من حيث طبيعة البحث: لا بد أن تعتمد الدراسة التاريخية على المادة المكتوبة بقدر ما تعتمد الدراسة الوصفية على المادة الكلامية للمتكلمين أحيانًا، كما أن الدراسة التاريخية تكشف أيضًا عن طبيعة التطور الذي حدث للغة وتفصح عن أبعاده وتُمدنا بأسراره لنقف على القوانين اللغوية التي تخضع لها اللغة.

فالدراسة التاريخية تجمع بين اللغة المتكلمة واللغة المسجلة المكتوبة، والمادة المكتوبة هي ما يجب أن تكون عليه اللغة، يعني: اللغة كانت هكذا ثم تطورت في اللغة المتكلمة أو اللغة المنطوقة.

عندنا لغة منطوقة، ولغة مكتوبة، والكلام يعبر عن اللغة، أما الكتابة فهي تعبير ثانوي عن اللغة.

 إذن تعتمد الدراسة التاريخية على اللغة المكتوبة واللغة المنطوقة؛ لنتعرف من خلال النصين -النص المكتوب، والكلام المنطوق- على ما حدث للغة من تطور عبر التاريخ من خلال الزمن.

وليس المنهج المقارن إلا امتدادًا للمنهج التاريخي في أعماق الماضي السحيق، فإذا أردنا أن نقارن بين النصوص القديمة والحديثة فلا بد أن نعتمد على المنهج التاريخي؛ ولذلك نقول: إن المنهج التاريخي له أهميته بالنسبة لعالم اللغة،… إلى آخره.

بينما تجمع الدراسة الوصفية المادة دون اختيار أو تفضيل تعبير على آخر، وذلك عكس الدراسة المعيارية التي تقوم بانتقاء المادة محل الدراسة، وانتخابها لتحظى بالقبول، وتحوز الرضا عند الطبقة المثقفة.

المنهج الوصفي عبارة عن أ، ب… الدراسات اللغوية؛ ولذلك عندما يصعب علينا التعليل نقول: خذ هذا على علاته، أو كما قال القدماء: أيا كذا خلقت.

فالمنهج الوصفي لا يعلل ولا يفسر، ولا يعترف بالبنية التحتية، ولا ينتقي نصًّا من النصوص. كما أن الدراسة الوصفية لا تفضل تعبيرًا على آخر؛ فالأساس في الدراسة الوصفية هو استعمال أسلوب بلهجة معينة، بلهجة القاهرة، بلهجة دمشق، بلهجة الحجاز، بلهجة موريتانيا، بلهجة الجزائر، بلهجة سوريا.

 والمنهج المعياري ينتقي النصوص من عصور الاحتجاج؛ من القرآن الكريم، من الشعر العربي الفصيح في عصور الاستشهاد – شعراء جاهليين، شعراء مخضرمين، شعراء صدر الإسلام؛ الذين اعترف بهم البعض- فالدراسة المعيارية تقوم بانتقاء المادة -محل الدراسة- وانتخابها، كما يميز الباحث في هذه الدراسة بين مستوى الصواب ومستوى الخطأ.