Top
Image Alt

العناصر التي يتكون منها المحتوى

  /  العناصر التي يتكون منها المحتوى

العناصر التي يتكون منها المحتوى

المحتوى يتكون من عدة عناصر، وهي:

  1. خبرات خاصة بالمتعلم: وتُقدم في صورة مقررات دراسية تترجم فيها الخبرات السابقة والمنشودة، إلى أنساق وأساليب تدريسية تُقدم وفق الإطار الفكري للمجتمع، الذي يعيش فيه المتعلم، وبِمَا يُسهم أيضًا في تحقيق أهداف المنهج.
  2. خِبرات خاصة بالمُعلم: وتكون عادة في صورة دليل للمعلم، يحوي منظومات تدريسية متكاملة؛ تُوَجّه أداء المعلم مع التلاميذ، كما يمكن أن تقدم في صورة برامج تدريسية للمعلم أثناء الخدمة، وبما يساعد المعلم على تحقيق أهداف المدرسة أو الجامعة، ويُعَدّ مثال هذه البرامج التدريسية: الدورات التدريبية التي تقدم للمعلمين أثناء الخدمة، مثل دورات الحاسب الآلي، ودورات تصميم وإعداد المناهج، والدّورات التدريبية والتكنولوجية، والتعليمية والإدارية المختلفة.
  3. خبرات خاصة بالموجهين والتربويين: وتقدم في صورة برامج تدريبية لهم، تُساعدهم على توجيه المعلمين، بما يحقق أهداف المنهج الدراسي، وبما أن أولئك الموجهين هم الذين يقومون بتوجيه المُعلمين وتقويمهم لاحقًا؛ فإنّ لهم الدور الكبير والكلمة المسموعة، والاعتقاد المتبع لدى أولئك المعلمين.
  4. خِبْرات خاصة بإدارة المدرسة: وتكون في صورة برامج تدريبية تُقَدّمها إدارة المدرسة، بما يُحَقّق أقصى استثمار للطاقات البشرية، والمادية المختلفة بالمدرسة، بما يَنْعَكِس على التطوير والتحسين والتجويد؛ لكَافّة جوانب وعناصر العملية التعليمية داخل المدرسة، أو الجامعة.

وبِذَلك فإنّ مُحتوى المنْهج لا يَدُلّ فقط على الأجزاء المُنَظّمة في طريقة منهجية لصنع المواد الدراسية المختلفة؛ ولكنّها أيضًا تدل على الوقائع والظواهر التي تَحْدُث عبر حدود المواد الدراسية المختلفة، حيث يمكن لأي منا أن يدرس أنظمة المواصلات، والتلوث، والصحة. وغيرها من الأنظمة التي تعتبر من محتوى المنهج.

وذلك عند اعتبار أن المنهج بالنسبة لعلم ما؛ كعلم التلوث، أو علم وسائل المواصلات، أو علم الاتصالات، أو علم متخصص دقيق من العلوم كل محتوى لأي من هذه العلوم يكون له منهجه الخاص به.

ويُمثل مُحتْوَى المادة الدراسية بالنسبة لعدد كبير من المعلمين؛ نقطة البداية التقليدية لتدريسهم، وخَاصّة تدريس المقررات التي تركز على المحتوى المادة الدراسية، وغالبًا ما تكون الكُتب الدراسية المقررة هي المصدر الأصلي لنشاط التدريس والتعلم؛ فمنها يُحدد المعلم أهدافه والمحتوى، وترتيب خطوات التدريس.

وهذا لا يعني أنّ الكتاب المَدرسي هو المَصدر الوحيد لمحتوى المادة الدراسية؛ فالمُحتوى في معظم مجالاته يتسم بأنه دينامي ومتغير، لا يعتمد على الثبات لفترة طويلة، ولا يتسم بالركون والجمود، بل يمكن إعادة تنظيمه وتشكيله؛ كما في حالات ضم بعض مقررات التقليدية معًا، أو بناء وإنشاء وتصميم مُقررات جديدة، تَرتبط بواقع وحياة المتعلم والمجتمع.

وهذه المقررات الجديدة يَتِمُّ فيها بالضرورة تناول موضوعات عريضة معاصرة، مثل: التكنولوجيا، والقيم الاجتماعية، والبيئة، واستخدام الأرض. ويجب أن يهتم المتعلم بتوظيف مصادر أخرى لمحتوى المادة الدراسية.

ويجب النظر في محتوى الدراسة على أنه أداة لتحقيق أهداف معينة، وعليه فإن أي تغييرات أو تعديلات، أو إضافة أو حذف في المقرر أو في المحتوى؛ يجبُ أن يتم في ضوء الأهداف التربوية المرسومة، ولذا يجب مراعاة ما يلي:

  1. أن يتلاءم المُحتوى مع واقع الحياة ومُشكلاتها مستجيبًا لأهداف المجتمع، والتغيرات التي تحدث فيه، ومواكبًا لآخر التطورات العلمية والأدبية والثقافية من جهة أخرى.
  2. أن يتناسب محتوى المادة التعليمية مع حاجات المتعلمين وميولهم، عن طريق مرونة المحتوى وتنويعه.
  3. الاهتمام بالمفاهيم والمبادئ الرئيسية المجزأة، وأساليب التفكير أكثر من الاهتمام بالمعارف المجزأة، والمعلومات التفصيلية.
  4. المُوازنة بين الناحية النظرية والنواحي التّطبيقية.

