الحكم إذا كان المشار إليه بعيداً
ما تقدّم في المُشار إليه إذا كان قريبًًا، وإذا كان بعيدًًا لحقَتْه (كاف) حرفيّة، وهذه الكاف تتصرّف تصرّف الكاف الاسميّة غالبًًا؛ فيُبيَّن بها أحوال المخاطب مِن: الإفراد، والتّثنيَة، والجمْع، والتّذكير، والتأنيث، كما يتبيّن بها لو كانت اسمًًا.
فتُفتَح للمخاطَب، وتُكسر للمخاطَبة، وتتّصل بها علامة التّثنية، والجمعَيْن، فتقول: (ذاكَ)، و(ذاكِ)، و(ذاكُما)، و(ذاكُم)، و(ذاكُنَّ).
ومِن غيْر الغالِب أنْ تُفتح في التّذكير، وتُكسر في التأنيث، ولا تلحقها علامة تثْنية ولا جمْع، ويحتملهما (الغالب وغيره): قوله تعالى: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ} [البقرة: 232]، وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ لّكُمْ} [المجادلة: 12] ؛ فيحتمل أنّ المخاطَب مفرد على الغالب، وهو الرسول e، ويحتمل أنّ المراد: (ذلكم)، على غير الغالب.
(ذلك) مع إلحاق الكاف، أن تزيد قبلها لامًًا مبالغةً في البُعد، وهذه اللام أصلها السّكون، كما في (تلْك)، وكُسرت في (ذلِك) لالتقاء الساكنيْن، أو فرقًًا بينهما وبيْن لام الجرّ مِن نحو: (ذا لَك).
بمعنى: هذا لك، أي: هذا المشار إليه يخصّك.
إلا في التّثنية مطلقًًا، وإلاّ في الجمْع في لغة مَن مدَّه، وهم: الحجازيون، وفي لغة بعض مَن قصَره، وهم: التّميميّون.
وإلاّ فيما سبقتْه (ها) التّنبيه. وبنو تميم لا يأتون باللام مطلقًًا، لا في مفرد، ولا في مثنًّى، ولا في جمْع.
وقد يتجوّز في اسم الإشارة بالنّسبة إلى المرتبة، وبالنسبة إلى المسمّى؛ فالأوّل: نيابة ذي البعد عن ذي القرب، نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]، والثاني: نيابة ما للواحد عمّا للاثنيْن، أو عمّا للجمْع. فالأول نحو: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: 68] أي: بيْن الفارض والبكر، والثاني: كقول لبيد:
ولقد سئمْتُ من الحياة وطولِها | * | وسؤالِ هذا الناسَِ كيف لبيدُ؟ |
فقد جعل (هذا) في مكان (هؤلاء).