Top
Image Alt

الحديث الحسن لذاته

  /  الحديث الحسن لذاته

الحديث الحسن لذاته

تعريف الحسن في اللغة: الحسن في اللغة ضد القبيح  والسيء، ويُستعمل في المحسوسات والمعنويات.

تعريف الحديث الحسن لذاته اصطلاحًا: اختلفت عبارات العلماء في تعريف الحديث الحسن لذاته، وذلك يرجع إلى أن الحسن درجة متوسطة بين الصحيح والضعيف، فشَقَّ على العلماء أن يعرفوا الحديث الحسن بتعريف جامع مانع لا يرد عليه أيُّ اعتراض، وهذه بعض التعريفات:

أولًا: تعريف أبي سليمان الخطابي:

قال الإمام أبو سليمان الخطابي: الحديث الحسن لذاته هو ما عُرف مخرجه، واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، ويقبله أكثر العلماء، واستعمله عامة الفقهاء.

شرح تعريف الخطابي والاعتراض عليه:

اشتمل تعريف الخطابي على عدة قيود:

القيد الأول: ما عُرف مخرجه، والمراد بمعرفة مخرج الحديث اتصال الإسناد؛ لأن الإسناد إذا كان متصلًا عرفنا موطن كل راوٍ وجهته، وذلك لأن المخرج موضع الخروج يقال: خرج مخرجًا حسنًا، وهذا مخرجه، فالمخرج اسم مكان. فإذا كان الحديث من رواية راوٍ قد اشتهر برواية حديث أهل بلده كقتادة بن دعامة السدوسي البصري، فإنه قد اشتهر برواية حديث البصريين، فإذا جاء الحديث عن قتادة كان معروف المخرج، وخرج بهذا القيد كلُّ صور الانقطاع، ويأتي الحديث عنها -إن شاء الله تعالى- في باب الحديث الضعيف.

القيد الثاني: اشتهر رجاله، والمراد اشتهارهم بالعدالة والضبط القاصر عن ضبط رجال الصحيح، غير أن الخطابي لم يصرِّح بذلك، لذلك اعترض عليه العلماء فقالوا: إن تعريفه غير مانع من دخول غير الحسن فيه، وشرط التعريف أن يكون جامعًا مانعًا.

اعتراض ابن دقيق العيد على تعريف الخطابي:

قال ابن دقيق العيد: إن تعريف الخطابي للحديث الحسن يدخل فيه الحديث الصحيح؛ لأنه قد عُرف مخرجه، واشتهر رجاله، وقد اعترض ابن الصلاح وصاحب المنهل الرويّ على الخطابي بمثل اعتراض ابن دقيق العيد.

الرد على ابن دقيق العيد:

قال الشيخ تاج الدين التبريزي: في قول ابن دقيق العيد نظر؛ لأن ابن دقيق العيد ذكر أن الصحيح أخص من الحسن، قال: ودخول الخاص في حد العام ضروري، والتقييد بما يُخرجه عنه مُخلّ بالحد أي: بالتعريف.

قال الحافظ العراقي: وهو اعتراض متجه.

قال الحافظ السخاوي عقب رد التبريزي على ابن دقيق العيد وبه اندفع الاعتراض، وحاصله: أن ما وجدت فيه هذه القيود كان حسنًا، وما كان فيه معها قيد آخر يصير صحيحًا، ولا شك في صدق ما ليس فيه على ما فيه إذا وُجدت قيود الأول، لكن قال شيخنا: إن هذا كله بناء على أن الحسن أعمّ مطلقًا من الصحيح.

