Top
Image Alt

أهم الكتب التي تعتمد على طريقة النظر في حال الحديث

  /  أهم الكتب التي تعتمد على طريقة النظر في حال الحديث

أهم الكتب التي تعتمد على طريقة النظر في حال الحديث

وإليكم التعريف بأهمّ الكتب التي وردت في هذه الطريقة، أي: في الطريقة التي يلاحظ الباحث فيها وصفًا خاصًّا في الحديث، سواء كان في السند أو في المتن.

أقول: الكتب التي تختص بالأحاديث الضعيفة والموضوعة سنعرّف ببعض كتبها:

ونبدأ بكتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة):

المؤلف: هو أبو الحسن علي بن علي بن عراق الكتاني الدمشقي.

مولده: ولد -رحمه الله تعالى- سنة 907 هجرية.

حياته: كان ابن عراق -رحمه الله تعالى- ذكيًّا فائقًا في الذكاء، قيل: إنه ابتدأ في حفظ القرآن الكريم وهو ابن خمس سنين، وقيل إنه أتم حفظه في سنتين -وكان رحمه الله تعالى- ذا قدم راسخة ومكانة عالية في علم الفقه والحديث والقراءات، برع في هذه الفنون، وله فيها مؤلفات قيمة.

مؤلفاته: لابن عراق الكتاني مؤلفات كثيرة، منها: (شرح صحيح مسلم)، ومنها هذا الكتاب الذي نتناوله الآن بالتعريف وهو كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)، وهذا الكتاب يدل على تبحّر الرجل وبراعته، وطول باعه في علم الحديث ونقد الرجال، يقول الأستاذ الشيخ عبد الوهاب بن عبد اللطيف في مقدمة الكتاب: “لو لم يكن لابن عراق إلّا كتابه هذا -(تنزيه الشريعة المرفوعة)- لكفى في رفعته وإمامته”.

وفاته: وبعد حياة حافلة بخدمة العلم عامة والسنة النبوية خاصة، وافته المَنية في المدينة المنورة -على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام- في سنة 963 هجرية، عن عمر يتجاوز الخامسة والخمسين، وكان رحمه الله آنئذ خطيبًا وإمامًا بالمدينة المنورة -رحمه الله رحمة واسعة-.

دراسة في الكتاب: كتاب (تنزيه الشريعة) مسبوق بكتابين كبيرين أُلِّفَا في نفس موضوع الكتاب، وهو الاهتمام بجمع الأحاديث المطعون في نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه  وسلم، وهما كتاب (الموضوعات الكبرى) لابن الجوزي، و(اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) للسيوطي، وهذا الكتاب أفضل من الكتابين السابقين؛ إذ استفاد ابن عراق من الكتابين، فجاء الكتاب سالمًا من النقد الذي وجّهه علماء الحديث لكلٍّ من الكتابين السابقين عليه.

ترتيب الكتاب: رتّب الإمام ابن عراق كتابه هذا على الموضوعات، فبدأ بكتاب التوحيد، وضمّه بكتاب الجامع، وقسّم كل كتاب من كتب الكتاب إلى ثلاثة فصول:

الفصل الأول: يتناول في هذا الفصل الأحاديث التي حَكَم بوضعها ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات)، ولم يخالف فيها.

الفصل الثاني: خصصه للأحاديث التي حكم ابن الجوزي بوضعها وتعوقِّب فيها، وثبت لابن عراق ولغيره من العلماء، أن هذه الأحاديث منها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، فابن الجوزي أسرف بعض الشيء في الحكم بالوضع.

الفصل الثالث: خصص ابن عراق الفصل الثالث من كل كتاب في كتاب تنزيه الشريعة لما زاده السيوطي في كتابه (اللآلئ المصنوعة) على ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات).

وكانت هذه طريقة المؤلف في كل الكتاب، اللهمّ إلّا كتاب المناقب، فإنه ذكر الفصول الثلاثة في كل باب من أبوابه، ويذكر ابن عراق عقِب كل حديث من أخرجه غالبًا، ونظرًا للتكرار، فحرصًا منه على الاختصار ما أمكن، استعمل الرموز كثيرًا، وفي مقدمة الكتاب بيِّن المراد من هذه الرموز التي استعملها بكثرة في الكتاب.