 والجدير بالذكر أنه خلال عملية تصميم المنهج الدراسي، لا بُدّ من إصدار القرارات؛ فيما يختص بالمحتوى المحدد في المنهج، مِمّا يدعو إلى ضرورة أن يكون هناك معيار نظاميًّا لأجل اختيار المحتوى.

أهم التّحديات والمؤشرات التي تفرض نفسها على محتوى المنهج الدراسي:

هناك -عزيزي الدارس- بلا شك عدد من التحديات، وعدد آخر من المؤشرات التي تفرض نفسها على محتوى المنهج الدراسي، منها ما يلي:

التحدي الأول: التّغَيّر التكنولوجي، وما صاحبه من ظهور اختراعات وأفكار ونظريات علمية، تأخذ سبيل الاطراد والاستمرار، والنمو بحيثُ يُؤدّي كُلّ تَغَيّر إلى تغيير لاحق، ولعل من أهم ما يميز التغير التكنولوجي تلك القفزات السريعة المتلاحقة، التي تطرأ على خط سيره التدريجي عبر الزمن، وبالتالي أصبحت الحاجة ماسة إلى ألسنة هذا التغير التكنولوجي وجعل الإنسان يحتل مكانه المفروض والذي يتناسب سواء في الغايات والوسائل.

التحدي الثاني: العالمية: فقد أصبح العالم بحق قرية صغيرة، بِفَضْل تطور أساليب الاتصالات، ووسائل الاتصال الحديثة؛ وبالتّالي الحاجة إلى تنمية وعي المتعلمين بإدراك وجه التباين والاختلاف بين أقاليم العالم الطبيعية والبشرية؛ فما نُشاهِدُه الآن من تطور في القنوات التعليمية الفضائية، والأقمار الصناعية، والحاسب الآلي، والهاتف النقال، وعَصر السماوات المفتوحة يَجْعَلُنا أن نقول: أنّ ما يحدث في بقعة من بقاع العالم يؤثر بالضرورة على باقي البقاع الأخرى. وأن المعرفة أصبحت عالمية، ولم تَعُد شيئًا تتصف به دولة دون أخرى.

التحدي الثالث: استمرار التّغير الاقتصادي والسكاني: ونجد أن هذا التغير الاقتصادي والسكاني يأخذ شكل حركات ومظاهر صاعدة وهابطة، فقد تنمو المدن ثم تضمحل، وقد تنشأ مراكز تجارية جيدة؛ ثم تتعرض للتخلف، وقد تنشأ الحضارات ثم تباد بعد ذلك، وقد يتقدم النشاط الصناعي في بعض الميادين وبعض الجهات، ثم يُصاب بالكساد، ويصحب هذا انتشار أفكار، وانتفاء أفكار أخرى، أو انتشار هذه الأفكار ثم انتفائها مرة أخرى.

ولعل أهم ما يُميز هذا النوع من التغير: ما حدث في أوروبا الشرقية من تغييرات أساسية وسكانية واقتصادية، ولعلنا حين نَقْرأ واقع وتاريخ الأمم من أمم كبيرة، تَفككت إلى دوليات صغيرة؛ نَجِدُ أنّ هذا التحدي يفرض نفسه هو الآخر على وضع المنهج.

وحين نجد دولًا مستعمرة أو دول مقهورة؛ فإنه بلا شك لا بد أن تتناول مناهجها الدراسية ما يُعبر عن واقع هذه الدول تعبيرًا صادقًا، لا يكون فيه مراء أو خداع، وذلك لأنّ المَناهج الدراسية تدفع المتعلمين والتلاميذ، وأبناء الأمة على الوعي والإدراك الكامل بمشاكل أمتهم، وبما يجب أن تكون عليه لاحقًا، لذلك لا ينبغي بحال أن يكون المحتوى كاذبًا، غير معبر عن واقع الأمة وحاضرها بدقة، وإلّا فإنّ المُتعلمين لن يكونوا على دراية وارتباط كامل بمشاكل وواقع أمتهم ودولتهم.

التحدي الرابع: ازدياد قُدرة الإنسان على تجاوز الاعتماد على الموارد الطبيعية المباشرة، عن طَريق تَخليق المواد البديلة، بما يعني انفتاح آفاق جديدة أمام الإنسان، وهذا يتطلبُ أن تُؤكد مناهج الجغرافيا مثلًا على إبراز هذه الآفاق الجديدة، ودراسة مدى تأثيرها على المجتمعات التي ما زالت تعتمد على الموارد الطبيعية، والثروات في دخلها القومي.

