Top
Image Alt

الأساليب القديمة والحديثة لتطوير وتحديث المنهج

  /  الأساليب القديمة والحديثة لتطوير وتحديث المنهج

الأساليب القديمة والحديثة لتطوير وتحديث المنهج

فإن هناك علاقة بين بناء المناهج، وتطوير المناهج، وإعداد وتصميم المناهج، فكل تلك العمليات ترتبط بالوصول في النهاية إلى مخرج واحد، وهو المنهج الكامل، وهو المنهج في صورته النهائية. ولا بد أن نميز بين التطوير والتغيير. فالتطوير: هو عملية تتم بخصوص المنهج وليس مكونا من مكوناته يُقصد به النمو نحو الأفضل فقط، و التغيير يمكن أن يكون للأفضل والأسوأ، أما التطوير فهو دائمًا يكون للأفضل. وهناك دواع ومبررات وأسباب تدعو إلى ضرورة تطوير المنهج، من هذه الأسباب:

قصور وسوء المناهج الحالية، وأيضًا التغيرات التي طرأت على التلميذ، والبيئة، والمجتمع، والاتجاهات العالمية، والمعرفة، والعلوم التربوية. وقد يحدث التحسين نتيجة التنبؤ بحاجات واتجاهات الفرد والمجتمع، فعن طريق التقدم العلمي يمكن التنبؤ باحتياجات ومطالب المستقبل. وكذلك من دواعي تطوير المنهج: المقارنة بأنظمة عالمية أكثر تقدمًا، فالدول النامية يكون لها نُظم تعليمية، بالضرورة تتأخر قليلا، أو شيئًا ما عن الدول المتقدمة، ولذلك يجب المقارنة بين النظم والمناهج في الدول النامية والدول المتقدمة. وعلى مناهج الدول النامية أن تعمل في سبيل تطوير وتحسين مناهجها الدراسية؛ بغية السير في ركاب تلك الدول واللحاق بها. وهناك العديد من أساليب التحسين التي يمكن اتباعها، والتي يمكن أن تُصنف إلى نوعين من أساليب التطوير، وهي: قديمة وحديثة.

أولًا: أساليب التطوير القديمة:

أساليب التطوير القديمة تعني: التطوير عن طريق الحذف، أو الإضافة، أو الاستبدال. فهذا أحد أساليب التطوير، مثل: حذف جزء من المادة الدراسية، ويُسمى حذفا جزئيًّا. أو حذف بعض المواد بأكملها، وقد يتم هذا الحذف لصعوبة هذا الجزء، أو قد يتم حذف مادة بأكملها لعدم الحاجة إليها.

النوع الثاني من أساليب التطوير القديمة: تطوير الكتب، وطرق التدريس، والوسائل التعليمية؛ حيث كان التطوير يركز على جانب واحد فقط من تلك الجوانب دون الاهتمام بالجوانب الأخرى، مثل: تحسين طرق التدريس بمعزل عن الوسائل التعليمية وعن محتوى الكتاب. وفي مجال طرق التدريس، كان يركز التحسين على طريقة التدريس التي توصل أكبر قدر من المعلومات للتلاميذ، وفي مجال الوسائل التعليمية كان التركيز يتجه نحو تحسين الوسائل التقليدية، وتطويرها إلى وسائل أكثر دقة وحداثة. 

وهناك أيضًا، الأسلوب الثالث من أساليب التطوير القديمة، وهو تحسين أو تطوير الامتحانات؛ حيث اتجهت أنظار المختصين إلى تنويع الامتحانات، بدلا من التركيز على الاختبارات المقالية، ولم يقتصر التحسين على الوقوف عند هذا الحد، بل اتجه إلى استخدام أساليب لتقويم الجوانب المهارية والانفعالية كبطاقات الملاحظة، والمقاييس النفسية، وإضافة إلى ذلك الاختبارات التي تقيس الجانب التحصيلي للتلميذ.

