Top
Image Alt

التأجير المنتهي بالتمليك

  /  التأجير المنتهي بالتمليك

التأجير المنتهي بالتمليك

ما المراد بالتأجير المنتهي بالتمليك؟

المعروف أن البيع غير الإجارة؛ فالبيع تمليك فوري للعين والثمن، فالعين يمتلكها المشتري والثمن يمتلكه البائع تمليكًا فوريًّا، والإجارة تمليك للمنفعة لا للعين، ولكل منهما عقد وآثار تختلف عن الآخر، فكيف يجتمعان مع أنهما صفقتان مختلفتان؛ التأجير المنتهي بالتمليك؟

إن المقصود بالإجارة المنتهية بالتمليك: أن يقوم المصرف أو المؤسسة بتأجير عين كسيارة أو بيت لشخص مدة معينة بأجرة معلومة قد تزيد عن أجرة المثل، على أن يملكه إياها بعد انتهاء المدة ودفع جميع أقساط الأجرة، ويكون التمليك بعقد جديد؛ فهي تشبه بيع التقسيط من حيث المقسط الذاتي للمتعاقدين والنتيجة؛ فالعاقدان يتفقان على إخفاء بيع التقسيط وإعلان الإجارة، وتكون الأجرة بمثابة القسط الذي يدفعه الشخص في بيع التقسيط، كما يتفقان على أنه إذا وفّى المشتري بالثمن كاملًا أصبحت الإجارة بيعًا، وصارت العين المؤجرة ملكًا للمستأجر.

وهي تختلف عن بيع التقسيط من حيث تكوينها؛ فهي تتكون من عقدين مستقلين؛ الأول: عقد إجارة يتم ابتداءً ويأخذ كل أحكام الإجارة في تلك الفترة، والثاني: عقد تمليك العين عند انتهاء المدة؛ إما عن طريق الهبة أو البيع بسعر رمزي، حسب الوعد المقترن بالإجارة أو المتفق عليه.

وهي تختلف عن الإجارة التشغيلية المعتادة؛ كاستئجار سيارة لمدة يوم أو شهر أو نحو ذلك من حيث اقتناء المصرف للعين المؤجرة؛ فإنه يقتنيها بعد أن يتقدم أحد العملاء بطلب استئجار عين ما بقصد تملكها في النهاية، فيشتريها المصرف ويقدمها للعميل، وتحسب الأجرة الإجمالية على أساس تكلفة السلعة بالإضافة إلى الربح، ثم تقسط تلك الأجرة الإجمالية على فترات يتفق عليها.

هذه صورة التأجير المنتهي بالتمليك؛ شخص يريد تملك عين -شقة أو سيارة- فيذهب للبنك، ثم يشتريها البنك ويجعلها في ملكيته، ثم يؤجرها لهذا الشخص مدة معينة وبأجرة معينة، ويعتبر هذه الأجرة أقساطًا إجمالية لتملك الصفقة فيما بعد. هذا عن الإجارة المنتهية بالتمليك.

أما الإجارة العادية التشغيلية فتكون في ملك المصرف، وتحت يده قبل طلب العميل إبرام عقد الإجارة، أو يمكن أن تنقل إلى آخر فيبيعها البنك أو المصرف إلى شخص آخر بنقد، ويقوم من يحتاجها باستئجارها بصورة مؤقتة.

وقد عرفت القوانين الوضعية الإجارة المنتهية بالتمليك منذ منتصف القرن التاسع عشر، وأطلقت عليها عدة إطلاقات؛ منها: البيع بالتقسيط، والإجارة الصائرة إلى البيع، والإيجار المقترن بوعد البيع، والإيجار المملك؛ وقد أخذت القوانين المعاصرة بالتكييف القائل: إنها بيع تقسيط، معلّق على شرط سداد الثمن كاملًا. هذا عن معنى التأجير المنتهي بالتمليك، أو الإجارة المنتهية بالتمليك.

كيف نكيفها فقهيًّا، وعلى أي أساس؟

أما عن التكييف الفقهي للإجارة المنتهية بالتمليك، فقد لُوحظ أن عقد هذه الإجارة يجمع عدة عناصر:

1- هو بيع تقسيط يقترن فيه شرط عدم نقل الملكية، إلا بعد الوفاء بجميع الأقساط الإيجارية؛ فهذه صورة بيع تقسيط مشروط بشرط عدم نقل الملكية إلا بعد الوفاء بجميع الأقساط.

2- وعد ملزم للمصرف بتمليك العين المؤجرة للمستأجر عن طريق الهبة، أو البيع في نهاية مدة الإجارة، وعد حتى لا يجتمع عقد بيع مع عقد إجارة، فهي عقد إجارة، لكن البنك أو المصرف يَعِد المستأجر بتمليكها له، واعتبار أقساط الإجارة أقساطًا للبيع ثم يضيف سعرًا رمزيًّا.

3- هي عقد إجارة في مدة محددة.

4- الربط بين الإجارة والبيع والوعد في عقد واحد.

إذًا: لها عدة تكييفات؛ ومن هذا يتبين أن للإجارة المنتهية بالتمليك علاقة بالتورق، من حيث إن العميل أو المؤسسة يسعى إلى تسويق سلعته والحصول على الأرباح بهذه التسهيلات في التمليك، القائم على الأقساط الإيجارية التي تعتبر أقساطًا من ثمن البيع بالتقسيط، مع الاحتفاظ بملكية العين إلى آخر قسطٍ إيجاري؛ هذا من جهة المصرف.

كذلك المشتري أو المستأجر يسعى في هذه الصفقة، أو العقد إلى تحقيق الربح بأيسر السبل، وهو يضع يده على العين ويستفيد بها بمقابل بسيط هو بمثابة أقساط؛ لأنها قيمة الإجارة أو المنفعة، ثم إنه لا يشعر بعد دفع الأجرة والحصول على منفعة المسكن إلا وهو يتملك عينًا على سبيل الهبة، أو بسعر رمزي متفق عليه.

وهكذا يستفيد الطرفان ويحققان أرباحًا متبادلة، كما يحدث في التورق الذي هو في حقيقته الحصول على الورق، وهو كثرة الدراهم.

error: النص محمي !!