Top
Image Alt

الحكمة في إخفاء علم قيام الساعة

  /  الحكمة في إخفاء علم قيام الساعة

الحكمة في إخفاء علم قيام الساعة

لقد أخفى الله سبحانه وتعالى علم وقت قيام الساعة، فلم يُطلع على ذلك ملكًا مقربًا ولا نبيًّا مرسلًا، فضلًا عن غيرهم، قال تعالى: {إِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34], وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً} [الأعراف: 187].

وقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الساعة؛ فقال: ((ما المسئول عنها بأعلم من السائل)), وكان هذا السائل جبريل متمثلًا في صورة بشر، فكان أعلى الملائكة منزلة وهو جبريل، وأعلى البشر منزلة وهو محمد صلى الله عليه وسلم لا يعلمان متى تكون، وحريٌّ بألا يعرف أحدٌ غيرهما وقت وقوعها.

ويتضح مما سقناه من الأدلة, أن الوقت الذي تكون فيه الساعة لا يعرفه إلا رب العزة والجلال، وأن هذه الساعة تأتي بغتة لا يشعر الخلق بها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم وقت وقوعها؛ لأنها من مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى, ولهذا ثبت في (صحيح البخاري) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا هذه الآية: {إِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ} الآية)).

ولعل السر والحكمة في إخفاء علم وقت قيام الساعة, هو أن يجتهد المرء في الطاعة مدة حياته، ويبتعد عن المعصية؛ لأنه لا يدري متى يفجؤه أحد أمرين: إما الموت أو قيام الساعة، وهذا كإخفاء معرفة العبد مدة حياته ووقت وفاته، وكإخفاء معرفة ليلة القدر في شهر رمضان، وكإخفاء ساعة الإجابة من يوم الجمعة.

يقول الإمام الشوكاني -رحمه الله-: “فحصل من الجميع أن السؤال المذكور هو عن الساعة, باعتبار وقوعها في الوقت المعين لذلك، ثم أمره الله أن يجيبهم بقوله: {قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي}, أي: علمها باعتبار وقوعها عند الله, لا يعلمها غيره ولا يهتدي إليها سواه. وفي استئثار الله سبحانه بعلم الساعة حكمة عظيمة وتدبير بليغ، كسائر الأشياء التي أخفاها الله واستأثر بعلمها” انتهى كلامه.

وقال السيد سابق -رحمه الله-: “وقيام الساعة أو اليوم الآخر مما استأثر الله بعلمه، فلم يُطْلع عليه أحدًا من خلقه، لا نبيًّا مرسلًا ولا ملكًا مقربًا، ولقد كان الناس يسألون عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلحفون في المسألة، فأمره الله أن يرد علمها إليه وحده: {إِلَيْهِ يُرَدّ عِلْمُ السّاعَةِ} [فصلت: 47].

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مفاتح الغيب خمس, لا يعلمهن إلا الله: {إِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34]. قال الألوسي في تفسيره: وإنما أخفى الله سبحانه أمر الساعة؛ لاقتضاء الحكمة التشريعية ذلك، فإنه أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية، كما أن إخفاء الأجل الخاص بالإنسان كذلك، ولو قيل بأن الحكمة التكوينية تقتضي ذلك أيضًا لم يبعد” انتهى كلامه -رحمه الله.

error: النص محمي !!