وأيضًا من بين تلك الأساليب القديمة: تعديل التنظيمات المنهجية وتطويرها؛ فالتحسين والتطوير يمكن أن يشمل أيضًا التنظيم المنهجي المعمول به، ويكون ذلك بهدف الوصول إلى تنظيم منهجي جديد، يتمشى مع الاتجاهات التربوية الحديثة. ولعل المستعرض للتنظيمات المنهجية المختلفة يمكن أن يتبين له أن عملية التحسين كانت مستمرة في هذا المجال؛ مما ترتب عليه ظهور عدد من التنظيمات المنهجية، جاء كل واحد منها ليتلافى عيوب التنظيم الذي سبقه، فبعد منهج المواد الدراسية المنفصلة جاء منهج المواد الدراسية المترابطة، وبعده جاء منهج المواد الدراسية المندمجة أو المدمجة، ثم جاء منهج المجالات الواسعة الذي أدى بدوره إلى ظهور الوحدات الدراسية، ثم جاء منهج النشاط حيث بزوغ فجر جديد في مجال التربية الحديثة باعتبار التلميذ محور العملية التعليمية، وجاء دور المعلم موجهًا ومرشدًا للتلميذ وليس ملقنًا للمعلومات، ثم جاء تنظيم منهجي جديد لم يهتم فقط بالتلميذ، بل ركز أيضًا على المجتمع وعلى مشكلات المجتمع، وعلى طموحات وحاجات هذا المجتمع، كما جاءت أيضًا تنظيمات منهجية إلكترونية يتم تقديمها من خلال الكمبيوتر أو الإنترنت وغيرها.

وهكذا يتضح أن التحديث يشتمل أيضًا على التنظيمات المنهجية ذاتها، وهناك خصائص ومميزات لأساليب التحسين القديمة، من أهمها: أنها تهتم بتحسين جزء من جوانب المنهج، وتهمل الجوانب الأخرى، فكانت تعالج كل جانب من جوانب المنهج على حدة دون ربطه بالجوانب الأخرى، وكانت تخضع للآراء الشخصية؛ وبهذا فهي بعيدة كل البعد عن التجريب والموضوعية، كما أنها لم تكن تخضع لخطة محددة؛ ولذا فكانت تتسم بالعشوائية والعفوية والارتجالية.

ثانيًا: الأساليب الحديثة لتطوير وتحسين وتحديث المنهج:

 أساليب التحسين القديمة كانت تركز على جزء واحد من جوانب العملية التعليمية، فهي إما تركز على الكتاب، أو على طريقة التدريس، أو على أساليب التقويم، أو على المعلم. ولهذا؛ فقد جاءت أساليب التحسين الحديثة لتتصف بالشمول الذي يعني: أن يكون التطوير شاملا لكافة جوانب المنهج والعوامل المؤثرة فيه. كذلك، فإن الأساليب الحديثة تركز على الإطار العام أكثر من التركيز على جزئيات هذا الإطار العام؛ لأن تحسين الإطار العام يستلزم بالطبع تحسين جزيئاته وتحسين أجزائه الدقيقة، وقد أدى هذا إلى ظهور نظم جديدة للتعليم، مثل: نظام الساعات المعتمدة، ونظام المدرسة الشاملة، وهي مدرسة بديلة للمدرسة الثانوية بكافة أنواعها، حيث يسعى هذا النظام إلى القضاء على الازدواجية في التعليم، مثل: المدارس الثانوية العامة، والتجارية، والصناعية، وما إلى ذلك. وبهذا المفهوم تكون هناك مدرسة واحدة ثانوية، لكنها تتمشى مع قدرات واستعدادات وميول كل التلاميذ، وبالتالي، فإن هذا يقضي على الازدواجية في هذا النوع من التعليم.

أسس التحسين:

تستند عملية التحسين على عدة أسس، يجب الالتزام بها، فإن التطوير بهدف التحسين، وبهدف الوصول إلى أقصى معيار من معايير الجودة لا بد أن يتم بطريقة مدروسة ومعدة مسبقًا، وفيما يلي بعض من الأسس التي تعتمد عليها عملية التحسين والتطوير:

الأساس الأول: وهو التخطيط؛ فالتطوير يتطلب وضع خطة شاملة لهذه العملية تتعرض لكافة الجوانب التي يتناولها التحسين، وتتطلب هذه العملية: توفير الإحصاءات الدقيقة والبيانات اللازمة، ويستلزم هذا وضع الخطة في صورة مراحل متتالية، كل مرحلة يُحدد لها أهدافها، والطرق اللازمة لها، والوسائل والزمن المحدد لها، على أن يتم تقويم كل مرحلة من تلك المراحل أولا بأول، حتى يمكن الوقوف على مدى النجاح في تحقيق تلك الأهداف، ويستلزم وضع الخطة السليمة التركيز على ما يلي:

