الحديث المنقطع: تعريفه، وحكمه
تعريف المنقطع لغة: المنقطع اسم مفعول فعله انقطع تقول: انقطع الحبل إذا انفصل بعضه عن بعض، فالمنقطع هو المنفصل.
تعريف الحديث المنقطع اصطلاحًا: تعددت تعريفات العلماء للحديث المنقطع اصطلاحًا على النحو الآتي:
التعريف الأول: تعريف الحاكم وابن الصلاح:
ذهب ابن الصلاح تبعًا للحاكم إلى أن الحديث المنقطع: هو الحديث الذي سقط من إسناده راوٍ واحد أو أكثر دون تتابع غير الصحابي، سواء كان هذا الساقط محذوفًا أو مبهمًا.
شرح التعريف: فإن كان الساقط في أكثر من موضع في الإسناد ولم يتتابع السقوط، فإن الحديث يكون منقطعًا في مواضع أو في أكثر من موضع، والمراد بكون الراوي محذوفًا أنه غير مذكور في الإسناد أصلًا، والمراد بكون الراوي مبهمًا أن يذكر الراوي في الإسناد بلفظ لا يُعيّنه، كأن يقول الراوي عن رجل أو عن امرأة أو عن شيخ وغير ذلك، فإن ذكر الراوي في الإسناد مبهمًا بمنزلة عدمه لأنه مجهول العين والحال معًا؛ فكان ذكره في الإسناد كعدمه.
واعتبر بعض المحدثين الحديث الذي في إسناده مبهم حديثًا متصلًا في إسناده مجهول، وهذا الاختلاف لفظي لا تترتب عليه أيُّ فائدة. خرج بهذا التعريف الحديث المعضل والحديث المرسل، ويدخل في هذا التعريف الحديث المعلق.
التعريف الثاني:
الحديث المنقطع: هو الحديث الذي لم يتصل إسناده على أيِّ وجه كان انقطاعه، فيندرج تحت هذا التعريف للحديث المنقطع كل صور الانقطاع؛ سواء ما سقط منه الصحابي أو التابعي، أو ما سقط منه الصحابي والتابعي حتى يدخل فيه ما سقط إسناده كله، فيدخل فيه قول المصنفين ولو تأخروا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بهذا المعنى يكون موافقًا لمفهوم الحديث المرسل عند الفقهاء والأصوليين؛ حيث إنهم يطلقون المرسل على الحديث الذي لم يتصل إسناده على أيِّ وجه كان انقطاعه، وبأي عدد من الرواة.
التعريف الثالث:
الحديث المنقطع هو الحديث الذي يُروى عن التابعي أو من دونه أي: من أتباع التابعين فمن بعدهم قولًا له أو فعلًا، وهذا القول غريب ضعيف؛ لأن المضاف إلى التابعي فمن دونه يُسمَّى مقطوع لا منقطع، ومن المعروف أن الوصف بالقطع خاص بالمتن، فمنه الصحيح وغير الصحيح، أما الوصف بالانقطاع فهذا وصف خاصٌّ بالسند، وهو حديث ضعيف، كما ستعلم ذلك إن شاء الله تعالى.
التعريف الرابع:
الحديث المنقطع: هو الحديث الذي سقط من وسط إسناده راوٍ أو أكثر ولم يتتابع السقوط، خرج بهذا التعريف الحديث المرسل والمعلق والمعضل. وهذا التعريف الرابع أولى التعاريف بالقبول؛ لأنه يخرج به كل صور الانقطاع.
حكم الحديث المنقطع:
الحديث المنقطع حديث ضعيف؛ لأن الساقط من الإسناد مجهول العين والحال معًا، فيُحتمل أن يكون ضعيفًا، بل ويحتمل أن يكون كذابًا، وسبق أن ذكرنا أن من شروط الحديث المقبول أن يكون كل راوٍ في الإسناد عدلًا في دينه ضابطًا في حفظه، والساقط من الإسناد لا نعرف عينه فكيف نعرف حاله، وكذا إذا كان في الإسناد راوٍ مبهم فإن عينه وحاله كلاهما مجهول؛ فذِكْر الراوي على الإبهام كعدم ذكره، فإن ورد الحديث المنقطع من طريق آخر، وذُكر فيه الساقط من الإسناد أو ذُكر المبهم بما يميّزه، وتبيّن أنه عدل في دينه ضابط لحفظه مع بقية الشروط؛ صار الحديث مقبولًا.
لهذا لا يصح أن نبادر إلى الحكم على الحديث بالضعف لمجرد أن في إسناده انقطاعًا، أو لأن الإسناد به راوٍ مبهم؛ لاحتمال أن يكون له إسناد آخر نُصَّ فيه على الساقط أو المبهم.
كيف يُعرف الانقطاع؟
يعرف الانقطاع الذي في الإسناد بواحد من الأمور الآتية:
- أن يثبت تاريخيًّا أن الراوي وُلد بعد وفاة من روى عنه.
- أن يُصرّح الراوي بالانقطاع كأن يقول: حُدثت عن فلان. بالبناء للمجهول، أو بلغني عن فلان.
- أن يثبت أن اللقاء بين الراوي والذي روى عنه لم يكن ممكنًا عادة، كأن يكون الراوي مصريًّا، والذي روى عنه عراقيًّا، ولم يرحل المصري إلى العراق ولم يرحل العراقي إلى مصر، ولم يجمعهما مكان آخر.
- أن ينصّ إمام من أئمة الحديث على أن الراوي لم يسمع ممن روى عنه، ولم يثبت خلاف ذلك… إلى غير ذلك.
ملحوظة: يُلاحظ أن هناك فرقًا بين الحديث المقطوع والحديث المنقطع، فالحديث المقطوع هو ما أُضيف إلى التابعي أو من بعده قولًا له أو فعلًا، وخلا من قرينة تدل على رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو وقفه على الصحابي.
حكم الحديث المقطوع من حيث الصحة وغيرها:
إن الوصف بالقطع من صفات المتن لا من صفات الإسناد؛ لذلك فإن منه الصحيح والحسن والضعيف، وذلك يرجع إلى مدى تمكُن الحديث من شروط القبول، وسبق ذلك.
الحديث المنقطع: هو ما سقط من وسط إسناده راوٍ أو أكثر، ولم يتتابع السقوط إلى آخر الإسناد؛ فهو حديث ضعيف، فوصف الحديث بالانقطاع إنما هو وصف خاصٌّ بالإسناد.