Top
Image Alt

الأسباب التي أدت إلى تكوُّن اللهجات العربية

  /  الأسباب التي أدت إلى تكوُّن اللهجات العربية

الأسباب التي أدت إلى تكوُّن اللهجات العربية

هذا ويمكن أن نجمل الأسباب التي أدت إلى تكوُّن اللهجات العربية في: العزلة والاختلاط بغير العرب.

السبب الأول: العزلة:

هذه العزلة تكون سببًا في نشأة اللهجات، وأيضًا العزلة تكون سببًا في وحدة اللغة، كيف تكون العزلة سببًا من أسباب نشأة اللهجات أو انقسام اللغة إلى لهجات، وكيف يكون الاختلاط سببًا في انقسام اللغة إلى لهجات؟ والعزلة عكس الاختلاط.

نقول في انقسام اللغة العربية إلى لهجات أن العزلة سبب من أسباب نشأة اللهجات في اللغة العربية، عزلة مم؟ عزلة من العرب -يعني القبائل المنعزلة-، قبيلة تميم كانت مثلًا لها منطقة معينة، قبيلة أزد شنوءة، أزد السراة… كل قبيلة لها منطقة معينة، الذين يذهبون إليها من القبائل الأخرى تظنهم جواسيس، وممنوع الاقتراب من موطن القبيلة.

السبب الثاني: الاختلاط بغير العرب:

فأنت عندما تختلط بفرنسيين أو بإنجليز أو بأمريكان فإن هذا الاختلاط بغير العرب سيؤدي بمرور الزمن إلى نطقك بالأحرف العربية محرفة عن النطق الصحيح؛ إذن النطق السليم أو الصحيح أو الأصلي للأصوات العربية سينحرف باختلاطك بغير العرب، ستنطق أصواتًا عربية كما ينطقها أجانب أو غير العرب؛ مثلًا: صوت الباء: ممكن أن تنطق صوت الباء بـ”P” الثقيلة أو تنطق مثلًا الفاء بـ”V” وهكذا، إذن الاختلاط بغير العرب سيؤدي بمرور الزمن إلى انقسام اللغة إلى لهجات.

كما أن اختلاط بعض القبائل العربية بغير العرب يقتضي أن يتعرف كل فريق على لغة الفريق الآخر، وبلاد العرب تجاورها أمم كثيرة من جميع جهاتها؛ كالهند، وفارس، والعراق، والشام، والروم، ومصر، والحبشة، والتي كانت على جانب كبير من المدنية والحضارة.

ولقد احتاج العرب إلى الاتصال بهذه الأمم، وكانت هناك علاقات تِجارية وسياسية بينها وبين تلك الأمم، وهذه العلاقات تستلزم الاتصال المباشر، وقد اختلطت قبائل عربية بالأعاجم على نطاق واسع؛ فلهجات القبائل التي كانت في بادية الشام أو في العراق مثلًا كانت تجاور لغات كالآرامية والعبرية، والصراع معها أدى إلى بروز ظواهر لهجية، فعندما نسمع عراقيًّا يقول في طالب: تالب، ينطق الطاء تاء؛ متأثرًا باللغة الفارسية، فصوت الطاء غير موجود في اللغة الفارسية، فينطقون الطاء تاء تأثرًا باللغة الفارسية.

هذه اللغات عندما تجاور لغة كاللغة العربية؛ فإن المتكلمين باللغة العربية تنحرف ألسنتهم نتيجة لمخالطتهم هؤلاء المتكلمين باللغة الفارسية، وكذلك بقية سكان البراري الذين كانوا يجاورون الأمم الأخرى. وإذا رأينا أن موقف العلماء من جمع اللغة من هذه القبائل كان موقفًا حازمًا؛ فلم يأخذوا عنهم اللغة، قال السيوطي نقلًا عن الفارابي: لم يؤخذ من لخم ولا من جذام؛ فإنهم كانوا مجاورين لأهل مصر والقبط ولا من قضاعة، ولا من غسان، ولا من إياد؛ فإنهم كانوا مجاورين لأهل الشام، وأكثرهم نصارى يقرءون بالعبرانية، ولا من تغلب والنمر؛ لأنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان، ولا من بكر لمجاورتهم للقبط والفرس، ولا من عبد القيس، وأزد عمان؛ لأنهم كانوا بالبحرين مخالطين للهند والفرس، ولا من أهل اليمن؛ لمخالطتهم للهند والحبشة، ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة، ولا من ثقيف وأهل الطائف؛ لمخالطتهم تجار اليمن المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدءوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم.

فسكان البراري وسكان المناطق التي كانت تجاور الأمم الأخرى؛ اللغات الأخرى غير العربية لم يأخذ عنهم علماء اللغة العربية.

وذلك خشية انحراف ألسنتهم؛ بل ذهبوا وسط شبه الجزيرة العربية، وكانت فصاحة القبائل ترتكز على دعامتين:

الدعامة الأولى: مكة وما جاورها هؤلاء هم أهل الفصاحة.

وانتقلت هذه الظاهرة إلى البلاد المجاورة للفرس وهم العراقيون.

الدعامة الثانية: وهي التوغل في البداوة، وقد كان مُقَعِّدُو اللغة الذين نقلوا اللغة لا ينقلون عن المناطق المتطرفة سكان البراري المخالطين للأمم المجاورة، لماذا؟ لأن المجاورين هنا للأمم الأخرى الذين يسكنون في أطراف شبه الجزيرة العربية انحرفت ألسنتهم؛ لمجاورتهم هذه اللغات الأخرى.

error: النص محمي !!