Top
Image Alt

الأسباب التي بَوَّأت السُّنَّة مكانتها في الإسلام، وحُجِّيّتها من القرآن والحديث

  /  الأسباب التي بَوَّأت السُّنَّة مكانتها في الإسلام، وحُجِّيّتها من القرآن والحديث

الأسباب التي بَوَّأت السُّنَّة مكانتها في الإسلام، وحُجِّيّتها من القرآن والحديث

الأسباب التي بَوَّأت السُّنَّة لهذه المكانة في الإسلام:

للسُّنّة في الإسلام مكانة عالية ومَنزلة سامية، والسبب في ذلك يعود لأمور:

أولًا: لأنها أحد قِسْمَي الوحي الإلهي المُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ويدلّ لذلك:

قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].

وقوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]؛ قال الشافعي: “سمِعت مَن أرضى مِن أهل العلْم بالقرآن يقول: الحكمة سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم”. وذهب إلى ذلك كثير مِن السّلف كالحسَن، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير.

وقوله صلى الله عليه وسلم بَعْد ما أمَر بالتّمسُّك بالكتاب والسُّنّة: ((ولَن يَفترِقا حتّى يَرِدا علَيَّ الحوْض)).

وقوله: ((ألاَ وإنِّي أُوتِيتُ القرْآنَ ومِثْلَه معَه)).

ولهذا يقول حسّان بن عطيّة المحاربيّ (ت بعْد 120هـ): “كان جبريل يَنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسُّنّة كما يَنزل عليه بالقرآن، يُعلِّمه إيّاها كما يُعلِّمه القرآن”.

ثانيًا: لِحاجة القرآن إليها: فإنّ القرآن أحوج إلى السُّنّة منها إليه؛ فأركان الإسلام مثلًا جاءت في القرآن مُجمَلة، فبيّنت السُّنّة تفاصيلها ودقائقها.

ثالثًا: لأنّها جاءت بأحكام وتشريعات جديدة: كتحريم الحُمُر الأهليّة، وتحريم نكاح المرأة على عمّتها وخالتها، وتحريم الرّضاع ما يُحرِّم النَّسب.

رابعًا: لأنها صادرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أمَرنا الله بطاعته واتِّباعه.

قال المعلِّمي: لا نزاع بين المسلمين في أنّ ما ثبت عن النبي مِن أمْر الدِّين فهو ثابت عن الله عز وجل لقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80]. (الأنوار الكاشفة: 28).

الشّواهد  على حُجِّيّة السُّنّة:

أولًا: مِن القرآن:

1. قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].

2.وقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].

3.وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

4.وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].

5. وقوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164].

6. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

7. وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

8. وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].

9. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20].

010وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].

011وقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

012وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

013وقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [ النجم: 3- 4].

ثانيًا: أقوال النبي صلى الله عليه وسلم:

  1. عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أَلْفَيَنَّ أحدَكم مُتَّكِئًا على أَريكتِه يَأتيه أمْرٌ مِمَّا أمرْتُ به، أو نَهَيْتُ عنه فيقول: لا أدري، ما وجدْنا في كتاب الله اتَّبعْناه)).
  2. وعن المقدام بن مَعْدِ يَكَرِب: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألاَ إنِّي أُوتِيتُ القرآنَ ومِثْلَه معه! ألاَ يوشك رجُل شبْعان على أريكتِه يقول: عليكم بهذا القرآن! فما وجدْتم فيه مِن حلالٍ فأحِلُّوه، وما وجدْتُم فيه مِن حرامٍ فَحَرِّموه! ألاَ وإنّ ما حرَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كما حرَّم الله!)).
  3. وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعلّ أحدَكم يأتيه حديثٌ مِن حديثي وهو مُتَّكِئ  على أريكتِه فيقول: دعونا مِن هذا! ما وجدْنا في كتاب الله اتَّبعْناه)).
  4. وعن العرباض بن سارية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُوصيكم بِتقْوى الله، والسَّمْع والطاعة، وإنْ عبْدًا حبَشيًّا! فإنه مَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكُم بِسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء المَهديِّين الرّاشدين! تَمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ! وإيّاكم ومُحدَثَات الأمور! فإنّ كلَّ مُحدَثَة بِدْعة، وكلّ بدعة ضلالة!)).

والنصوص مِن السُّنّة كثيرة في الحثّ على الالتزام بالسُّنّة وتبليغها. ونكتفي هنا بما ذكرْنا. ومَن أراد الاطّلاع على المزيد مِن هذه النصوص، فليراجع كتاب (حُجِّيّة السُّنَة) لعبد الغني بن عبد الخالق.

error: النص محمي !!