الضمير المستتر: أقسامه
يختصّ الاستتار بضمير الرّفْع فقط، وينقسم المستَتِر إلى قسميْن:
القسم الأول: مستتِر وجوبًًا:
وهو المقتصَر عليه في نظم ابن مالك، قال:
ومِِن ضمير الرّفعِ ما يستترُ | * | …. …. …. ….. |
ثم ذكَر أمثلة للمستتِر وجوبًًا، قال:
…. …. …. ….. | * | كـ(افْعَلْ)، أُوافِقْ، نغتبطْ إذْ تُشْكَرُ |
وضابط واجب الاستتار: ما لا يخلفه في مكانه اسم ظاهر، ولا ضمير منفصل.
ويجب الاستتار في ثمانية مواضع:
- المرفوع بأمْر الواحد المذكّر، نحو: (قُم) و(استخرجْ)؛ فالفاعل مستتِر وجوبًًا تقديره: أنتَ.
- المرفوع بمضارع مبدوء بتاء خطاب الواحد، نحو: (تقومُ).
- المرفوع بمضارع مبدوء بالهمزة، نحو: (أقومُ).
- المرفوع بمضارع مبدوء بالنون، نحو: (نقومُ).
- المرفوع بفعل استثناء، نحو: (خلاَ)، و(عدَا)، و(ليْس)، ولا يكون في نحو قولك: (القوم قاموا ما خلا زيدًًا، وما عدا عمرًا، وليْس بكرًًا، ولا يكون زيدًًا).
- المرفوع بـ(أفعَل) في التّعجب، أو (أفعَل) في التفضيل: فالأول، نحو: (ما أحسنَ الزّيْديْن!)، والثاني، نحو: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً} [مريم: 74].
- المرفوع باسم فعْل غير ماض، نحو: (أوَّه!)، بمعنى: أتوجّع، و(نَزَالِ!)، بمعنى: انزلْ!.
- المرفوع بالمصدر النّائب عن فعْله، نحو: {فَضَرْبَ الرّقَابِ} [محمد: 4].
القسم الثاني: مستتِر جوازًًا:
وهو ما يخلفه الظاهر، أو الضّمير المنفصل.
ويجوز الاستتار في ثلاثة مواضع:
- المرفوع بفعل الغائب أو الغائبة.
- المرفوع بالصّفات المحضة، الخالصة مِن شائبة الاسمية، نحو: (الضارب)، و(المضروب).
- مثال الأوّل: (زيدٌ قامَ)، و(هند قامتْ، أو تقوم). ومثال الثاني: (زيدٌ قائم)، و(زيد مضروب)، و(زيد حسن)، و(زيد ضراب).
- المرفوع باسم الفعْل الماضي، نحو: (زيد هيهات!)، أي: بعُد.
فالضمير في هذه الأمثلة وما أشبهها مستتِر جوازًًا، وإذا برز انفصل، تقول: (زيد قام هو)، وكذا الباقي.
والدليل على جواز ذلك: أنه يخلفه الظاهر، أو الضمير المنفصل؛ ألا ترى أنه يجوز في الفصيح: (زيد قام أبوه)، فيخلفه الظاهر، وهو: (أبوه)، أو (ما قام إلاّ هو)، فيخلفه الضمير المنفصل بعد (إلاّ)، وكذا الباقي.
تنبيه:
هذا التقسيم للضّمير إلى مستتِر وجوبًًا، وجوازًًا، هو تقسيم ابن مالك، وابن يعيش، وغيْرهما مِن النَّحويِّين.
ويرى ابن هشام أنّ هذا التّقسيم فيه نظر، إذ الاستتار للضمير في نحو: (زيد قام) واجب لا يجوز إبرازه؛ فإنه لو برز لوجب انفصاله، فيقال: (قام هو)، ولا يقال: (قام هو) على الفاعلية، بل على التّوكيد لذلك المستتِر.
وأمّا (زيد قام أبوه)، أو (ما قام إلاّ هو)، فتركيب آخَر، أُسند فيه القيام إلى سببَيْ: زيد، أو إلى ضميره المحصور بـ(إلاّ).
قال ابن هشام: والتّحقيق في التقسيم: أنْ يقال: ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلا الضمير المستتِر، كـ(أقوم)، و(قم)، وإلى ما يرفعه وغيره، أي: الظاهر كـ(قام)، و(هيهات!).