التحليل الدلالي
وهو دراسة العلاقات بين معاني الكلمات المختلفة، الكلمات الموجودة في اللغة لها معانٍ، هذه المعاني يتصل بعضها ببعض، من خلال الوقوف على جذر الكلمة وبنائها الصرفي، وسياقها الذي تقع فيه سواء كان سياقًا لغويًّا، السياق الصريح، أو سياق خارجي سياق الحال، من خلال بناء الكلمة الصرفي نتعرف على المعنى؛ إذن دلالة الكلمة فيها عناصر أساسية.
إذا وقفنا على هذه العناصر الأساسية تَعرفنا على معنى الكلمة، وعلى دلالة الكلمة، تعرفناها من خلال الوقوف على بناء الكلمة الصرفي: جذر الكلمة، حروف الكلمة، أصول الكلمة، فمثلًا: ضَرَبَ: الضرب تدل الكلمة على الحدث الضرب، ضاد والراء والباء جذر الكلمة هي أصول الكلمة، نجرد الكلمة من الزوائد ونتعرف على أصل الكلمة، وأيضًا بناء الكلمة الصرفي، مثلًا: “ضرب” حدوث الضرب في الزمن الماضي، مثلًا: “كتب” حدوث الكتابة في الزمن الماضي، مثلًا “يكتب” في الزمن الحاضر والمستقبل، مثلًا: “كاتب” على من يكتب، فاعل الكتابة، على “المكتب مكان الكتابة، أيضًا نتعرف على سياق الكلمة التي تقع فيه، سواء كان السياق الذي نسميه سياقًا صريحًا، سياقًا لغويًّا، ننظر للكلمة التي قبلها، وننظر للكلمة التي بعدها فنفسر الكلمة من خلال هذا السياق مع بنائها الصرفي.
إذن نتعرف على بناء الكلمة الصرفي فعل فاعل مفعول… إلى آخره، يعني على صيغة الكلمة، فصيغة الكلمة تدل على حدث. وبعدما نتعرف على جذر الكلمة وعلى صيغة الكلمة، نتعرف على سياق الكلمة، أي وجود الكلمة في البيئة اللغوية المحيطة بها، والكلمة التي قبلها، وهذا يسمى السياق الصريح، وأيضًا نتعرف على الكلمة مَن الذي قال الكلمة؟ مَن المستمع لهذه الكلمة؟ ما الظروف والملابسات المحيطة بالكلام؟ وهذا السياق الذي نسميه سياق الحالز
ولنتعرف على دلالة الكلمة نتعرف على هذه الأشياء، على ماذا؟ نتعرف على جذر الكلمة: أصول الكلمة، وعلى صيغة الكلمة فعل فاعل مفعول… إلى آخره، ونتعرف على ما قبل الكلمة، وما بعدها، السياق الصريح قبل الكلمة وبعد الكلمة، كما قلت لفظ “جلل”: العظيم والحقير أو اليسير:
كل شيءٍ ما خلا اللهَ جلل | * | والفتى يسعى ويلهيه الأمل |
“كل شيء ما خلا الله جلل” معناه: يسير أو حقير، إنما جلل في بيت الشعر الآخر باعتبار وجودها في ظروف معينة. الشاعر عندما يقول:
فلئن عفوت لأعفون جللًا | * | ولئن سطوت لأوهنن عظمي |
فمعنى جلل هنا: عظيم، وأيضًا معناها حقير أو يسير، فإذا وقعت باعتبار ما قبلها وما بعدها والظروف والملابسات المحيطة بالكلام اختلف المعنى.
ففي التحليل الدلالي نتعرف على جذر الكلمة، ونتعرف على صيغة الكلمة، ونتعرف على السياق الذي تقع فيه الكلمة، فمثلًا “أبرق” في قولنا: أبرقت السماء، فـ”أبرق” هنا أتت قبل السماء يعني: أضاءت ولمعت وتوهجت على إثر انفجار كهربائي، والانفجار الكهربائي هذا في السحاب، أما عندما نقول: أبرق فلان إلى فلان فالمعنى يتغير؛ لأن “أبرقت السماء” غير “أبرق فلان”؛ إنما أبرق فلان يعني: أرسل برقية، والسياق هو الذي حدد المعنى.
ومثلًا قضى في قولنا: “قضى فلان الصلاة” معناها: أداها، لكن عندما نقول: “قضى نحبَه” أي: مات، فـ”قضى” هنا تغير معناها بمراعاة السياق، وقضى الحاكم بين الخَصمين، معنى قضى هنا أي: حكم، فالفعل واحد ولكن السياق اختلف فاختلف المعنى؛ إذن السياق يتحدد حسب المعنى، وحسب جذر الكلمة، السياق الذي تقع فيه صيغة الكلمة.
