Top
Image Alt

الاعتداد بالهندسة الوراثية في البحوث الطبية

  /  الاعتداد بالهندسة الوراثية في البحوث الطبية

الاعتداد بالهندسة الوراثية في البحوث الطبية

من أهم فوائد معرفة بصمات الأصابع، الاستدلال بها على مرتكبي الجرائم، من خلال ما ينطبع في بصماتهم، على الأجسام المصقولة في محل الجريمة، فهي قرينة قوية في التعرف على الجناة، ولقد تجاوزت الاكتشافات الطبية الحديثة، معرفة هذه الخاصية من جسم الإنسان، إلى اكتشاف خواص كثيرة فيه، وإدراك مدى تأثير تلك الخواص في الوراثة، عن طريق أجزاء من جسم الإنسان، من دم، أو شعر، أو مني، أو بول، أو غير ذلك.

وقد دلت الاكتشافات الطبية: أنه يوجد في داخل النواة، التي تستقر في خلية الإنسان، ستة وأربعون من الصبغيات؛ أي: الكروموسومات -كما سبق أن أشرنا- وهذه الكروموسومات تتكون من المادة الوراثية الحمض النووي “الريبوري اللا أكسجيني” والذي يرمز إليه “D N A” معناها الجينات الوراثية، وكل واحد من الكروموسومات يحتوي على عدد كبير من الجينات الوراثية، قد تبلغ في الخلية البشرية الواحدة مائة ألف مورثة جينية تقريبًا، وهذه المورثات الجينية هي التي تتحكم في صفات الإنسان، والطريقة التي يعمل بها، بالإضافة إلى وظائف أخرى تنظيمية للجينات.

وقد أثبتت التجارب الطبية الحديثة، بواسطة وسائل تقنية في غاية التطور والدقة أن لكل إنسان جينومًا بشريًّا يختص به دون سواه، لا يمكن أن يتشابه فيه مع غيره، فهو أشبهُ ما يكون ببصمة الأصابع في خصائصها، والله تعالى يقول: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَه} [القيامة: 4].

ثبت علميًّا أن لكل إنسان بصمة خاصة بأصابعه، ولذلك يعتمد عليها بصمة الأصابع، سواء في القدمين، أو في الرجلين في معرفة الجناة، هذه البصمة الوراثية أيضًا المتعلقة بالجينات والكروموسومات، سميت بصمة لأنه لا يشابهها غيرها، ولا يتشابه أيُّ شخص فيها مع غيره، فهي أشبه ما تكون ببصمة الأصابع في خصائصها؛ بحيث لا يمكن تطابق الصفات الجينية بين شخص وآخر، حتى وإن كانا توأمين.

يقول الدكتور محمد باخطمة: تتكون كل بصمة من وحدات كيماوية، ذات شقينِ محمولةً في المورثات، وموزعةً بطريقةٍ مميزةٍ، تفرق بدقة بارعة كل فرد من الناس عن الآخر، وتتكون البصمة منذ فترة الانقسام في البويضة الملقحة، وتبقى كما هي حتى بعد الموت، ويرث كل فرد أحد شقي البصمة من الأب والآخر من الأم، بحيث يكون الشقان بصمة جديدة، ينقل الفرد أحد شقيها إلى أبنائه وهكذا، فالآباء تورث هذه الصفات للأبناء، والأبناء يكبرون ويتزوجون، ويورثون أيضًا جيناتهم، أو صفاتهم إلى أبنائهم، وهكذا تنتقل الصفات من جيلٍ إلى آخر بشكل محدد ودقيق، ولذلك سميت البصمة الوراثية.

وفي هذا الإطار أيضًا يقول الدكتور عبد الهادي مصباح: الحمض النووي عبارة عن بصمة جينية لا تتكرر من إنسان إلى آخر، لا تتكرر بنفس التطابق، وهي تحمل كل ما سوف يكون عليه هذا الإنسان، من صفات، وخصائص، وأمراض، وشيخوخة، وعمر، منذ التقاء الحيوان المنوي للأب ببويضة الأم وحدوث الحمل.

وعلماء الطب الحديث يرون: أنهم يستطيعون إثبات الأبوة أو البنوة لشخصٍ ما، أو نفيها عنه -نفي الأبوة أو البنوة- من خلال إجراءات الفحص على جيناته الوراثية؛ حيث دلت الأبحاث الطبية التجريبية على أن نسبة النجاح في إثبات النسب أو نفيه، عن طريق معرفة البصمات الوراثية، يصل في حالة النفي إلى حد القطع، أي: إلى نسبة 100%، أما في حالة الإثبات فإنه يصل إلى قريب من القطع بنسبة 99% تقريبًا.

ومن هذا وغيره يتبين مدى اعتماد البحوث الطبية على الهندسة الوراثية، التي عرفت في الكائن الحي، وخاصة الإنسان بالبصمة الوراثية، ويرى المختصون في المجال الطبي وخبراء البصمات، أنه يمكن استخدام البصمة الوراثية في مجالات كثيرة، ترجع في مجملها إلى مجالين رئيسيين هما:

1. المجال الجنائي: وهو مجال واسع يدخل ضمنه الكشف عن هوية المجرمين في حال ارتكاب جناية قتل أو اعتداء، وفي حالات الاختطاف بأنواعها، وفي حال انتحال شخصيات لآخرين، ونحو ذلك، هذا عن المجال الجنائي الذي تستخدم فيه البصمة الوراثية.

2. مجال النسب: وذلك في حالة الحاجة إلى إثبات، الأبوة أو البنوة لشخص أو نفيه عنه، وفي حالة اتهام المرأة بالحمل من وطء شبهة أو وطء زنا.

إذًا البصمةُ الوراثية مهمة جدًّا في مجال التعرف على الجاني، أو الحاجة إلى إثبات النسب، عند عدم وجود الطرق الشرعية الأخرى.

error: النص محمي !!