Top
Image Alt

التعريف ببعض كتب التخاريج: (نصب الراية) للزيلعي

  /  التعريف ببعض كتب التخاريج: (نصب الراية) للزيلعي

التعريف ببعض كتب التخاريج: (نصب الراية) للزيلعي

المؤلف: هو جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي المتوفى سنة 762 هجرية، و(نصب الراية) كتاب خرَّج فيه الإمام الزيلعي الأحاديث التي وردت في كتاب (الهداية).

و(كتاب الهداية) كتاب في الفقه الحنفي ألفه العلامة علي بن أبي بكر المرغياني الحنفي المتوفى سنة 593 هجرية.

سَبْق الإمام الزيلعي في ميدان التخريج وسَبْق كتابه (نصب الراية) في هذا الميدان:

إن الإمام الزيلعي له قصب السَّبق في ميدان تخريج الحديث، وإن كتابه (نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية) من أسبق الكتب وأجودِها وأروعها؛ فمن الإمام الزيلعي ومن كتابه (نصب الراية) أفاد العلماء من بعده منه الكثير والكثير، واعتمدوا عليه في كثير من تخاريجهم، ومن هؤلاء الأعلام الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني؛ فلقد أفاد كثيرًا من هذا الكتاب في كتابيه (الدراية في تخريج أحاديث الهداية) و(التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير).

وقد أشار -رحمه الله تعالى- إلى ذلك في مقدمة كتاب (الدراية) ومقدمة (تلخيص الحبير) واعترف بذلك وأقر أمانةً منه -رحمه الله تعالى- وإسنادًا للعلم إلى أهله؛ فلقد قالوا قديمًا: بركة العلم إسناده إلى قائليه.

والعلماء تكلموا كثيرًا عن كتاب (نصب الراية) تقويمًا وتقديرًا لهذا الكتاب.

مما تقدم يتبين أن كتاب (نصب الراية) له قيمة علمية عالية، وأنه أمد العلماء بالكثير من المعلومات والقواعد والأصول في فن التخريج، ولقد أثنى عليه كثير من العلماء:

يقول العلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني عن هذا الكتاب: وهو تخريج نافع جدًّا منه استمد من جاء بعده من شراح (الهداية)؛ بل منه استمد كثيرًا الحافظ ابن حجر في تخاريجه، وهو شاهد على تبحره في فن الحديث، وأسماء الرجال، وسعة نظره في فروع الحديث إلى الكمال، والكتاب يتناول أحاديث الأحكام التي استدل بها الحنفية أو غيرهم من فقهاء المذاهب الأخرى المتبوعة، ويذكر أدلة المذاهب الأخرى التي هي غير مذهبه بكمال الإنصاف.

يقول الدكتور محمود الطحان في كتابه (أصول التخريج ودراسة الأسانيد): والكتاب يعتبر موسوعة ضخمة لتخريج أحاديث الأحكام سواء التي استدل بها الحنفية وغيرهم من أصحاب المذاهب الأخرى؛ فهو حاوٍ لجُل ما يستدل به الفقهاء من سائر أصحاب المذاهب المتبوعة، وهذه ميزة عظيمة يمتاز بها هذا الكتاب الجليل.

طريقة التخريج من كتاب (نصب الراية لأحاديث الهداية):

وللإمام الزيلعي طريقة في تخريج الأحاديث في كتابه هذا، وهي طريقة كان للإمام الزيلعي فيها قصب السبق، وطريقته كالآتي:

أولًا: يذكر نص الحديث الذي أورده الإمام علي بن أبي بكر المرغياني الحنفي في كتابه (الهداية).

ثانيًا: يذكر من أخرجه من أصحاب كتب الحديث وغيرها.

ثالثًا: يذكر طرق الحديث ومواضعه.

رابعًا: يذكر المتابعات والشواهد من الأحاديث التي تدعم وتشهد للحديث الذي جاء في (الهداية) محور البحث.

خامسًا: يذكر من أخرج المتابعات والشواهد مع بيان مواضعها في كتبها الخاصة.

سادسًا: يُطلق على هذه المتابعات والشواهد من الأحاديث التي جاءت؛ استئناسًا لأحاديث الكتاب المراد تخريجه أحاديث الباب.

سابعًا: إن كانت المسألة التي ورد فيها الحديث في كتاب (الهداية) خلافية يذكر الإمام الزيلعي الأحاديث التي استشهد بها العلماء والأئمة المخالفون لما ذهب إليه الأحناف.