أن يُراعى ترتيب الأولويات، الأشياء الأكثر أهمية فالأقل وهكذا، وأيضًا مراعاة الواقع والإمكانات المتاحة، والبعد عن الخيال، والأشياء التي يصعب أن يتم تحقيقها في الواقع، وأن تأخذ الخطة بمفهوم الشمول، والتكامل لكافة العوامل ذات الصلة بعملية التطوير والتحسين، وأن تستند الخطة على بيانات وإحصاءات دقيقة. كما تتصف هذه الخطة بالمرونة، وأن يكون هناك استعداد للتكيف مع الظروف الطارئة التي يمكن أن تعترضها أو تعتريها.

الأساس الثاني من أسس التطوير والتحسين: هو أن تستند عملية التحسين على دراسة علمية للتلميذ، والبيئة، والمجتمع، والاتجاهات العالمية، فيلزم التعرف على ميول وقدرات وحاجات التلاميذ، والعوامل المؤثرة في كل هذا. كذلك فإن دراسة العوامل التي تؤدي إلى زيادة تكيفهم مع بيئة المدرسة، ودراسة مصادر البيئة، وطرق استغلالها من الأمور الهامة عند القيام بالتحسين والتطوير. وأيضًا فإن التحسين لا بد أن يساير الاتجاهات العالمية، وخصائص العصر المتمثلة في التقدم العلمي السريع، والانفجار المعرفي والمعلوماتي، وعصر دقة التخصصات وعصر الماديات، وعصر التغير السريع.

الأساس الثالث: هو التجريب؛ فالتجريب يلعب دورًا أساسيًّا في تحسين المنهج على أسس علمية، فعن طريق التجريب يمكن إثبات صحة أو خطأ التطوير والتحسين، وأيضًا معرفة جوانب القوة والضعف في عملية التطوير والتحسين، وأيضًا يتيح الفرصة للتعرف على بعض المشكلات التي تواجه المسئول عن عملية التطوير والتحسين.

الأساس الرابع: الشمول، والتكامل، والتوازن؛ ويعني الشمول أن يتم تحسين كافة جوانب المنهج التي تحتاج إلى تطوير وتحسين وليس جانبا واحدًا فقط، كذلك فإن التطوير يجب أن يكون متكاملا؛ فكل جانب من جوانب المنهج مرتبط ارتباطًا وثيقًا بكافة الجوانب الأخرى، فالكتاب يحتاج إلى مدرس كفء يقوم بتدريسه، والمعلم يحتاج إلى طريقة مناسبة تساعده في تحقيق أهدافه. وللتأكد من تحقيق الأهداف نحتاج إلى أسلوب التقويم المناسب الذي يمكننا من ذلك، فلا بد من أن يكون هناك تكاملا بين كافة هذه الجوانب ليس هذا فقط، بل يجب أن يكون هناك تكاملا بين أجزاء ومكونات كل جانب على حدة، والتكامل بين الجانب النظري والجانب العملي، والتكامل بين طرق التدريس المختلفة التي يستخدمها المعلم والتكامل بين الوسائل التعليمية، أو وسائل التقويم المختلفة.

الأساس الخامس: من الأسس أيضًا التي تعتمد عليها عملية التطوير: التعاون؛ حيث يتطلب التطوير والتحسين التعاون بين كل الأطراف التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالعملية التعليمية، فكل من المعلم، والتلميذ، والموجه، ومدير المدرسة، والخبير، وولي الأمر، ورجل الاقتصاد، والمهندس، والطبيب، وعالم الدين، والسياسي، وغيرهم جميعًا، كل منهم له دور قد يختلف عن الآخر في هذه العملية. فكل منهم يُعطى الفرصة للتعبير عن رأيه في عملية التطوير والتحديث، فمثلا قد تتطلب عملية تحديث المنهج تعديل المباني المدرسية، ويتطلب هذا بعض الشروط الصحية، وهو دور الطبيب، وتحسين المبنى وتطويره يتطلب مواصفات خاصة في التخطيط والإنشاء، وهو دور المهندس وهكذا، ومن هنا، نلحظ أن هناك ترابطًا وتشابكًا وتعاونًا بين كافة المتخصصين في المجتمع من أجل إنجاح عملية التطوير، كما أن عملية التطوير لن تطال المنهج الدراسي، ولن تهتم بالمنهج الدراسي وحده إلا أنها تؤدي أيضًا إلى تطوير في كافة العناصر والأمور المحيطة بالمنهج.

