Top
Image Alt

أولًا: رفعُ الحرج

  /  أولًا: رفعُ الحرج

أولًا: رفعُ الحرج

أسس التشريع الإسلامي في الدور الأول:

 لقد قام التشريع الإسلامي على أساس كبير، هو: مراعاة مصالح الناس، وذلك بدرء المفاسد والأضرار عنهم، وجلْب المصالح إليهم. وهذا الأصل جامع لجميع أحكام الشريعة؛ فإنك لا تجد حُكمًا من أحكام الإسلام، إلا وفيه جلْب لمصلحة، أو دفْع لمفسدة. وهذا مِن حيث الإجمال، أمّا مِن حيث التفصيل، فيمكن أن يقال: إنّ التشريع الإسلامي في دوْره الأول قد قام على أُسُس عِدّة، مِن أهمِّها ما يلي:

أولًا: رفعُ الحرَج:

“الحرج” في لغة العرب هو: الضِّيق. وليس المراد مِن رفع الحرج في الشريعة: أن تُرفَع كلّ مشقّة تواجه المكلَّف في أداء التكاليف الشرعية؛ فإنّ كل عبادة أو تكليف لا يخلو من مشقة، قلّتْ أو كثُرتْ.

فالمشقّة على نوعيْن:

مشقّة معتادة، فلا أثر لها في التخفيف عن المكلَّف.

ومشقّة غيْر معتادة، وهذه على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: مشقّة عظيمة، كتلَف نفْس أو عُضو، أو حدوث ضرر بالغ غير مُحتمَل؛ فهذه يحصل بها التَّخفيف.

والقسم الثاني: مشقّة خفيفة، كأدنى وجَع الضِّرس، أو وجَع رأس، أو ألَم خفيف في عضو، أو نحوه. فهذه لا أثر لها في التخفيف.

والقسم الثالث: مشقّة متوسّطة بيْن القسميْن السابقيْن: فما قرُب منها من القسم الأوّل أُلحقتْ به، وما قرب منها من القسم الثاني أُلحقت به.

هذا، وإنك تجد هذا الأصل الأصيل -وهو: رفع الحرج في التكاليف الشرعية- واضحًا لكل ذي رأي بصير. فلا تجد تكليفًا إلا وهو في متناول المكلَّف، يفعله بلا عسر ولا مشقّة.

الأدلّة على رفع الحرَج:

  1. قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مّنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6].
  2. قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
  3. قوله تعالى: {لاَ يُكَلّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
  4. قوله صلى الله عليه  وسلم لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري رضي الله  عنهما: ((يَسِّرا ولا تُعسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنفِّرا))، رواه البخاري.
  5. قوله صلى الله عليه  وسلم: ((إنّ الدِّين يُسْر، ولن يُشادّ الدِّين أحَد إلاّ غلَبَه؛ فسدِّدوا وقاربوا وأبْشِروا))، رواه البخاري.
  6. ما رواه البخاري، عن عائشة رضي الله  عنها ((أنه ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه  وسلم بيْن أمريْن إلاّ اختار أيسرَهما، ما لمْ يكُن إثمًا)).


أمثلة على رفْع الحرج عن هذه الأمّة:

منها: استعمال التّيمّم عند فقْد الماء.

ومنها: أداء الصلاة على الهيئة التي يقدر عليها المصلِّي: فمَن لم يستطع قائمًا فله القعود، ومَن لمْ يستطع قاعدًا فعلى جنب. وهكذا.

ومنها: الفطر في رمضان للمسافِر، والمريض.

ومنها: مشروعيّة مسْح الخفِّ لمشقّة نزْعه.

ومنها: مشروعيّة الطلاق، ومشروعية الرجعة، وتحديد عدد الطلاق فيها بألاّ يبلغ الثلاث.

مشروعية اللِّعان.

وغير ذلك ممّا يطول ذكْره مِن التخفيفات على المكلَّف.

error: النص محمي !!