Top
Image Alt

الحديث المقلوب: تعريفه، وأقسامه

  /  الحديث المقلوب: تعريفه، وأقسامه

الحديث المقلوب: تعريفه، وأقسامه

تعريف المقلوب لغةً: اسم مفعول من القلب: وهو تحويل الشيء عن وجهه.

أقسام المقلوب: ينقسم المقلوب إلى قسمين:

  • مقلوب السند.
  • مقلوب المتن.

القسم الأول: مقلوب السند:

وهو ما وقع الإبدال في سنده.

أنواع مقلوب السند:

ينقسم مقلوب السند إلى نوعين:

النوع الأول: ما قُلِب بعض إسناده، وذلك بأن يكون الحديث مشهورًا براوٍ فيجعل مكانه راويًا آخرَ من طبقته، نحو حديث مشهور عن سالم بن عبد الله بن عمر؛ فيجعل عن نافع مولى ابن عمر ليرغب فيه لغرابته. قال ابن دقيق العيد: وهذا هو الذي يطلق على راويه أنه يسرق الحديث.

النوع الثاني: ما قُلِب كلُّ إسناده: وذلك بأن يؤخذ إسناد متن فيجعل لمتن آخر، ومتن هذا الإسناد فيجعل لإسناد آخر، وهذا قد يقصد به الإغراب مثل ما حدث في النوع الأول؛ فيكون ذلك كالوضع، وقد يفعل هذا من باب اختبار المحدث للوقوف على مدى حفظه وإتقانه، ومدى قبول المحدث للتلقين، وهل يفطن لذلك أم لا؟

ملحوظة:

قد يقع القلب غلطًا لا قصدًا كما يقع الوضع.

القسم الثاني: مقلوب المتن:

كما يقع القلب في الإسناد يقع أيضًا في المتن، مثال ذلك: عن أبي هريرة   رضي الله عنه   عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشابٌّ نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلقٌ بالمساجدِ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذاتُ منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه»، الحديث أخرجه الإمام مسلم.

قال الإمام النووي قوله: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله». هكذا وقع في جميع نسخ (صحيح مسلم) في بلادنا وغيرها، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع روايات نسخ مسلم: «لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» والصحيح المعروف: «حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»، هكذا رواه مالك في (الموطأ) والبخاري في صحيحه… وغيرهما من الأئمة، وهو وجه الكلام؛ لأن المعروف في النفقة فعلها باليمين.

قال الحافظ ابن حجر عقب قوله: «حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»: هكذا وقع في معظم الروايات في هذا الحديث في البخاري وغيره، ووقع في (صحيح مسلم) مقلوبًا: «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله».

لماذا كان الحديث الذي وقع فيه القلب من أنواع الحديث الضعيف؟

لأنه يترتب على القلب في الإسناد خلل في الحكم على الحديث، ويترتب على القلب في المتن خلل في استنباط الأحكام الشرعية ومعرفة الحقائق وفساد المعنى.

مربع نص: الحديث المضطرب: تعريفه، وأقسامه

المضطرب لغةً: من الاضطراب وهو اختلال الأمر وفساد نظامه.

تعريف الحديث المضطرب اصطلاحًا: هو الحديث الذي يُروى على أوجه مختلفة من راوٍ واحد مرتين أو أكثر، أو من راويين، أو رواة متقاربة ولا مرجح بين الروايات.

من تعريف الحديث المضطرب يتضح أنه لا يحكم على الحديث بالاضطراب إلا إذا تحقق فيه شرطان:

الشرط الأول: اختلاف روايات الحديث بحيث لا يمكن الجمع بينها؛ فإن أمكن الجمع بين الروايات التي ظاهرها الاضطراب بوجه من أوجه الجمع؛ فإنه لا يحكم عليه بالاضطراب، وتكون هذه الروايات مقبولة معمولًا بها، ويكون هذا الاضطراب من حيث الظاهر فقط.

الشرط الثاني: تساوي الروايات في القوة بحيث لا يمكن ترجيح إحدى الروايتين؛ فإن أمكن ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى؛ فلا يكون هناك اضطراب؛ بل تكون الرواية الراجحة هي المحفوظة، والرواية المرجوحة شاذة منكرة.

قال الإمام النووي: المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة؛ فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها أو كثرة صحبةٍِ للمروي عنه أو غير ذلك؛ فالحكم للراجحة ولا يكون مضطربًا.

أقسام الاضطراب:

ينقسم الاضطراب إلى ثلاثة أقسام:

  • الاضطراب في الإسناد.
  • الاضطراب في المتن.
  • الاضطراب في الإسناد والمتن معًا.

أولًا: الاضطراب في الإسناد:

أن يقع الاضطراب في صورة سند رواته ثقات إما باختلاف في وصل وإرسال، أو في إثبات راوٍ وحذفه أو غير ذلك، ووقوع الاضطراب في الإسناد أكثر منه في المتن.