الأساس السادس: الاستمرارية؛ فعملية التحسين ينبغي أن تكون عملية مستمرة، إلا أننا نرى أن المدة الزمنية التي تفصل بين عمليتين للتطوير ينبغي ألا تقل بحال عن ثلاث أو أربع سنوات؛ لأسباب كثيرة منها: أن تكون عملية التطوير اقتصادية، فليس من المعقول أن نكلف المؤسسات التعليمية تكاليف تحسين المناهج سنويًّا مثلا؛ فهي عملية تتطلب أموالا وجهودًا كبيرة لا قبل لتلك المؤسسات بها، كذلك فإن المنهج المُحسن والمطور يحتاج إلى فترة زمنية للاستقرار، ففي السنوات الأولى تظهر مشكلات التحسين والتطوير التي يمكن للمعلمين التغلب عليها تدريجيًا، ثم يستقر الأمر بعد ذلك، ونجني الثمار فيما تبقى في الفترة المقترحة، ويتيح هذا فرصة للمختصين لإصدار حكم على مدى فاعلية وفعالية المنهج الذي تم تطويره وتحسينه.

خطوات للتطوير والتحسين للمنهج:

فعند الإحساس بالحاجة للتطوير والتحسين، والتي قد تظهر نتيجة مجموعة من العوامل، منها: سوء نتائج الامتحانات، وهبوط مستوى الطلاب والمتخرجين، وشكوى المتخصصين والتلاميذ من المنهج، كما أفادت ذلك نتائج الدراسات والبحوث التقويمية في ميدان المناهج وطرق التدريس، يمكن أن نتبع عدة خطوات ومراحل محددة من أجل تطوير المنهج:

الخطوة الأولى: تحديد استراتيجية التطوير أو التحسين، ويتطلب هذا تشكيل مجلس قومي للتعليم يتولى حصر الأهداف التربوية، وتحديد السلم التعليمي، ورسم خطط التحسين أو التحديث.

الخطوة الثانية: هي دراسة الواقع الحالي في ضوء الاستراتيجية المرسومة والمحددة، فإجراء عملية تقويم شاملة لكافة جوانب العملية التعليمية أمر ضروري للتعرف على الواقع الحالي للمناهج، فإذا تبين أنها غير مناسبة للاستراتيجية المرسومة، فإن هذا يبين حجم العمل المطلوب حتى تتم عملية التحسين.

الخطوة الثالثة من خطوات تحسين وتطوير المنهج: فهي وضع خطط للتحسين والتطوير؛ ففي ضوء الاستراتيجية المُقترحة، وفي ضوء نتائج دراسة الواقع يتم وضع خطة منظمة لعملية التطوير والتحسين، وهذه الخطة يمكن أن تشتمل على ما يلي: تحديد الأهداف وترجمتها إلى مواقف تعليمية واضحة، بحيث يمكن أن يتبين لمن يقومون بعملية التخطيط الهدف التعليمي، وكيف يمكن تحويل هذا الهدف إلى موقف تعليمي واقعي داخل بيئة الصف الدراسي. وأيضًا تحديد الطرق وأساليب التدريس والوسائل التعليمية التي يمكن اتباعها أثناء عملية التدريس في بيئة الصف الواقعية. وكذلك اقتراح خطة لتجريب هذه المقترحات.

الخطوة الرابعة: هي التخطيط التفصيلي لجوانب المنهج المختلفة؛ ويتطلب هذا ما يلي: تحديد نوع التنظيم المنهجي الذي سيؤخذ به، وتحديد المقررات الدراسية، واقتراح طرق التدريس المناسبة، واقتراح الوسائل التعليمية التي يمكن أن تفيد في عملية التعلم، وتحديد أساليب التقويم المناسبة التي تتفق مع طبيعة وخصائص ومحتوى المنهج، وإعداد الكتب الدراسية، وأدلة المعلم، وكتب النشاط التي تتفق مع طبيعة المنهج. ويتطلب هذا بالضرورة اختيار مؤلفي الكتب، وتحديد محتوياتها، وتحديد مواصفات إخراج هذه الكتب، ثم تجريب الكتب بعد إعدادها، ومتابعتها بإجراء التعديلات اللازمة، وإعداد كتاب المعلم والكتيبات المصاحبة، وكذلك تخطيط برامج الخدمة الطلابية، وتخطيط برامج الأنشطة الطلابية، وربط المدرسة بالبيئة، ووضع خطة لتقويم التلاميذ.

