الأقسام التي أوردها السيوطي على أقسام الصحيح
قال الحافظ السيوطي: أورد على هذا أقسامًا:
القسم الأول: المتواتر، وأجيب بأنه لا يُعتبر فيه عدالة، والكلام في “الصحيح” بالتعريف السابق.
القسم الثاني: المشهور، قال شيخ الإسلام ابن حجر: “وهو وراد قطعًا”. قال: “وأنا متوقّف في رُتْبته هل هي قبل المتّفَق عليه أم بَعْده؟”.
القسم الثالث: ما أخرجه السِّتّة، وأجيب بأنّ من لم يشترط الصحيح في كتابه، لا يزيد تخريجُه للحديث قوّة. قال الزركشي: “ويُمنع بأن الفقهاء قد يُرجِّحون بما لا مَدخل له في ذلك الشيء، كتقديم ابن العمّ الشقيق على ابن العمّ للأب، وإنْ كان ابن العم للأم لا يرث”. قال الحافظ العراقي: “نعم، ما اتّفق السِّتّة على توثيق رُواته أوْلى بالصحة ممّا اختلفوا فيه، وإن اتّفق عليه الشيخان”.
القسم الرابع: ما فقَد شرْطًا، كالاتّصال عند مَن يَعُدّه صحيحًا.
القسم الخامس: ما فقَد تمام الضبط، ونحوه ممّا ينزل إلى رتبة الحَسَن عند مَن يُسمِّيه صحيحًا.
قال شيخ الإسلام ابن حجر: “وعلى ذلك يقال: ما أخرجه السِّتّة إلّا واحدًا منهم، وكذا ما أخرجه الأئمّة الذين التزموا الصّحة ونحو هذا، إلى أن تنتشر الأقسام فتكثر حتى يعسر حصْرها.
وقد عُلم ممّا تقرّر: أنّ أصحّ من صنّف في الصحيح” ابن خزيمة، ثم ابن حبّان، ثم الحاكم. فينبغي أن يقال: أصحّها بعد مسلم: ما اتّفق عليه الثلاثة، ثم ابن خزيمة, وابن حبّان, والحاكم، ثم ابن حبان, والحاكم. ثم ابن خزيمة فقط، ثم ابن حبّان فقط، ثم الحاكم فقط، إن لم يكن الحديث على شرْط أحَد الشيخيْن. قال: ولم أرَ من تعرّض لذلك، فلْيُتأمّلْ!”.
قال الحافظ السيوطي: قد يعرض للمَفُوق ما يجعله فائقًا، كأن يتّفقا على إخراج حديث غريب، ويُخرج مسلم أو غيرُه حديثًا مشهورًا، أو ممّا وُصفتْ ترجمته بكونها أصحّ الأسانيد، ولا يقدح ذلك فيما تقدّم لأن ذلك باعتبار الإجمال.
قال الزركشي: “ومِن هنا يُعلم: أنّ ترجيح كتاب البخاري على مسلم، إنما المراد به: ترجيح الجملة، لا كلّ فرد من أحاديثه على كلّ فرد من أحاديث الآخر”.
وقال السيوطي: “وفائدة التقسيم المذكور تظهر عند التعارض والترجيح”. ثم قال: “في تحقيق شرْط البخاري ومسلم”.
قال ابن طاهر: “شرط البخاري ومسلم: أنْ يُخرجا الحديث المجمَع على ثقة رجاله إلى الصحابي المشهور”.
قال الحافظ العراقي: “وليس ما قاله بجيّد؛ لأنّ النسائي ضعّف جماعةً أخرج لهما الشيخان أو أحدُهما”. وأجيب بأنهما أخرجا مَن أُجمِع على ثقته إلى حين تصنيفهما، ولا يقدح في ذلك تضعيفُ النسائي بعد وجود الكتابيْن.
وقال شيخ الإسلام ابن حجر: “تضعيف النسائي إن كان باجتهاده أو نقَله عن معاصر، فالجواب ذلك. وإن نقَلَه عن مُتقدِّم فلا”. قال: “ويمكن أن يجاب بأن ما قاله ابن طاهر هو الأصل الذي بَنيا عليه أمرَهما. وقد يُخرجان عنه لِمرجِّح يقوم مقامه”.