والإمام ابن عراق في كتابه هذا، يعتبر ابن الجوزي مصدرًا لهذا النوع من الأحاديث؛ إذ أنه إذا لم يقف على مصدر ابن الجوزي للحديث، ينسب الحديث لابن الجوزي، ولا يذكر كلام ابن الجوزي، وكذلك كلام الإمام السيوطي نصًّا، وإنما يذكر ملخصه، ولقد ذكر مقدمة في أول الكتاب أطال فيها وضمنها فوائد مهمة، وسرد فيها أسماء الوضاعين، والمتّهمين بالوضع، ورتبهم على حروف المعجم؛ بحيث إذا جاء أحدهم في إسناد حديث، اكتفى ببيان أن في إسناده فلانًا، تاركًا القارئ يعود إلى هذه المقدمة يبحث عن حال هذا الراوي.

ومَن يطّلع على هذه المقدمة، يتبيّن له أن مصدر هذا الكتاب:

1. كتاب (الضعفاء) لابن الجوزي.

2. كتاب (اللآلئ المصنوعة) للسيوطي.

فهذان الكتابان هما المصدر الأساسي لابن عراق في كتابه هذا (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة).

الرموز التي استعملها ابن عراق في كتابه:

نظرًا لتكرار أسماء الكتب التي هي مصادر الأحاديث المتكلّم فيها في هذا الكتاب، جعل ابن عراق رموزًا لهذه الكتب، وهذه عادة أغلب المؤلفين.

هذه الرموز التي استعملها هي: 1- عد لابن عدي، 2- حب لابن حبان، 3- عق للعقيلي، 4- فت لأبي الفتح الأزدي، 5- مر لابن مردويه، 6- طب للطبراني، 7- قط للدارقطني، 8- خط للخطيب البغدادي، 9- شا لابن شاهين، 10- نع لأبي نعيم، 11- حا للحاكم، 12- قا للجوزقاني، 13- كر لابن عساكر، 14- نجا لابن النجار، 15- مي للديلمي، 16- بخ لأبي الشيخ.

كيفية التخريج من هذا الكتاب -أي: كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة)-:

والكتاب مؤلّف على طريقة التبويب الموضوعي، فعلى الباحث أن ينظر في حديثه الذي توافرت فيه شروط الوضع أو الضعف، ويعرف موضوع حديثه، والكتاب الذي يناسب موضوع حديثه، والكتاب الذي يناسب وروده فيه، ثم يتصفح الكتاب المتوقع ورود الحديث فيه، فإذا كان الحديث من الأحاديث التي جاءت في هذا الكتاب فسيجد الباحث ابن عراق مخرجًا للحديث من مصادره، ثم يبين حاله، ويبيّن السبب في ضعف الحديث أو وضعه، ويذكر في ذلك كلام الأئمة السابقين، ثم يعقّب برأيه، ثم يذكر الراوي الأعلى للحديث، وآراء العلماء وحكمهم النهائي عليه، ولتوضيح ذلك إليك ما ذكره ابن عراق عن حديث: “لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد”، بعدما ذكر الحديث وضع بين قوسين (حب) ، ثم كتب من حديث عائشة، وفيه عمر بن راشد الجاري (تعقِّب) بأنه لم يتّهم بكذب، وقد وثقه العجلي وغيره، وروى له الترمذي وابن ماجه.

قلت: قوله: “لم يتهم بكذب” ممنوع، كما يعلم في المقدمة -والله أعلم- وللحديث طرق أخرى، فأخرجه الحاكم والدارقطني من حديث أبي هريرة رضي الله  عنه والدارقطني من حديث جابر بن عبد الله رضي الله  عنهما وأخرجه عبد الرزاق في (المصنّف)، والبيهقي في (السنن) من حديث علي موقوفًا بزيادة قبل، من جار المسجد قال: من سمع النداء.