أما إذا كان من وجه كما هو واضح ممن تدبَّره فلا يرد اعتراض التبريزي؛ إذ لا يلزم من كون الصحيح أخصّ من الحسن من وجهٍ أن يكون أخص منه مطلقًا حتى يدخل الصحيح في الحسن، وبيان كونه وجهيًّا فيما يظهر أنهما يجتمعان فيما إذا كان الصحيح لغيره والحسن لذاته، ويفترقان في الصحيح لذاته والحسن لغيره، ويُعبر عنه بالمباينة الجزئية، ثم رجع شيخنا فقال: والحق أنهما متباينان؛ لأنهما قسمان في الأحكام فلا يصدق أحدهما على الآخر ألبتة.

قال الحافظ السخاوي: “ويتأيد التباين بأنهما وإن اشتركا في الضبط فحقيقته في أحدهما غير الآخر، وهو مثل من جعل المباح من جنس الواجب؛ لكون كل منهما مأذونًا فيه، وغفل عن فصل المباح وهو عدم الذم لتاركه، فإن من جعل الحسن من جنس الصحيح للاجتماع في القبول؛ غفل عن فصل الحسن، وهو قصور ضبط راويه”.

اعتراض ابن جماعة على تعريف الخطابي:

قال ابن جماعة: يُعترض على تعريف الخطابي بأنه غير مانع؛ لأن الضعيف الذي عُرف مخرجه، واشتهر رجاله بالضعف يدخل في تعريف الحسن عند الخطابي، ولكن يُردّ على ابن جماعة بأن المراد باشتهار رجال الحسن شهرة خاصة، ثم إن بقيَّة تعريف الخطابي يردُّ هذا الاعتراض؛ حيث قال فيه: ويقبله أكثر العلماء واستعمله عامة الفقهاء. والضعيف ليس كذلك، إذًا مراد الخطابي بالشهرة الشهرة بالعدالة والضبط، القاصر عن ضبط الصحيح، وليس المراد مطلق الشهرة.

ولا بد مع هذين الشرطين ألا يكون الحديث شاذًّا ولا معللًا، قال الحافظ السيوطي: ثم قال الخطابي في تتمة كلامه، وعليه مدار أكثر الحديث؛ لأن غالب الأحاديث لا تبلغ رتبة الصحيح، ويقبله أكثر العلماء، وإن كان بعض أهل الحديث شدَّد فردَّ بكل علة قادحة أم لا. كما روي عن ابن أبي حاتم أنه قال: سألت أبي عن حديث فقال إسناده حسن، فقلت” يُحتج به فقال: لا.

قوله: “واستعمله عامة الفقهاء” أي: أن أكثر الفقهاء يعملون بالحديث الحسن، فيستنبطون منه الأحكام خلافًا لمن تشدَّد منهم، فإنهم لا يستنبطون منه الأحكام، وهذا الكلام وهو قوله واستعمله عامة الفقهاء، فهمه العراقي زائدًا عن التعريف فأخَّر ذكره وفصله عن التعريف، ولكنه داخل في التعريف؛ ليخرج بذلك الحديث الصحيح، فإنه لا خلاف في العمل به بين الفقهاء، وليخرج بذلك الحديث الضعيف فإنه لا يُعمل به إلا عند بعض العلماء بشروط.  قال البلقيني: بل هو أي: قوله “واستعمله عامة الفقهاء” من جملة الحدّ أي: التعريف ليخرج الصحيح بل والضعيف.

التعريف الثاني: تعريف الترمذي للحديث الحسن:

قال أبو عيسى الترمذي في كتاب (العلل): وما ذكرنا في هذا الكتاب -أي: سنن الترمذي- حديث حسن، فإنما أردنا به حُسن إسناده عندنا، ثم عرَّف الحديث الحسن فقال: كل حديث يُروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذًّا، ويروى من غير وجه نحو ذلك؛ فهو عندنا حديث حسن.