مثال ما وقع الاضطراب في إسناده:

قال الإمام الترمذي: حدثنا أبو كريم، حدثنا معاوية بن هشام عن شيبان عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو بكر   رضي الله عنه  : “يا رسول الله، قد شبت! قال: «شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت»، قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه.

وروى علي بن صالح هذا الحديث عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة نحو هذا، وروي عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة شيء من هذا مرسلًا، وروى أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث شيبان عن أبي إسحاق ولم يذكر فيه: عن ابن عباس.

حدثنا بذلك هشام بن الوليد الهروي، حدثنا أبو بكر بن عياش… قال الدارقطني: هذا مضطرب؛ فإنه لم يروَ إلا من طريق أبي إسحاق، وقد اختلف عليه فيه على نحو عشرة أوجه: فمنهم من رواه مرسلًا، ومنهم من رواه موصولًا، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر، ومنهم من جعله من مسند سعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة.. وغير ذلك، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض، والجمع متعذر، قال الحافظ السيوطي: قال الحافظ ابن حجر: والمثال الصحيح للاضطراب الواقع في الإسناد حديث أبي بكر   رضي الله عنه   أنه قال: يا رسول الله، أراك قد شبتَ. قال: «شيبتني هود وأخواتها».

ثانيًا: الاضطراب في المتن:

وهو أن يقع الاضطراب في ألفاظ حديث واحد لا يمكن الجمع بينها ولا ترجيح رواية على الأخرى.

مثال الاضطراب في المتن: حديث أنس قال: “صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان؛ فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: 2] لا يذكرون: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم} [الفاتحة: 1] في أول القراءة ولا في آخرها”. الحديث أخرجه الإمام مسلم؛ فقد أعلَّ الحافظ ابن عبد البر هذا الحديث بالاضطراب في متنه.

قال ابن عبد البر: اختلف في ألفاظ هذا الحديث اختلافًا كثيرًا متدافعًا مضطربًا؛ منهم من يقول: “صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر…” ومنهم يذكر عثمان، ومنهم من يقتصر على أبي بكر وعثمان، ومنهم من لا يذكر؛ فكانوا لا يقرءون: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم}، ومنهم قال: “فكانوا لا يجهرون بـ {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم}”، ومنهم من قال: “فكانوا يفتتحون القراءة بـ{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}”، ومنهم من قال: “فكانوا يقرءون: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم}”، قال: “وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرءون: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم} والذين لا يقرءونها”.

ثالثًا: الاضطراب في الإسناد والمتن معًا:

مثال الواقع في الإسناد والمتن معًا:

قال الإمام الترمذي: حدثنا محمد بن طريف الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش والشيباني، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم قال: أتانا كتاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم : “ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصى”، الحديث أخرجه الترمذي وأخرجه أبو داود من طريق الحكم.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم هذا الحديث، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عكيم أنه قال: “أتانا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهرين”، قال: وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بشهرين كان يقول: هذا آخر أمر النبيصلى الله عليه وسلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث؛ لَمَّا اضطربوا في إسناده، حيث روى بعضهم فقال: عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم من جُهينة.

قال الخلال: لما رأى أبو عبد الله تزلزلَ الرواة فيه؛ توقف فيه.

قال الحافظ ابن حجر: الاضطراب في سنده، فإنه تارةً قال: “عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم “، وتارةً: “عن مشيخة من جهينة”، وتارةً: “من قرأ الكتاب”.

الاضطراب في المتن: فرواه الأكثر عن غير تقييد، ومن رواه بقيد شهر أو شهرين أو أربعين يومًا أو ثلاثة أيام.

حكم الحديث الذي وقع فيه الاضطراب:

الحديث الذي وقع الاضطراب في إسناده أو متنه أو هما معًا حديث ضعيف؛ لأنه يدل على أن راويه أو رواته لم يضبطوه، ومن المعلوم أن من شروط الحديث المقبول أن يكون كل راوٍ -في إسناده- ضابطًا لحفظه.

قال الحافظ السخاوي: والاضطراب حيث وقع في سند أو متن موجب للضعف لإشعاره بعدم ضبط راويه أو رواته؛ غير أن الاضطراب اضطراب لا يضر بصحة الحديث؛ وذلك كأن يقع الاختلاف في اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ويكون هذا الراوي ثقة؛ فيحكم للحديث بالصحة ولا يضر الاختلاف فيما ذكر مع تسميته مضطربًا وفي (الصحيحين) أحاديث كثيرة بهذه المثابة.

بعض المصنفات في المضطرب:

(المقترب في بيان المضطرب) للحافظ ابن حجر، قال الحافظ السخاوي: التقطه شيخنا من (العلل) للدارقطني وزاد عليه.

error: النص محمي !!