الخطوة الخامسة: هي تجريب المنهج المقترح؛ حيث توضع خطة للتجريب وتُحدد العينة اللازمة لتجريب المنهج عليها، كما يتم توفير أساليب التقويم المناسبة، وتحليل النتائج التي يتم التوصل إليها، ومناقشة تلك النتائج وإعادة التجريب أكثر من مرة؛ للتأكد من صحة النتائج التي أمكن التوصل إليها، وعلاج جوانب الضعف.

الخطوة السادسة: وهي الاستعداد للتنفيذ؛ حيث يتطلب الاستعداد لتنفيذ المنهج توفير الأرصدة المالية اللازمة، وتجهيز الكتب الجديدة، والمدارس، وتدريب الموجهين على الطرق الحديثة اللازمة للتنفيذ، وإعداد أساليب التقويم المناسبة، وتهيئة الجميع للمنهج الجديد.

الخطوة السابعة: هي تنفيذ المنهج ومتابعته؛ حيث يتم اختيار الوقت المناسب للبدء في تنفيذ المنهج المُعدل، ثم متابعة التنفيذ بإدخال التعديلات المستمرة على جوانبه المختلفة، وإجراء الاستفتاءات المستمرة على التلاميذ، والمعلمين، والموجهين، والخبرات؛ للتعرف على آرائهم في المنهج، ودراسة التقارير الفنية للموجهين ومديري المدارس التي يتم بها التنفيذ، ومناقشة الآراء والنتائج التي تم التوصل إليها.

وبالضرورة، فإن المنهج الدراسي تعتريه بعض المشكلات التربوية، قد يكون بعض هذه المشكلات بسبب البيئة الخارجية، أو بسبب التطور في المجالات الأخرى، أو بسبب قصور أثناء إعداد هذا المنهج. فهناك أسباب كثيرة يمكن أن تكون وراء تخلف المنهج الدراسي، منها على سبيل المثال: أن المنهج لا بد أن تطرأ عليه بعض التغييرات والتطويرات نتيجة الظروف السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التي يعيشها المنهج، وهذا يؤكد على أن المنهج المدرسي مهما كانت مميزاته وقت بنائه، فإنه سيصبح منهجًا متخلفًا إذا لم يكن مرنًا، ويسمح بإدخال التعديلات التي تتطلبها حاجة المجتمع وظروفه، وبالتالي حاجة التلاميذ وطبيعتهم، وما يتم التوصل إليه من نتائج بحوث التربية وعلم النفس.

فالمنهج لا بد أن يكون قابلًا للتحسين بحيث يتمشى مع التغيرات الحادثة في المجتمع الذي ارتضاه كأداة لتربية أبنائه، أما إذا أصبح المنهج جامدًا؛ فسوف يؤدي ذلك إلى تخلف هذا المنهج. كما أن من أسباب تخلف المنهج الدراسي أيضًا: أن المعلم هو حجر الزاوية في العملية التربوية، فإذا لم يكن ملمًا بالمفهوم الحديث للمنهج، ولا يعلم أهدافه، ولم يكن مزودًا بطرق التدريس وأساليب التقويم المناسبة لتقويمه لأدى هذا إلى فشله في تحقيق أهدافه، وكل تلك العوامل تُعد من معوقات تطوير المنهج، أو من أسباب تخلف هذا المنهج أيضًا. المعوق الثالث، أو المشكلة الثالثة من مشكلات المنهج ومشكلات تطويره: مدير المدرسة والموجه؛ فقد يكونون أيضًا من أسباب تخلف المنهج المدرسي، فإذا كانت سمتهم الروتين وعدم الرغبة في التجديد، وحثهم المعلمين على اتباع طرق وأساليب تقليدية في التدريس أو التقويم وعدم تشجيعهم على اتباع الطرق الحديثة؛ فإن هذا سيؤدي بالمنهج المدرسي حتمًا ولا مناص إلى التخلف.