شرح تعريف الترمذي والاعتراض عليه:

قال شيخ الإسلام ابن حجر: قد ميَّز الترمذي الحسن عن الصحيح بشيئين:

الشيء الأول: أن يكون راويه قاصرًا عن درجة راوي الصحيح، بل وراوي الحسن لذاته، وهو أن يكون غير متهمًا بالكذب؛ فيدخل فيه المستور والمجهول، ونحو ذلك، وراوي الصحيح لا بد وأن يكون ثقة، وراوي الحسن لذاته لا بد وأن يكون موصوفًا بالضبط، ولا يكفي كونه غير متهم”. قال: “ولم يعدل الترمذي عن قوله ثقات، وهي كلمة واحدة إلى ما قاله إلا لإرادة قصور راويه عن وصف الثقة كما هي عادة البلغاء”.

الشيء الثاني: مجيئه من غير وجه على أن عبارة الترمذي فيما ذكره في (العلل) التي في آخر جامعه “وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنما أردنا حسن إسناده… إلى آخر كلامه”.

قال ابن سيد الناس: “فلو قال قائل: إن هذا إنما اصطلح عليه في كتابه، ولم يقله اصطلاحًا عامًّا لكان له ذلك”.

وقال بعض المتأخرين: “قول الترمذي مرادف لقول الخطابي، فإنه قوله ويروى نحوه من غير وجه كقوله ما عُرف مخرجه، وقول الخطابي اشتهر رجاله يعني: بالسلامة من وصمة الكذب كقول الترمذي ولا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، وزاد الترمذي ولا يكون شاذًّا ولا حاجة إليه؛ لأن الشاذ ينافي عرفان المخرج، فكأن المصنف أسقطه لذلك”.

لكن قال العراقي: “تفسير قول الخطابي ما عُرف مخرجه بما تقدم من الاحتراز عن المنقطع؛ لأن الساقط منه بعض الإسناد لا يُعرف فيه مخرج الحديث؛ إذ لا يدري من سقط، بخلاف الشاذّ الذي أبرز كل رجاله؛ فعرف مخرج الحديث من أين”.

وقال البلقيني: “اشتهار الرجال أخص من قوله ولا يكون في الإسناد متهم لشموله المستور”.

قال ابن الصلاح بعد أن ذكر تعريف الترمذي وتعريف ابن الجوزي: “كل هذا مستفهم لا يشفي الغليل”، وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن من الصحيح، وسنذكر تعريف ابن الصلاح إن شاء الله تعالى.

وكذا قال الحافظ أبو عبد الله بن المواق: “لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميّزه عن الصحيح، فلا يكون صحيحًا إلا وهو غير شاذّ ورواته غير متهمين، بل ثقات”.

قال ابن سيد الناس: “بقي عليه أنه اشترط في الحسن أن يروى من وجه آخر، ولم يشترط ذلك في الصحيح”.

قال الحافظ العراقي: إن الترمذي حسن أحاديث لا تُروى إلا من وجه واحد كأحاديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك)). الحديث أخرجه الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء. قال أبو عيسى: “هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف ابن أبي بردة”، وأخرجه غير الترمذي فقوله: “حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه”، وقد أجاب ابن سيد الناس عن هذا الحديث بأن الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه ما كان راويه في درجة المستور، ومَن لم تثبت عدالته قال: “وأكثر ما في الباب أن الترمذي عرَّف بنوع منه لا بكل أنواعه”.

التعريف الثالث: تعريف ابن الجوزي:

قال ابن الجوزي في تعريف الحديث الحسن: “والحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل: هو الحديث الحسن ويصلح للعمل به”.

شرح تعريف ابن الجوزي والاعتراض عليه:

قال الطيبي: “ما ذكره ابن الجوزي مبني على أن معرفة الحسن موقوفة على معرفة الصحيح والضعيف؛ لأن الحسن وسط بينهما، فقوله: “قريب” أي: قريب مخرجه إلى الصحيح محتمل؛ لكون رجاله مستورين. قال ابن دقيق العيد: وليس ما ذكره منضبطًا بضابط يتميز به القدر المحتمل من غيره”. وقد أجاب عن هذا الاعتراض الطيبي فيما سبق.