ولسياق الحال ركائز أساسية هي حال المتكلم، وحال السامع، والظروف والملابسات المحيطة بالكلام، يقول ابن جني موضحًا سياق الحال: وبعدُ فالحمالون والحماميون والساسة والوقادون يستوضحون من مشاهدة الأحوال ما لا يُحصّله أبو عمرو من شعر الفرزدق إذا أُخبر به عنه، ولم يحضره يَنشده. أنت عندما تأتي لبعض الحمالين وتقول له: عندي كرتونة أريد أن أذهب بها إلى مكان كذا، لا تستطيع أن تتفق معه على ثمن النقل، أو ثمن نقل هذه الكرتونة، أو هذا الحِمل.
أو ما إلى ذلك إلا إذا عرفه الشخص الحمال؛ لأنك عندما تقول: كرتونة يجوز أن تكون هذه الكرتونة مليئة بالحديد فتكون حملًا ثقيلًا، أما عندما يأتي الحمال ليرفع الكرتونة عن الأرض فيشاهد حال الكرتونة هل يستطيع أن يحملها أو لا؟ إذن المشاهدة أهم شيء في هذا المعنى؛ فلا بد من مشاهدة الأحوال.
ثم يقول ابن جني: أوَ لا تعلم أن الإنسان إذا عناه أمر فأراد أن يخاطب به صاحبه، وينعم تصويره له في نفسه استعطفه ليُقبل عليه فيقول: يا فلان أين أنت؟ أرني وجهك، أقبل عليّ أحدثك، فإذا أقبل عليه وأصغى إليه اندفع يحدثه أو يأمره أو ينهاه أو نحو ذلك.
فلو كان استماع الأذن مغنيًا عن مقابلة العين مجزئًا عنه لما تكلف القائل، ولا كلف صاحبه الإقبال عليه والإصغاء إليه، وعلى ذلك يقول الشاعر:
والعين تنطقُ والأفواه صامتةٌ | * | حتى ترى من ضمير القلبِ تبيانا |
العين تبدي للذي في نفس صاحبها | * | من العداوةِ أو ودٍّ إذا كانا |
وقال الهذلي:
رفوني وقالوا يا خويلد لا تُرع | * | فقلت وأنكرت الوجوه همُ همُ |
أفلا ترى إلى اعتباره بمشاهدة الوجوه، وجعلها دليلًا على ما في النفوس، وعلى ذلك قالوا: “ربّ إشارة أبلغ من عبارة” وحكاية الكتاب من هذا الحديث، وقولهم: رفع عقيرته، أي: رفع رجله المقطوعة المعقورة، إذا رفع صوته، فلو ذهبنا نشتق لقولهم عقر من معنى الصوت لبعد الأمر جدًّا، وإنما هو أن رجلًا قطعت إحدى رجليه فرفعها ووضعها على الأخرى، ثم نادى وصرخ بأعلى صوته؛ فقال الناس رفع عقيرته، أي: رجله المعقورة في الأصل.
إنما لو قلنا: رفع عقيرته معناها رفع صوته، إنما المشاهد الذي شاهد الحادثة أول الأمر هو الذي عرف الحال الذي قيلت فيه هذه الجملة، وهذا ما يسمى بسياق الحال؛ ولذلك قال سيبويه في نحو من هذا: أو لأن الأول وصل إليه علم لم يصل إلى الآخر. يعني ما نحن عليه من مشاهدة الأحوال والأوائل إذا فسرنا شيئًا أو استوضحنا شيئًا نستوضحه من الذي شاهد هذه الحال.
إذن المطلوب في التفسير أو في استجلاء الأمر لا بد أن نتعرف على الحال التي قيلت فيه هذه الكلمة أو هذه الجملة، ورفع عقيرته معناها الآن صوت، إنما أصلها أن رجلًا قطعت إحدى رجليه فوضعها على الأخرى، وصاح بأعلى صوته، فقال الناس رفع عقيرته. إذن لو ذهبنا نشتق من مادة “عقر” نشتقها من معنى الصوت لبعد الأمر جدًّا؛ إذن الظروف والملابسات هي التي توضح الدلالة أو توضح المعنى المراد.
وروى النحويون:
بالخير خيراتٌ وإن شرًّا فا | * | ولا أريد الشر إلا أن تا |
يفسرونه فيقولون: إنما أراد وإن شرًّا فشر؛ فحذف الشر لعلم السامع وأثبت الفاء، وأتبعها الألف للقافية إذ كانت مفتوحة. وقوله: “إلا أن تا” يريد إلا أن تريد، وهذا الحذف كالإماء والإشارة يقع من بعض العرب لفهم بعض الكلام عن بعض.
