Top
Image Alt

التخريج عند المتقدمين من أهل الحديث

  /  التخريج عند المتقدمين من أهل الحديث

التخريج عند المتقدمين من أهل الحديث

التخريج عند المتقدمين من أهل الحديث هو مجرد عزو الحديث إلى كتاب من الكتب التي أخرجته، أو إلى أغلب الكتب التي أخرجته لا يحدد الكتاب الذي به الحديث -أي: الكتاب الفقهي الذي في داخل كتاب الحديث ككتاب الصلاة أو الصوم أو الحج مثلًا- ولا يحدد الجزء الذي به هذا الحديث، ولا الصفحة التي بها هذا الحديث، ولا يحدد الراوي الذي روى الحديث.

إذن هو ينقص عن تخريج الحديث عدة أمور: تحديد الكتاب، وتحديد الباب، وتحديد الجزء، وتحديد الصفحة، وعدم ذكر الراوي الأعلى للحديث.

تخريج الحديث عند المحدثين: هو أن يذكر الحديث في مصدره -يعني: الكتاب الأصلي مثلًا رواه البخاري- ثم يذكر الكتاب في كتاب الصلاة، ثم يذكر الباب، باب رفع اليدين في الصلاة، ثم يقال مثلًا: الجزء الأول صفحة 20 مثلًا عن ابن عمر؛ فتخريج الحديث يبين اسم الكتاب الذي به الحديث، واسم الكتاب الذي بداخل ذلك الكتاب، وعنوان الباب الذي به الحديث، ورقم الجزء، ورقم الصفحة، ثم الراوي الأعلى الذي روى هذا الحديث. فالتخريج عند المحدثين تخريج بالتفصيل وليس تخريجًا إجماليًّا.

والحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين هو رأس المائة الثالثة، بعد المائة الثالثة يطلق مصطلح المحدثين.

فائدة:

القرون الأولى: الأول، والثاني، والثالث الهجري، هي عصور التدوين السنة، وهي عصور الرواية بالمسانيد، وما جاء بعد ذلك كان يرجع إلى ما ألف في هذه القرون بأسانيدها إلى السابقين من أهل القرون الأولى، وأهل القرون الأولى الثلاثة مشهود لهم بالسبق، ومشهود لهم بالتقوى والورع، ومشهود لهم بأنهم خير الأمة، قال صلى الله عليه  وسلم: ((خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، فالحد الفاصل بين المتقدمين من أهل الحديث والمتأخرين هو رأس المائة الثالثة الهجرية.

كان العلماء بعد ظهور المصنفات المنهجية في السنة يطلقون التخريج على إيراد الحديث بإسناده في مصدر ما من مصادر السنة؛ لكن هذا الاصطلاح قد خفَّت حدته كثيرًا عن المتأخرين حتى كاد يتلاشى بينهم وإن ظل قائمًا على ندرة حتى عصرنا هذا، يعرف ذلك من كلامهم كقول الحافظ العراقي في كتابه (تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد): فإن لم يكن الحديث إلا في الكتاب الذي رويته منه عزوته إليه بعد تخريجه، وإن كان قد عُلم أنه فيه، ويقصد به إيراد الحديث وذكره في الكتاب.

كذلك راجع (حاشية شيخ الإسلام محمد بن سالم الحفني على السراج المنير شرح الجامع الصغير) مطبعة مصطفى الحلبي؛ حيث يلتمس مخرجًا لقول السيوطي في جامعه في جزء من تخريجه فيقول: الأحاديث المخرجة، أي: المذكور رواتها الذين خرجوها، ويفهم ذلك من قول الأستاذ محمد عبد العزيز الخولي مدرس الشريعة الإسلامية بمدرسة القضاء الشرعي المصري بمصر -وهو من علماء القرن الرابع عشر الهجري- في كتابه (مفتاح السنة) أو (تاريخ فنون الحديث)؛ حيث يقول: وقد صُنف في زمان مالك موطئات كثيرة في تخريج أحاديث ممن شارك مالكًا في الشيوخ، ومن قوله في المرجع نفسه: التصنيف على الأبواب: وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيره إلى آخره، مما يوضح المعنى الذي أشرنا إليه.

من هذه الكتب التي تشير إلى التخريج قديمًا -أي: ذكر الكتاب فقط الذي به الحديث- كتاب (تخريج أحاديث مختصر المنهاج في أصول الفقه) للحافظ العراقي زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي.

نذكر منه نموذجًا على سبيل المثال: قال الحافظ العراقي في تخريج الأحاديث في هذا الكتاب: الباب الأول: حديث: ((إنما الأعمال بالنيات…)) قال: متفق عليه من حديث عمرَ بنِ الخطاب؛ فلم يذكر هنا إلا جزءًا من الحديث، ثم إنه قال: في البخاري ومسلم، ولم يشر في أي كتاب في البخاري وفي مسلم؟ ولا في أي باب؟ ولا في أي جزء؟ ولا في أي صفحة؟

ثم قال: 2- حديث: ((والله لأغزون قريشًا)) قال: أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس، ورواه أبو داود مرسلًا من رواية عكرمة عن ابن عباس. يعني: هنا تميز العراقي عن غيره من السابقين بأنه يذكر الراوي الأعلى للحديث عند تخريجه؛ لكنه لم يذكر الكتاب ولا الباب ولا الجزء ولا الصفحة.

ثم قال: رقم 3- حديث: ((ومَن عصاهما فقد غوي)) قال: رواه مسلم من حديث عدي بن حاتم.

4- حديث: ((في سائمة الغنم)) الزكاة، أخرجه أبو داود من حديث أنس في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه  وسلم: ((في سائمة الغنم إذا كانت أربعين ففيها شاة))، الحديث قال: وهو عند البخاري بلفظ: ((في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة)).

الحديث الخامس: حديث: ((مطل الغني ظلم)) ومعنى مطل، أي: المماطلة في دفع ما عليه من دين هذا يكون ظلمًا من الغني الذي يقدر على سداد الدين ولم يقم بأدائه، قال: متفق عليه من حديث أبي هريرة.

ثم الباب الثاني: حديث رقم 6- وهو حديث: ((كل مما يليك)) قال: هذا حديث متفق عليه من حديث عمر بن أبي سلمة.

الحديث السابع: ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت))، قال: أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود…

وهكذا: يذكر الراوي الأعلى فقط ثم يذكر اسم الكتاب الذي به الحديث، ولا يذكر الكتاب الذي بداخل الكتاب -الكتاب الفقهي- ولا الباب الذي به الحديث ولا رقم الجزء ولا رقم الصفحة، وهكذا حتى انتهى من تخريج هذا الكتاب الذي عنوانه (تخريج أحاديث مختصر المنهاج في أصول الفقه)، والله أعلم.

error: النص محمي !!