قلت: وممن حكم على هذا الحديث بالوضع العلامة رضي الدين الصاغاني في جزئه الذي جمع فيه ما وقع في مسند الشهاب للقضاعي، من الأحاديث الموضوعة، ورده الحافظ أبو الفضل العراقي في جزء له تعقب فيه على الصاغاني، في أحاديث فقال: أخرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة، ثم قال: واعترض غير واحد من الحفاظ على الحاكم في تصحيحه بأن إسناده ضعيف، ثم قال: وإن كان فيه ضعف، فلا دليلَ على كونه موضوعًا.

انتهى والله تعالى أعلم”.

قال الشيخ عبد الله محمد الصديق محقق الكتاب قال: لشقيقنا السيد عبد العزيز الصدّيق جزء في تحسين هذا الحديث، وهذا الحديث موجود في كتاب (تنزيه الشريعة) الجزء الثالث ص99 وصفحة 100.

طبعات الكتاب:

ولقد تمَّ طبع الكتاب -أي: كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)- طبع والحمد لله كثيرًا، وهو منتشر ومشهور، وعنيت بطبعه ونشره مكتبة القاهرة، ثم قامت دار الكتب العلمية ببيروت بتصويره عن طبعة القاهرة، وجاء الكتاب في مجلدين، والكتاب المطبوع المنشور هذا حققه عالمان فاضلان، المرحوم الأستاذ الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، أستاذ الحديث وعلومه بكليتي الشريعة وأصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا، وفضيلة الأستاذ عبد الله محمد الصديق، من علماء الأزهر الشريف ومسجد القرويين بالمغرب، والمتخصص في علم الحديث والإسناد، جزاهما الله عن السنة المطهرة خير الجزاء.

ثمّ بعد ذلك ننتقل عن هذا الكتاب إلى الكتب التي تختص بالأحاديث المتواترة، منها: كتاب (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة)، فإذا لاحظ الباحث أنّ حديثه من الأحاديث المتواترة، فليرجع إلى هذا الكتاب، عنوانه: (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة)، المؤلف: الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

وصف الكتاب:

جمع السيوطي الأحاديث التي توفرت فيها شروط التواتر، ثم قام السيوطي بترتيب الأحاديث على ترتيب الأبواب الفقهية، وأطلق على الكتاب اسم (الفوائد المتكاثرة في الأخبارالمتواترة)، ثم اختصر الكتاب فحذف أسانيده، وذكر رواة الأحاديث من الصحابة، وذيّله بذكر من أخرجه من الأئمة، وسمى هذا المختصر (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة).

عدد أحاديث الكتاب: تضمّن كتاب السيوطي هذا 113 حديثًا.

كيفية التخريج من هذا الكتاب:

على الباحث إذا أراد أن يخرج من هذا الكتاب، أن يعرف موضوع حديثه الفقهي، وأن يعرف أولًا أن حديثه متواترًا، ثم يذهب إلى هذا الكتاب، وينطلق إلى الباب الفقهي في هذا الكتاب، الذي يتوقع أن يندرج الحديث الذي يريد تخريجه فيه، فإذا عثر عليه فليرجع إلى كتب السنة التي يشير إليها هذا الكتاب؛ إذ الكتاب يذكر الحديث المتواتر، ويقول: إنه في كتاب كذا وكذا وكذا، فعلى الباحث أن يرجع إلى هذه الكتب.

طبع الكتاب:

ظلّ هذا الكتاب محبوسًا في المكتبات مخطوطًا، لا يرجع إليه إلّا القليل، حتى يسر الله تعالى للقائمين على مجلة الأزهر الشريف بإعداد الكتاب ونشره، ووزّع هدية لمجلة الأزهر الشريف على عدد صفر سنة 1409 هجرية، وقدّم له وأتمّ ما رمز له من أحاديث وما اختصره فضيلة الشيخ أحمد حسن جابر رجب جزاه الله خيرًا.

error: النص محمي !!