أهم آداب الإجارة
الإجارة لها آداب شرعية، بعضها يتعلق بالأجير وبعضها يتعلق بالمؤجر نفسه، وهي منبثقة مما حث عليه شرعنا الشريف:
أولًا: “بالنسبة للأجير”: إذا كان الأجير شخصًا، سواء أكان هذا الشخص أجيرًا مشتركًا أو أجيرًا خاصًّا، يجب أن يكون:
1.أمينًا، والأمانة، تعني: القوة، وتعني الخبرة، والقدرة والكفاءة على القيام بهذا العمل؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} [الكهف: 30]، والإنسان لا يستطيع أن يحسن أيَّ عمل إلا إذا كانت له به خبرة وكان لها متقنًا، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه))، وقال سيدنا يوسف عليه السلام لملك مصر: {اجْعَلْنِي عَلَىَ خَزَآئِنِ الأرْضِ إِنّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]؛ فذكر الأمانة والخبرة حيث قال: {حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.
والأمانة، بمعني: أن يحافظ على أسرار العمل، فلا يفشي أسرار العمل إذا كان أجيرًا خاصًّا أو أجيرًا مشتركًا، قال الله تعالى على لسان ابنة الرجل الصالح من أهل مدينن تقول لوالدها: {يَأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} [القصص: 26]، وذكرت المبررات والمسوغات لذلك، فقالت: {إِنّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيّ الأمِينُ} [القصص: 26]، و{الْقَوِيّ} هو صاحب الخبرة والكفاءة، و{الأمِينُ} هو الذي يحافظ على أسرار العمل ويؤديها بإخلاص، ويراقب الله سبحانه وتعالى في عمله.
2. أيضًا مما يجب على الأجير، ألا يتكبر على العمل عند من هو أدنى منه؛ لأن العمل في حد ذاته شرفٌ كبير، والعمل مع إخلاص النية لله يصير عبادة، وسيدنا علي رضي الله عنه عنه ثبت أنه عمل عند امرأة على نقل حجارة من مكان إلى مكان، أو سقي هذه الحجارة بالدلو، فكان يحمل الدلو ويسقي هذه الحجارة ومقابل كل دلو يأخذ تمره، ولما جمع التمر أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأخذ من تمره، وأكل صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذي يقول ما معناه: ((من أطيب الطعام أن يأكل الرجل من عمل يده))، يعني نتيجة عمل يده.
3. أيضًا مما ينبغي أن يتحلَّى بِهِ الأجير أن يعمل بالأعمال، والمهن الشريفة التي تفيد الناس، ويكون له فيها رفعة، إلا إذا اضطر، أو كانت حرفة أبيه، فينبغي على الإنسان أن يعلم أولاده الحرف النافعة الشريفة المفيدة، وكلما كانت الحرفة اختراع، أو عمل عقلي بجانب الإخلاص، والأمانة، والقوة، تكون أشرف؛ لأن الأعمال تتفاوت في كرمهِا وشرفها.
4. أيضًا ينبغي أن يتصدق بجزء من أجره كما كان يفعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أما المؤجر الذي يؤجر غيره فينبغي أن يتحلى بثلاث صفات:
1. أن يحذر كل الحذر من أكل أجرة الأجير، بل ينبغي أن يسارع بأدائها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه))، وقال: ((أنا خصم لثلاثة من الرجال))، وذكر منهم من يؤجر أجيرًا فيستوفي منه، ثم لا يعطيه أجره، وذكر في حديث الثلاثة الذين كانوا في الغار: أن أحدهم أكرمه الله بزحزحة الحجر عن فوهة الغار؛ لأنه حافظ على أجرة الأجير، ونماها حتى كانت غنمًا وبقرًا وإبلًا، فلما حضر أعطاه الجميع.
2. أيضًا ينبغي على المؤجر سواء كان يؤجر أجيرًا مشتركًا أو خاصًّا، ألا يكلفه من العمل ما لا يطيق، فإن كلفه بشيء مما لا يطيق أعانه على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إخوانكم خولكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليكسه مما يكتسي ولا تكلفونهم من العمل ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم))، يعني: عاونوهم.
3. أيضًا ينبغي أن يتحلى بشكر النعمة، بأن جعل الله إخوانه تحت يده، فيشكر الله على ذلك شكرًا عمليًّا، بأن يراعي حقوقهم، وأن يؤديها إليهم في وقتها