التعريفات
أ. التأمين:
التأمين لغةً: مصدر أمّن، يقال: أمّن على الشيء دفع مالًا منجمًا؛ أي: على أقساط؛ لينال هو الذي دفع أو ورثته قدرًا من المال متفقًا عليه؛ فقد يؤمن مثلًا بخمسين ألف جنيه يدفع أقساط لمدة مثلًا عشر سنوات، كل قسط مائة جنيه أو أكثر أو أقل، ويتقاضى المبلغ المتفق عليه، أو يأخذ تعويضًا عما فقد هذا من معنى التأمين أيضًا يأخذ تعويضًا عما فقد، يقال: أمّن على حياته أو على داره أو على سيارته، هذا هو المعنى اللغوي، وهو مشتق من الأمن والأمان، فالفعل الأصلي أَمِن وليس أَمَّن، أمَّن التضعيف، الفعل المضعف من أَمِن، {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283].
التأمين اصطلاحًا: هو عقد يلتزم أحد طرفيه -وهو المؤمن- قبل الطرف الآخر -وهو المستأمن- أداء ما يتفق عليه عند تحقق شرط، أو حلول أجل موت ووفاة في نظير مقابل نقدي معلوم.
إذًا فالتأمين عقد؛ هذا العقد -كما نعلم- إيجاب وقبول بين طرفين، أحد الطرفين هو المؤمِّن شركات التأمين تسمى المؤَمِّن، تلتزم هذه الشركة؛ لأنها هي التي تعطي الأمان قبل الطرف الآخر المستأمِن الذي يطلب التأمين أداء ما يتفقان عليه، وعند تحقق شرط مكتوب في العقد، أو حلول أجل -أي: وفاة الشخص المستأمن- في نظير مقابل نقدي معلوم يدفع على أقساط شهرية.
فالتأمين مأخوذ من الأمن، وهو ضد الخوف، ويعرف أيضًا بأنه عقد بين طرفين أحدهما: يسمى المؤمِّن والثاني: المؤمَّن له، المؤمن أي الشركة والمؤمَّن له أي صاحب التأمين؛ الرجل المتعاقد، ويسمى أيضًا المستأمن أو طالب الأمان، هذا العقد يلتزم فيه المؤمن -أي: الشركة- بأن يؤدي إلى المؤمن له أو لمصلحته مبلغًا من المال أو إيرادًا مرتبًا، قد يكون مائة جنيه شهريًّا أو أي عوض مالي آخر، في حالة وقوع حادث من الحوادث الخطرة أو تحقق خطر مبيَّن في العقد مثل: حريق أو هدم البيت أو نحو ذلك، وذلك في مقابل قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له -أي: الشخص- إلى المؤمن -أي: الشركة- ذلك هو التعريف اللغوي والاصطلاحي لكلمة التأمين.
ب. التجاري:
هي نسبة إلى التجارة وهي من الفعل تَجَر معناها: مارس البيع والشراء، ويقال: تجر في كذا أي باع واشترى، والتاجر: الشخص الذي يمارس الأعمال التجارية على وجه الاحتراف أي بصورة يومية، جعلها حرفة له بشرط أن تكون له أهلية الاشتغال بالتجارة، والتجارة: ما يتجر فيه؛ أي: البضاعة نفسها التي يقوم التاجر بالمتاجرة فيها، وتقليب المال لغرض الربح؛ وتقليب المال: هو دفع المبلغ في سلعة معينة؛ ليبيعها فتدر عليه ربحًا معينًا، فتقليب المال لغرض الربح، وهذا التقليب يسمى حرفة للتاجر.
وفي العصر الحاضر لا يقوم بالتأمين الذي بينا معناه فرد قبل فرد آخر، بل تقوم به شركات مساهمة كبيرة يتعامل معها عدد ضخم من المستأمنين، أي: طالبي التأمين، فيجتمع لها مبالغ كبيرة من أقساط التأمين، وتؤدي من هذه الأقساط المجتمعة ما يستحق عليها من تعويضات للأفراد عند وقوع الحوادث المؤمن منها، ويبقى رأس مالها سندًا احتياطيًّا، ويتكون ربحها من الفرق بين ما تجمعه من أقساط وما تدفعه من تعويضات، ومن هنا سميت شركات تجارية، وسمي التأمين تأمينًا تجاريًّا.
إذًا نحن أمام إجراء معين وهو العقد الذي يتفق فيه طرفان: شخص يطلب تأمين نفسه ضد الحوادث والأخطار، وشركة تقبل منه هذا العرض وتكلفه بدفع أقساط شهرية أو سنوية، لتكن مثلًا ألف دولار على مدى عشر سنوات، وفي مقابل هذه الألف دولار تلتزم هذه الشركة عند وقوع الخطر أو عند وقوع الأجل بدفع مثلًا مقابل الألف دولار المقسطة عشرين ألف دولار، من أين جاءت هذه الـ”عشرين” ألف؟ وأين ربح الشركة؟
الشركة يشترك فيها مثلًا مليون شخص، مائة ألف شخص، كل واحد يدفع مائة دولار في الشهر لمدة مثلًا عشرة شهور أو عشر سنوات، فمن مجموع الأشخاص تتكون مبالغ ضخمة جدًّا، ومن مجموع الأقساط التي يدفعونها تتكون مبالغ ضخمة جدًّا، مَن الذي يأتي عليه الدور في تحصيل هذا التأمين؟ عدد قليل، فقد يدفع مليون مشترك التأمينات لألف مشترك مثلًا، فحصيلة الفرق بين ما دفعه المليون وبين ما دفعته الشركة للألف شخص من تعويضات كبيرة قليلة جدًّا، فيتبقى للشركة مبالغ ضخمة جدًّا تجعل بعضها سندًا احتياطيًّا لزيادة رأس المال، والبعض الآخر تجعله أرباحًا يتم توزيعها على المساهمين في هذه الشركة، شركة التأمين المساهمة.
إذًا كأننا أمام حرفة تجارية نبيع سلعًا وهي الأقساط والتأمين والأخطار والحوادث؛ نقبض أثمانًا، ونجمع رءوس أموال، ثم ندفع تعويضات معينة، ويبقى لنا أرباح كثيرة واحتياطي أيضًا كبير؛ ولهذا سميت شركات تجارية، وسمي هذا النوع من التأمين تأمينًا تجاريًّا؛ لأن الغرض منه الأرباح وتحصيل أرباح كبيرة جدًّا من مجموع المستأمنين أو المؤمن لهم.