التحدي الخامس: مزيد من تجاوز الإنسان لحدود حواسه الطبيعية؛ بحيثُ يكون عليه أن يتفاعل مع عوالم متناهية في الكبر مثل الفضاء، وعوالم أخرى مُتناهية في الصغر، مثل: الذّرة مِمّا يَتطلب من منهج الجغرافيا مثلًا الاهتمام بمفاهيم البيئة، ومجال تحرك الإنسان في هذا الكون.

التّحدي السادس: زِيادة حدة بعض المشكلات العالمية، مثل: تلوث المياه، ومثل تلوث البيئة، ونقص المياه، والطاقة، والغذاء، ومشكلات البيئة المتلاحقة والعديدة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، والانبعاث الحراري، ومشكلة طبقة الأوزون؛ مما يتطلب إبراز المجالات والآفاق التي يمكن الإنسان الاستفادة منها، في التغلب على هذه المشكلات، مع التأكيد على السلوك البشري تجاه البيئة.

التحدي السابع: الاتجاه نحو مزيد من الترابطات والتكتلات الدولية؛ ففي ضوء تزايد العلاقات الدولية الاقتصادية والثقافية، وبدء ظهور التجمعات المُوحدة، مثل: أوروبا الموحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول شرق آسيا، ودول أمريكا. مما يتطلب تأكيد منهج الجغرافيا لإبراز النظم العالمية الجديدة، وتأثيرها على المجتمع الدولي، وعلى اتخاذ القرار في الأسرة الدولية، لا بد أن يؤكد المنهج على ذلك.

التحدي الثامن: التحدي المعلوماتي: وذلك نتيجة الزيادة المتضاعفة في المعرفة، والدّور المتزايد الذي يَلْعَبُه الحَاسوب، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتكنولوجيا التعليم والنظم التعليمية الإلكترونية والرقمية، وأساليب النشر الإلكتروني المختلفة، والكتب والمراجع والدوريات الإلكترونية.

وقد بلغت هذا التحدي قدرًا كبيرًا حيث إنّ هذه المعلومات لم تكن متوفرة من قبل، مِمّا يفرض على المنهج ضرورة انتقاء المعرفة المناسبة والملائمة لخدمة قضايا ومشكلات التنمية، بشتى صوره من جانب، وما يُعين المتعلم على فهم الجوانب الإيجابية للثقافات العالمية من حوله؛ كما يتطلب إعطاء مساحة ووزن أكبر في مناهجنا الدراسية لمعرفة العصر، بمعنى: أن تزداد مساحة المعرفة المستخدمة في شتى المجالات، مع مراعاة تفكير وإدراك المتعلم.

التحدي التاسع: التّغَيّر الكوني: ويتمثل فيما يطرأ على الكون من تغييرات مناخية سلبية، مِمّا يؤثر على الإنسان والحياة البشرية، ومن أهم القضايا التي تشغل بال العالم في هذا المجال في الوقت الحاضر، والمستقبل: ما يَحْدُث لطبقة الأوزون من تأثر، وبالتالي احتمالات زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الغازي للأرض، وما ينتجه ذلك من آثار مناخية، ويَتطلب هذا من مطوري المنهج الاهتمام بتبصير المتعلمين، وإحاطة المعلمين والمربين بتلك الأخطار، وكيفية معالجة هذا القصور من خلال إتباع الأساليب، والإجراءات السليمة.

وقد بدأ اهتمام الجغرافيون بهذا المجال، يظهر بوضوح في فرع جديد في الجغرافيا، يهتمُّ بتربية سلوكيات الأفراد نحو البيئة، في إطار التربية البيئية، وهو ما يسمى باسم الجغرافية السلوكية.

التّحدي العاشر: تحدي الإنتاج، ويتطلب أن يستجيب مطوروا المناهج، ومعدي المناهج، لذلك من خلال إبراز أهم مصادر الثروة الموجودة في البيئة، وتحقيق الانفتاح على البيئة، والاهتمام بمشروعات وتوعية الأفراد من الصّغر بأهمية المحافظة على المساحة الزراعية، والتوسع في استصلاح المناطق الصحراوية، مما يكسب المتعلمين اتجاهًا إيجابيًّا نحو العمل اليدوي.

التّحدي الحادي عشر: الصراع الأيدلوجي: فقَد شهدت الساحة العالمية سباقًا رهيبًا في نشر الأفكار والمذاهب الأيدلوجية؛ مما انعكس على العملية التربوية بجميع عناصرها، وأوْجَبَ ضرورة تغيير طرق التعليم تغييرًا جذريًّا؛ كي تقوم على الحوار والنقاش، مما يتطلب من مطوري المنهج الدراسي الاهتمام بتدريب المتعلمين على ممارسة النقد والتحليل، والربط والاستنتاج؛ مما يمكنهم من الوقوف أمام ما يلقونه من مصادر البث الأيدلوجي موقفًا ناقدًا.

كل تلك التحديات سوف تضع مصممي مناهج ما، في مواجهة العديد من المسؤوليات التي تُحَتّم عليهم البحث عن إجابات لأسئلة مختلفة، تَرتبط هذه الأسئلة بالضرورة بواقع المجتمع، وبتحدياته وآماله وطموحاته، وكذلك حاجات المتعلمين فيه.

error: النص محمي !!