الخيار لغةً وشرعًا
أما في عرف أهل اللغة: فالخيار اسم مصدر من الاختيار، ويعرف في عرف أهل اللغة: بأنه طلب خير الأمرين.
ويعرف في مصطلح الفقهاء: بأنه طلب خير الأمرين في إمضاء العقد أو فسخه.
وقد شُرعت الخيارات في العقود على خلاف الأصل؛ لأن الأصل في العقد أن يكون لازمًا لكلا الطرفين، بنفس الإيجاب والقبول؛ رفعًا للنزاع، وضمانًا لاستقرار المعاملات بين الناس. لكن مصلحة الناس قد تقتضي في بعض الأحايين عدم لزوم العقد بمجرد صدور الإيجاب والقبول من طرفيه، كما إذا أقدم شخص على شراء سلعة من غير روية ولا إعمال فكر، ولا مشاورة لأهل الخبرة؛ خوفًا من فوات السلعة، أو لكي يسبق غيره إلى العقد عليها، فلو التزم العقد فور صدوقة أو فور تصديقه؛ لأدى ذلك إلى الحرج.
لذلك فقد شرع الإسلام له خيارًا ما دام في المجلس لم يبرحه، بمقتضاه يثبت له الحق في رد العقد وفسخه بعد الروية والنظر، وهذا ما يُعرف عند الفقهاء بخيار المجلس.
هذا، وقد يعقد الإنسان عقدًا ثم يجد محل العقد معيبًا وهو ما رضيه إلا سليمًا من العيوب، فأتاح له الشرع فرصةَ الاختيار، والشرع يثبت له حق الفسخ عقب اطلاعه على هذا العيب ولو بعد سنوات، وهذا ما يُعرف في الشرع بخيار رد العيب، أو خيار الرد بالعيب.
ثم إن الشارع بتشريعه للخيارات قد ضمن الأمان والطمأنينة للمتعاقدين، بل ولأهليهم وذويهم، فشرع لكل شخص الحق في اشتراط الخيار مدةً معينةً بعد العقد، يكون فيها بالخيار بين الفسخ والإمضاء، حتى يعطيه الشرع الفرصة في النظر والتفكر واستشارة الحذَّاق والمهرة من أهل الخبرة، وفي ذلك حفاظ عليه من الغبن والخديعة، وهذا ما يُعرف في عرف الفقهاء باسم خيار الشرط، أو بشرط الخيار، على خلاف في التسمية.
هذا، وقد تدعو الضرورة والحاجة شخصًا لأن يشتري سلعةً دون أن يراها، معتمدًا على وصفها حتى إذا ما رآها وجدها على غير ما وُصِفت له، فيختل عنده الرضا، وتفتر رغبته وهواه، فيسعفه الشارع حق الفسخ أو الإمضاء، وهذا ما يعرف في الشريعة باسم خيار الرؤية.
وأحيانًا قد يُغبن الإنسان غبنًا فاحشًا في شراء سلعة من السلع، وبعد أن يغبن يتضح له الأمر فيندم ويحزن ويأسف، فأسعفه الشرع بأنه -في رأي بعض الفقهاء- يجوز له الخيار بسبب الغبن. فهذه خمسة أنواع للخيار: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار العيب، وخيار الرؤية، وخيار الغبن.