الفاصلة، وأثرها في المعنى
الفاصلة من الفونيم الثانوي أيضًا الذي يكون له تأثير في المعنى.
الفاصلة عرَّفها الروماني: بأنها حروف متشاكلة في المقاطع، توجب حسنَ إفهام المعاني، وهي فونيم ثانوي يأتي بين كلمة وأخرى، أو بين قول وسكون، ويعبر عنه بالوقوف. وقال عنها ابن منظور في (لسان العرب): “إنها أواخر الآيات في كتاب الله تعالى”.
ومن الفواصل ما هو آية. مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ} [الرحمن: 1]. و{الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1] {الرَّحْمَنُ} فاصلة. {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 1-5].
ومنها: ما هو بعضُ آيةٍ، وهو الغالب.
والفواصل نوعان:
النوع الأول: فواصل متماثلة.
النوع الثاني: فواصل متقاربة.
الفاصلة المتماثلة: وهي على النحو الآتي: في الحرف الأخير في قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2]. {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه: 3]. {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]. في قوله تعالى: {طه} [طه: 1]، {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2]. الفاصلة هنا في الحرف الأخير وهو ألف؛ فالفاصلة في الألف. في الحرفين في نحو: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1].
الفاصلة هنا في الحرفين الأخيرين: الراء والكاف. وفي: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح: 2] الراء والكاف، الفاصلة في الأحرف الثلاثة الأخيرة، نحو: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] نون ثم واو، ثم نون. {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} [القلم: 3] أيضًا الفاصلة بين: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} و{وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} في ثلاثة أحرف أخيرة. أو في الأربعة أحرف الأخيرة، نحو: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202].
هذه الفواصل المتماثلة: إما في حرف، أو في الحرف الأخير، أو في الحرفين الأخيرين، أو في أربعة أحرف الأخيرة.
الفاصلة المتقاربة:
كالميم مع النون، يكون الحرفان مثلين، الميم ليست مثل النون، ولكنها مقاربة لها، الميم من الشفتين، أما النون فمن طرف اللسان مع ما يقابله من النون مما فُوَيق أصول الثنايا العليا.
إذن الميم مع النون فاصلة متقاربة، والميم صوت من أصوات الرنين، والنون أيضًا من أصوات الرنين، فيها غنة، صوت أغن أيضًا.
والدال مع الباء، نحو: المجيد، عجيب، الدال فاصلة متقاربة، فالدال من طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، والباء من الشفتين، تتقارب في المخرج.
التقارب في الحروف يكون بين حرفين تقاربَا مخرجًا وصفةً كالذال والسين؛ فالذال من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، والسين من طرف اللسان، هناك تقارب في المخرج.