روي عن الأصمعي قوله: كان أخوان من العرب مجتمعين في موضع واحد، لا يكلم أحدهما الآخر إلا وقت النُّجعة يعني وقت طلب الكلأ ومساقط الغيث فإنه يقول لأخيه: ألا تا.
فيقول الآخر: بلى؛ يريد ألا ترحل أو ألَا تنتجع، فيقول الآخر بلى فافعل. بلى فانتجع.
فهنا من سياق الحال يَفهم أحدُهما كلام الآخر من خلال سياق الحال المؤدَّى فيه الكلام؛ إذن سياق الحال يُبنى على ركائز ثلاثة:
الركيزة الأولى: حال المتكلم.
الركيزة الثانية: حال السامع.
الركيزة الثالثة: الظروف والملابسات المحيطة بالكلام.
تنوع دلالة اللفظ تبعًا لسبب نزول الآية:
من ذلك: أن ترى رجلًا قد سدد سهمًا نحو الغرض، ثم أرسله، فتسمع صوتًا، فتقول: القرطاس والله، أي: أصاب القرطاس، فأصاب الآن في حكم الملفوظ، به البتة، وإن لم يوجد في اللفظ، غير أن دلالة سياق الحال عليه، أو دلالة الحال عليه، نابت مناب اللفظ به.
وكذلك قولهم لرجل مهوي بسيف، وكان السيف في يده: زيدًا، أي: اضرب زيدًا. زيدًا نصبت هنا لأنها مفعولٌ لـ”اضرب” أي: اضرب زيدًا، فصارت شهادةُ الحال بالفعل بدلًا من اللفظ به.
وكذلك قولك للقادم من السفر: خير مقدم، أي: قدمت خير مقدم. وقولك وقد مررت برجل: إِنْ زيدًا وإن عمرًا، أي: إن كان زيدًا، وإن كان عمرًا. وقولك للقادم من حجه: مبرور مأجور، أي: أنت مبرور مأجور. ومبرورًا مأجورًا، أي: قدِمتَ مبرورًا مأجورًا.
وكذلك قول الشاعر:
رَسمِ دارٍ وَقَفتُ في طَلَلِه | * | كدتُ أَقضي الغَداةَ مِن جَلَلِه |
أي: رب رسم دار.
وكان رُؤبةُ إذا قيل له: كيف أصبحتَ؟ يقول: خيرٍ عافاك الله، أي: بخير، بحذف الباء؛ لدلالة الحال عليها، بجري العادة والعرف بها.
وعلى نحو من هذا تتنوع دَلالة اللفظ تبعًا لسبب نزول الآية. فالقنوت في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] معناه: السكوت، قال زيد بن أرقم: “كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فأمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام”. وفي قوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [الروم: 26] معناه: مُقِرُّون له بالعبودية. وفي قوله تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9] أي: قائمًا على ذكر الله. عن جابر: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت)). يريد: طول القيام.
ولفظ: الكتاب يُطلق ويراد منه الصحيفة. قال تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 28]، {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29]، {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30] وبمعنى الصحف المجموعة. قال تعالى: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93]. قال مجاهد: “مكتوب فيه إلى كل واحد صحيفة”.
والقرآن: قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الأنعام: 92]. والتوراة: قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78]. فالكتاب الأول: ما كتبوه بأيديهم، والكتاب الثاني: التوراة.
والحكم: قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 145] أي: حكمًا مؤجلًا. وكتاب الأعمال: قال تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [المؤمنون: 62]. يعني: كتاب الأعمال. واللوح المحفوظ، وكتاب الأعمار: قال تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52]. وهو اللوح المحفوظ، وكتاب الأعمال.
والكتابة: قال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33]. وذلك بأن يُكاتب السيدُ العبد، إذا طلب العبد الكتابة يؤدي العبد بمقتضى هذا الاتفاق مالًا لسيده يُقسِّطه له، فإذا ما دفعه، صار حرًّا. ويُعبر بالكتاب عن الحجة الثابتة: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان: 20] أي: الحجة الثابتة من جهة الله تعالى. ونقول نحن معبرون عن الرسالة بالكتاب ردًّا على كتابكم بشأن كذا: نحيطكم عِلمًا بما هو آتٍ. فمعنى الكتاب هنا هو الرسالة. كما نطلق الكتاب على (كتاب سيبويه)؛ فعندما نكون في جلسة لُغوية ونقول: ارجع إلى هذه المسألة في (الكتاب) فيكون قصدنا (كتاب سيبويه). وعندما نكون مدعوين في عقد زواج نقول: ما مكان كتب الكتاب؟ أي: عقد الزواج.
وهكذا تتنوع دَلالة اللفظ تبعًا للحال المحيطة به؛ فالكتاب له أكثر من معنى، واختلفت المعاني باختلاف الأحوال.