قال البدر بن جماعة: “وأيضًا فيه دور لأنه عرفه بصلاحيته، وذلك يتوقف على معرفة كونه حسنًا”.

وقد أجاب عن ذلك الحافظ السيوطي فقال: “ليس قوله: “ويعمل به” من تمام الحد، بل زائد عليه لإفادة أنه يجب العمل به كالصحيح، ويدل على ذلك أنه فصله عن الحد أي: عن التعريف؛ حيث قال ما فيه ضعف قريب محتمل فهو الحديث الحسن، ويصلح البناء عليه والعمل به”.

التعريف الرابع: تعريف ابن الصلاح:

 قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بعد أن ذكر تعريف أبي سليمان الخطابي وأبي عيسى الترمذي وأبي الفرج بن الجوزي قلت: كل هذا مستبهم لا يشفي الغليل، وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن من الصحيح، وقد أمعنت النظر في ذلك، والبحث جامعًا بين أطراف كلامه ملاحظًا مواقع استعمالهم، فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان:

القسم الأول: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستورٍ لم تحقق أهليته غير أنه ليس مغفلًا كثير الخطأ فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب في الحديث أي: لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسر، ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر، حتى اعتضّ بمتابعة من تابع راويه على مثله، أو بما له من شاهد، وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج بذلك عن أن يكون شاذًّا ومنكرًا، وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل، وهذا هو تعريف الحديث الحسن لغيره.

القسم الثاني: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح؛ لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يُعدّ ما ينفرد به من حديثه منكرًا، ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذًّا ومنكرًا سلامته من أن يكون معللًا. وعلى هذا القسم يتنزَّل كلام الخطابي، فهذا الذي ذكرناه جامع لما تفرق في كلام من بلغنا كلامه في ذلك، وكأن الترمذي ذكر أحد نوعي الحسن، وذكر الخطابي النوع الآخر، واقتصر كل واحد منهما على ما رأى أنه يُشكِل معرضًا عما رأى أنه لا يشكل، أو أنه غفل عن البعض وذهل، والله أعلم. هذا تأصيل ذلك وتوضيحه.

الاعتراض على تعريف ابن الصلاح:

قال ابن دقيق العيد: “وعليه مؤاخذات ومناقشات”، قال ابن جماعة: “يرد على الأول من القسمين الضعيف، والمنقطع، والمرسل الذي في رجاله مستور، وروي مثله أو نحوه من وجه آخر، وعلى الثاني المرسل الذي اشتهر راويه بما ذكر؛ فإنه كذلك، وليس بحسن في الاصطلاح”.

التعريف الخامس: تعريف ابن جماعة للحديث الحسن:

قال: “لو قيل الحسن كل حديث خالٍ من العلل، وفي سنده المتصل مستورٌ له به شاهد، أو مشهور قاصر عن درجة الإتقان؛ لكان أجمع لما حدَّدوه وأقصر، وهذا التعريف للحديث الحسن بقسميه، فالشطر الأول وهو قوله الحسن كل حديث خالٍ من العلل، وفي سنده المتصل مستور له به شاهد، هذا تعريف الحسن لغيره”.

أما الشطر الثاني وهو قوله الحسن: كل حديث خال من العلل، وفي سنده المتصل مشهور قاصر عن درجة الإتقان، فهذا تعريف الحسن لذاته.

التعريف السادس: تعريف الطيبي:

قال الطيبي: “لو قيل الحسن مسند من قرب من درجة الثقة، أو مرسل ثقة، وروي كلاهما من غير وجه، وسلم من شذوذ وعلة؛ لكان أجمع الحلول وأضبطها وأبعد عن التعقيد”.

يعترض على تعريف الطيبي بأن الحسن لذاته لا يشترط فيه ن يُروى من غير وجه، فهذا شرط الحسن لغيره والطيبي سوَّى بينهما.

