الحديث المقطوع: تعريفه، وحكمه
تعريف المقطوع لغة: المقطوع اسم مفعول فعله قطع، ضد وصل، ويجمع على مقاطيع بإثبات الياء، ومقاطع بحذف الياء كالمسانيد، والمراسيل.
تعريف الحديث المقطوع اصطلاحًا: هو ما أضيف إلى التابعي قولًا له، أو فعلًا متصلًا كان أو منقطعًا، وخلا من قرينة تدل على رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو وقفه على الصحابي. خرج بهذا التعريف الحديث المرفوع، والحديث الموقوف، وما أضيف إلى غير التابعين فمن بعدهم من قول أو فعل.
قال الحافظ ابن حجر في تعريف الحديث المقطوع: هو ما أضيف إلى التابعي فمن دون التابعي من أتباع التابعين، فمن بعدهم. فيدخل في هذا التعريف ما أضيف إلى التابعين وإلى غير التابعين ممن جاء بعدهم.
أقسام الحديث المقطوع:
ينقسم الحديث المقطوع إلى قسمين:
- الحديث المقطوع لفظًا المرفوع حكمًا.
- الحديث المقطوع لفظًا وحكمًا.
أولا: الحديث المقطوع لفظًا المرفوع حكمًا: وهو الحديث المضاف إلى التابعي واحتفت به قرينة تدل على رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدخل تحت هذا القسم ما يأتي:
- إذا قال الراوي عند ذكر التابعي: يرفع الحديث، أو يرفعه، أو يبلغ به، أو رواه.
- إذا قال التابعي قولًا، أو فعل فعلًا لا مجال للرأي أو للاجتهاد فيه، ولم يكن هذا التابعي أخذ من أهل الكتاب.
- إذا ذكر التابعي سببًا لنزول آية من القرآن الكريم، ونحو ذلك مما لا يقال من قبل الرأي.
- إذا قال الراوي عن التابعي: يرفع الحديث أو يبلغ به، فإن هذا كله يأخذ حكم المرفوع المرسل، ويصلح للاحتجاج به عند من يحتج بالحديث المرسل.
- إذا قال التابعي: من السنة كذا. قال الإمام النووي: إذا قال التابعي: من السنة كذا فالصحيح أنه موقوف. وقال بعض أصحابنا (الشافعيين): إنه مرفوع مرسل، مثال ذلك: ما رواه البيهقي من قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى، حين يجلس على المنبر، قبل الخطبة تسع تكبيرات. قال الحافظ السخاوي: ألحق الشافعي رحمه الله بالصحابة سعيد بن المسيب، فإذا قال سعيد: من السنة كذا فإن المراد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
- إذا قال التابعي: أمرنا بكذا، قال السخاوي: قال أبو حامد الغزالي: إذا قال التابعي: أمرنا بكذا، يحتمل أنه يريد أمر الشارع، أو أمر كل الأمة؛ فيكون حجة، أو بعض الصحابة، فلا. لكن لا يليق بالعالم أن يطلق ذلك إلا وهو يريد من تجب طاعته. قال السخاوي: إن الغزالي رجح الرفع، أو الإجماع لقوله “لكن لا يليق بالعالم أن يطلق ذلك إلا وهو يريد من تجب طاعته”.
- إذا قال التابعي: كانوا يفعلون كذا، قال الإمام النووي: إذا قال التابعي: “كانوا يفعلون” فلا يدل على فعل جميع الأمة؛ بل على بعض الأمة، فلا حجة فيه إلا أن يصرح بنقله عن أهل الإجماع؛ فيكون نقلًا للإجماع، وفي ثبوته بخبر الواحد فيه خلاف.
إذا قال التابعي: لا أعرف بينهم فيه خلافًا. فإن كان من أهل الاجتهاد، فاختلف أصحابنا؛ فأثبت الإجماع به قوم ونفاه آخرون، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد ولا ممن أحاط علمًا بالإجماع والاختلاف لم يثبت الإجماع بقوله.
- إذا قال التابعي: كنا نفعل كذا. قال السخاوي: إذا لم يضف التابعي هذا القول إلى زمن الصحابة فليس بمرفوع، ولا موقوف قطعًا؛ بل مقطوع. إذا أضاف التابعي هذا القول إلى زمن الصحابة احتمل أن يكون موقوفا؛ لأن الظاهر اطلاعهم على ذلك، وتقريرهم له، ويحتمل عدم تقريره؛ لأن تقرير الصحابي لا ينسب إليه بخلاف تقريره صلى الله عليه وسلم .
ثانيًا: الحديث المقطوع لفظًا وحكمًا:
وهو الحديث المضاف إلى التابعي قولًا له أو فعلًا، وخلا من قرينة تدل على رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
حكم الحديث المقطوع من حيث الصحة وغيرها:
سبق أن قلنا: إن الوصف بالقطع خاص بالمتن دون الإسناد، وعلى ذلك فالمقطوع منه ما هو صحيح، ومنه ما هو حسن، ومنه ما هو ضعيف، وذلك إنما يرجع إلى مدى توفر شروط القبول أو عدم توفرها في الحديث، كما سبق في الحديث المرفوع.
حكم العمل بالحديث المقطوع: ذهب بعض العلماء إلى عدم جواز الاحتجاج بالمقطوع، بل قالوا: إن المقطوع لا يدخل في أنواع الحديث أصلًا.
قال الزركشي: إدخال المقطوع في أنواع الحديث فيه تسامح كبير، فإن أقوال التابعين ومذاهبهم لا دخل لها في الحديث، فكيف تعد نوعًا منه، قال: نعم. يجيء هنا ما في الموقوف من أنه إذا كان ذلك لا مجال للاجتهاد فيه يكون في حكم المرفوع، وبه صرح ابن العربي، وادعى أنه مذهب مالك، وقد سبق رد السخاوي على أصحاب هذا الرأي، وبين أن الموقوف والمقطوع يدخلان في أنواع الحديث.
ما الفرق بين الحديث المقطوع والحديث المنقطع؟ وهل يطلق المقطوع على المنقطع؟
سبق تعريف الحديث المقطوع، وقلنا: هو ما أضيف إلى التابعي قولًا له أو فعلًا، وخلا من قرينة تدل على رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدخل في ذلك ما أضيف إلى من بعد التابعين. هذا هو تعريف الحديث المقطوع.
أما المنقطع: فهو الحديث الذي لم يتصل إسناده على أي وجهٍ كان انقطاعه، فهو من أنواع الحديث الضعيف. وعلى ذلك فالمنقطع من مباحث الإسناد، أما المقطوع فهو من مباحث المتن.
مظَان الحديث الموقوف والمقطوع:
يطلب الحديث الموقوف والمقطوع من المصنفات الآتية:
- مصنف ابن أبي شيبة: للإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، المتوفى في سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين من الهجرة.
- مصنف عبد الرزاق: للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المتوفى في سنة إحدى عشرة ومائتين من الهجرة.
- تفسير الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني.
- تفسير ابن جرير الطبري، المسمى “جامع البيان عن تأويل آي القرآن” للإمام أبو جعفر بن جرير الطبري، المتوفى في سنة عشرة وثلاثمائة من الهجرة.
- تفسير ابن أبي حاتم، للإمام أبي محمد عبد الرحمن ابن الإمام أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، الحافظ المتوفى في سنة سبعٍ وعشرين وثلاثمائة من الهجرة.