: أن كلا من التصميم والتخطيط يرميان أو يهدفان إلى وضع خطة تنفيذية لمهمة محددة، يقصد بها هنا إعداد المنهج في صورته النهائية، كما أن كلا من التصميم والتخطيط خطوة تنبؤية لعمل ما سوف يحدث في المستقبل، كما أن التخطيط يعد أكثر شمولا وعملية من التصميم، وأكثر قدرة على استيعاب كافة العمليات التي تستلزمها صناعة المنهج، ولذلك فإن نجاح المنهج أو فشله يتوقف بدرجة كبيرة على ما تم من عمليات وخطوات أثناء تصميم وتخطيط وتطوير المنهج، فالتصميم الجيد والتخطيط الدقيق والتطوير الشامل كلها عوامل تكفل نجاح المنهج.

ويعد تصميم المنهج الإطار المرجعي لتخطيط المنهج وتطويره، فتصميم المنهج يعني الإطار الفكري الذي يتم فيه وضع تصور لترتيب عناصر المنهج ومشتملاته في كيان واحد متسق ومتآلف، بحيث يؤدي تنفيذه إلى تحقيق الأهداف المرجوة من المنهج، فتحديد وصياغة الأهداف التعليمية وتنظيم المحتوى في صورة توضح الخطوات -التي يمكن اتباعها خلال دراسته- هو جوهر تصميم المنهج، فمصمم ومخطط المنهج مثله تماما مثل المهندس المعماري، الذي يصمم مبنى معينا وفق رغبات معينة للمالك لهذا المبنى، وهذا التصميم يتأثر بدرجة كبيرة بالنمط الخاص بالمصمم سواء مصمم المنهج أو مصمم المبنى، فالمنتَج -سواء كان منهجًا أو مبنى- سوف يتأثر برؤية وفلسفة المصمم ومعتقداته وقيمه، أما مفهوم تخطيط المنهج فهو يعني إعداد خطة مفصلة ببناء المنهج، والتي تتطلب بالضرورة تحديد أهداف المنهج ومحتواه وأنشطته، وخبراته وطرق ومداخل واستراتيجيات تدريسه ومواده وأدواته ووسائله، التي يتم استخدامها عند التنفيذ وأساليب تقويمه وطرق متابعته.

ويتم تخطيط المنهج في ضوء تصميم معين يتم الاتفاق عليه، وهو يتحدد عادة في شكل وثيقة هي وثيقة المنهج، وتكون في شكل كتاب للمتعلم ودليل للمعلم، أما عملية تطوير المنهج فهي أشمل وأعم من عملية التصميم وعملية التخطيط، وذلك لأنها تشمل أسس بناء المنهج وتنفيذه ومتابعته، إضافة إلى تصميمه وتخطيطه، فتطوير المنهج يعني النمو الشامل للمنهج عبر مراحل معينة، منذ أن يكون مجرد فكرة إلى أن يصبح حقيقة واقعة في الميدان، يتم تنفيذه وتقويمه ومتابعته، وتطوير المنهج يشمل تحديد النظرية الفلسفية التي يتبناها مطور المنهج، والنموذج أو النماذج التنظيرية التي يستند عليها، واستراتيجية التنفيذ التي يعتمد عليها هل هي مركزية أم لا مركزية؟ فعند تبني نماذج تنظيرية تعكس الفلسفة التقليدية، فإن الاعتماد في تنفيذ المنهج في هذه الحالة يخضع للاستراتيجية المركزية، وعند تبني نماذج تنظيرية تعكس الفلسفة التقدمية، فإن الاعتماد في تنفيذ المنهج يخضع للاستراتيجية اللامركزية.

ويتضح من هذا أن تصميم وتخطيط وتطوير المنهج يتأثر -بدرجة كبيرة- بالتوجهات الفكرية للقائمين بهذه العملية وبقيمهم ومعتقداتهم، كما يتأثر أيضًا بنظرتهم إلى المجتمع، وهناك عدة متطلبات عامة لعملية تصميم وتخطيط وتطوير المناهج الدراسية، فعند القيام بتصميم وتخطيط المناهج الدراسية وتطويرها يجب توافر عدة متطلبات عامة، يمكن إيجازها فيما يلي:

المتطلب الأول: تحديد واختيار النظرية الفلسفية، والنموذج التنظيري الذي يتبناه المنهج، والاستراتيجية التي يتبعها في تنفيذه.

المطلب الثاني: تحديد عناصر المنهج التي سيشملها. مثل: الأهداف والمحتوى والأنشطة والخبرات التي نسعى لإكسابها للتلاميذ، ثم تحديد أساليب التقويم المناسبة.

المطلب الثالث: تحديد العلاقات التي تربط بين عناصر المنهج المختلفة. المطلب الرابع: تحديد المتطلبات الإدارية المتمثلة في الإجراءات والظروف اللازمة، لتنفيذ المنهج وتقويمه وتحسينه.

error: النص محمي !!