التعريف السابع: تعريف شيخ الإسلام ابن حجر:

قال: “هو ما اتصل سنده بنقل عدل خفيف الضبط من غير شذوذ ولا علة” وهذا التعريف أخذناه من مجموع كلامه في تعريف الصحيح والحسن حيث قال -رحمه الله-: “وخبر الآحاد بنقل العدل، تام الضبط، متصل مسند، غير معلل، ولا شاذ، وهو الصحيح لذاته، فإن خفَّ الضبط -أي: قل- والمراد مع بقية الشروط المتقدمة في حد الصحيح فهو الحسن لذاته، لا لشيء خارج” فشرك ابن حجر بين الصحيح والحسن في كل الشروط إلا تمام الضبط، ثم عرف الحسن لغيره فقال هو الذي يكون حسنه بسبب الاعتضاد نحو حديث المستور إذا تعدَّدت طرقه.

ويُلاحظ أن الحافظ ابن حجر سوَّى بين الحديث الصحيح، والحديث الحسن في كل الشروط إلا في شرط الضبط؛ حيث بين -رحمه الله- أن راوي الحديث الصحيح تام الضبط أما راوي الحديث الحسن فهو خفيف الضبط.

قال الإمام تقي الدين أحمد الشمني: “الحسن خبر متصل قلَّ ضبط راويه العدل، وارتفع عن حال من يُعدّ تفرده منكرًا، وليس بشاذّ ولا معلل”.

من التعريفات السابقة للحديث الحسن بذاته يتضح لنا ما يأتي:

  1. الحديث الحسن لذاته يشارك الحديث الصحيح في جميع شروطه إلا في شرط واحد، وهو شرط الضبط، فراوي الحديث الصحيح لذاته لا بد أن يكون تام الضبط، أما راوي الحديث الحسن لذاته فهو خفيف الضبط، أو يشترط فيه مسمى الضبط لا تمامه.
  2. الحديث الحسن لذاته يُشارك الحديث الصحيح لذاته في وجوب العمل به، وإن كان دونه في المرتبة؛ ولهذا أدرجه بعض العلماء في قسم الحديث الصحيح كالحاكم أبي عبد الله النيسابوري صاحب (المستدرك) وابن خزيمة وابن حبان مع قولهم بأن الحسن لذاته دون الصحيح لذاته.

سبب اختلاف العلماء في تعريف الحديث الحسن:

قال ابن كثير: “وهذا النوع -أي: الحديث الحسن- لما كان وسطًا بين الصحيح والضعيف في نظر الناظر لا في نفس الأمر؛ عسُر التعبير عنه وضبطه على كثير من أهل هذه الصنعة -أي: أهل الحديث- وذلك لأنه أمر نسبي شيء ينقدح في نفس الحافظ، وربما تقصر عبارته عنه”. وكذلك قال البلقيني، وقال كما قيل في الاستحسان أي: في تعريفه، فلذلك صعب تعريفه.

تفاوت مراتب الحديث الحسن:

أولًا: الحديث الحسن لذاته ليس كله في مرتبة واحدة، بل تتفاوت مراتبه كما تفاوتت مراتب الحديث الصحيح لذاته، وذلك إنما يرجع إلى مدى تمكن الحديث الحسن لذاته من شروطه، فليس الحديث الحسن لذاته الذي في إسناده راوٍ واحد صدوق كالحديث الحسن لذاته الذي في إسناده أكثر من راوٍ موصوف بأنه صدوق… إلى غير ذلك.

ثانيًا: الحديث الحسن الذي اختلف العلماء في تصحيحه، أو تحسينه أقوى مما اتفق العلماء على تحسينه، مثال ذلك: حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فذهب بعض العلماء إلى تصحيح ما رُوي بإسناد من هذين الإسنادين، وذهب بعض العلماء إلى تحسين ما روي بإسناد من هذين الإسنادين.

error: النص محمي !!