كما أن بعض أولياء الأمور يكون سببًا أيضًا من أسباب تخلف المنهج المدرسي، ومن معوقات تطوير هذا المنهج، فقد ينظرون نظرة ضيقة إلى عملية التعليم وقد يرى البعض منهم أن وظيفة المدرسة يجب أن تنصب على إتقان أبنائهم للمادة الدراسية، وبهذا فهم لا يرضون عن التعديلات التي تُجرى بين الحين والآخر على الكتب الدراسية، ولا يرضون عن تعدد الأنشطة التعليمية التي تنظمها المقررات الدراسية؛ بحجة أنها تستغرق وقتًا طويلا، وهم يرون أن هذا الوقت يجب أن يُصرف في إتقان المادة الدراسية، كل هذا يمكن أن يؤدي بالمنهج الدراسي إلى التخلف ويقف عائقًا ضمن عوائق تطوير هذا المنهج. كذلك فإن مؤلفي المنهج الدراسي قد يكونون هم السبب في تخلفه، إذا لم يكونوا من ذوي الخبرة، ومن غير المتخصصين، أو قد يكونون من المتخصصين حديثي العهد بالعمل في مجال التأليف والبحث؛ فليس لديهم الخبرة الكافية التي تمكنهم من القيام بهذا العمل.

أما المسئولون عن التعليم في أي قطر من الأقطار، وأي دولة من الدول يمكن أن يكونوا أيضًا هم أحد الأسباب في تخلف المنهج المدرسي، فقد يكونون من غير المتحمسين للتغيير أو التطوير اللازم، فما تعلموه وما ألفوه من خلال المنهج يروق لهم ويحلو لهم، فهم يرفضون تمامًا التخلي عنه بأي حال من الأحوال. كذلك، يمكن أن يؤدي التطوير والتحسين للمنهج الذي لم يُبن على خطة علمية سليمة إلى تخلف المنهج المدرسي وفشله، فهناك خطوات معينة يجب اتباعها عند التحسين، وهناك أساليب لعلاج تخلف المنهج المدرسي. وبالتالي، فإن هذه الأساليب تؤدي إلى التغلب على أسباب ومعوقات تطوير المنهج؛ ولهذا فإن الأساليب التالية يمكن أن تساعد في تطوير المنهج المدرسي، وتعمل على عدم تخلفه، ومن هذه الأساليب ما يلي:

تحسين المنهج المدرسي بما يتمشى مع التطورات الحديثة في الميادين المختلفة، ويتمشى مع ظروف المجتمع وحاجاته، وأيضًا من هذه الأساليب عقد الدورات التدريبية أثناء الخدمة لكل من المعلم، ومدير المدرسة، والموجه للتعرف على الجديد في الميدان، وتزويدهم بالخبرات والطرق الحديثة على أن تُنفذ هذه الدورات تحت مسؤولية ورعاية المختصين في هذا المجال. وكذلك أن يُعهد إلى المتخصصين في مجال تأليف وبناء المناهج الدراسية بإعداد المنهج الدراسي سواء للمدرسة الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية أو غيرها. كما ينبغي أن يكون المتخصصون من ذوي الخبرة؛ حتى نضمن للمنهج توفر فرص النجاح اللازمة. كما يجب أيضًا اتباع استراتيجية علمية في التخطيط والتنفيذ والتقويم للمناهج الدراسية. وكذلك اتباع استراتيجية مخطط لها عند تحسين هذه المناهج. وينبغي أيضًا تشجيع المعلمين على اتباع الطرق، والأساليب الحديثة التي تتناسب مع طبيعة تلاميذهم وإمكاناتهم، وإمكانات مدارسهم أيضًا.

من أساليب علاج القصور، وعوائق تطوير المنهج: أن يستمد المعلمون من البيئة المحلية وسائلهم للتدريس والتطبيق، وأن تنال المكتبة المدرسية العناية بتوفير المراجع والكتب والأثاث اللازم لها، حتى تكون جاهزة لمساعدة التلاميذ على دراسة المنهج، كما ينبغي تزويد المدرسة بالوسائل التعليمية، والمعامل المتخصصة اللازمة لتنفيذ المنهج المدرسي، والتي تساعد في علاج مشكلة الفروق الفردية بين التلاميذ، وتساعد التلاميذ على التمشي، وعلى الاستيعاب الكامل والتام لمحتوى المنهج.

error: النص محمي !!