ثامنًا: يطلق على الأحاديث التي استشهد بها أصحاب المذاهب الأخرى غير الأحناف أحاديث الخصوم.

تاسعًا: يقوم بتخريج أحاديث المخالفين الذين سماهم بالخصوم للأحناف؛ فيذكر مَن أخرجها ومواطنها في كتب الحديث بكمال النزاهة والإنصاف.

عاشرًا: رتب الإمام الزيلعي كتابه (نصب الراية لأحاديث الهداية) حسب ترتيب الكتب الفقهية الموجودة في كتب الفقه؛ مقتديًا بالكتاب الأصلي الذي يريد تخريجه وهو كتاب (الهداية).

يبدأ الكتاب بتخريج أحاديث كتاب الطهارة ثم الصلاة إلى آخر أبواب الفقه.

ولهذا فالرجوع والبحث في هذا الكتاب -أي: كتاب (نصب الراية)- سهل جدًّا؛ لأنه ما على المراجع فيه إلا أن يعرف موضوع الحديث -يعني: في أي باب من أبواب الفقه بأي باب يتعلق، ثم ينظره في ذلك الباب فيجده -إن شاء الله تعالى- ويجد تخريجه تخريجًا وافيًا كافيًا.

طبعات الكتاب:

لقد طبع كتاب (نصب الراية في أحاديث الهداية) للإمام الزيلعي مرتين أو طبعتين: طبعة الكتاب الأولى كانت في الهند في أوائل القرن الرابع عشر الهجري.

وصف هذه الطبعة الهندية:

لقد قرر العلماء بأن طبعة الكتاب الهندية -وهي الطبعة الأولى للكتاب- كانت مشحونة بالأغلاط في الأسانيد والمتون، وفيها تصحيف وسقط، بحيث لا يمكن الاعتماد عليها.

الطبعة الثانية: كانت الطبعة الثانية لكتاب (نصب الراية لأحاديث الهداية) بالقاهرة، تحت إشراف وتصحيح إدارة المجلس الأعلى بالباكستان، وذلك سنة 1357 هجرية الموافق 1938 ميلادية بمطبعة دار المأمون.

وصف الطبعة القاهرية:

جاءت طبعة الكتاب القاهرية جيدة للغاية محققة للهدف وليس بها أغاليط ولا تصحيف، وكانت هذه الطبعة في أربعة مجلدات كبار؛ فجاءت شافية وافية بالغرض المنشود.

جزى الله سبحانه وتعالى كل من قام بالعمل على إنجاز هذا العمل العلمي الرائع خير الجزاء.

ترجمة مختصرة للإمام الزيلعي صاحب كتاب (نصب الراية):

اسمه: هو الحافظ الإمام المتقن الحجة جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي.

نسبته: الزيلعي نسبة إلى بلدة زيلع، وهي بلدة تقع على ساحل الحبشة، وفيها موضع لمحط السفن، وهي الآن من أرض الصومال.

“الحنفي” نسبة إلى المذهب الحنفي الذي كان يتمذهب به ويرتضيه والمذهب الحنفي -كما هو معلوم- نسبة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان -رحمه الله-.

نشأته: نشأ الإمام الزيلعي نشأة علمية؛ فتفقه وبرَعَ فيه، وطلب الحديثَ واعتنى به وخرج وألف، وجمع وسمع من كبار شيوخ وقته.

شيوخه: للإمام الزيلعي شيوخ كثيرون تلقى عليهم العلم ونهل من علمهم، من هؤلاء الشيوخ: الفجر الزيلعي شارح (الكنز)، والقاضي علاء الدين التركماني.

علمه: لازم الإمام الزيلعي مطالعة كتب الحديث واعتنى بها، واهتم بتخريج الأحاديث وتبيين طرقها وذكر الاستشهادات من الأحاديث، وكان يرافقه في رحلة الاطلاع على كتب الحديث الإمام الحافظ زين الدين العراقي.

مؤلفاته: للإمام الزيلعي مؤلفات قيمة، أهمها وأشهرها هذا الكتاب الذي بين أيدينا والذي نقوم بدراسته: (نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية).

وفاته: توفي -رحمه الله تعالى- في القاهرة ودفن فيها سنة 762 هجرية -رحمه الله تعالى.

error: النص محمي !!