Top
Image Alt

الفرق بين طريقة أهل التنزيل وطريقة أهل القرابة

  /  الفرق بين طريقة أهل التنزيل وطريقة أهل القرابة

الفرق بين طريقة أهل التنزيل وطريقة أهل القرابة

بِناءً على ما سبق، وبعد بيان مخرج أهل كل طريقة في التوريث، فإنه يتضح الفرق بين الطريقتين وملخصه في الآتي:

أن أهل التنزيل لا يعتبرون ذوي الأرحام أصنافًا، ومن ثم فإنهم لا يقدمون صنفًا على آخر، ولا اعتبارَ عندهم لقرب الدرجة، بل العبرة بقرب الإدلاء بوارث صاحب فرض أو عاصب. فمَن يدلي عن قريب به فرض أو عصبة أولى ممن يدلي عن بعيد، وأهل القرابة يقسمون الأرحام أصنافًا ويقدمون بعضهم على بعض، ويجعلون قربَ الدرجة أول مراتب الترجيح بين آحاد الصنف الواحد، ثم بقوة القرابة، وأن للذكر مثل حظ الأنثيين.

 تفصيل القول في توريث الأصناف الأربعة عند أهل القرابة بالشرح والتطبيق بالأمثلة:

توريث الصنف الأول:

قلنا: إن الصنف الأول من ينتسب إلى الميت؛ لأنه فروعه، وأصحاب هذا الصنف هم: أولاد البنات وإن نزلوا ذكورًا أو إناثًا، مثل: ابن البنت وبنت البنت، وأولاد بنات الابن وإن نزلت، سواء كان الأولاد ذكورًا أو إناثًا، مثل: ابن بنت الابن وبنت بنت الابن، فإن تعددت الأرحام من الصنف الأول، فأولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجةً كبنت البنت، فإنها أولى من بنت بنت الابن؛ لأن الأولى تدلي إليه بواسطة واحدة، والثانية تدلي إليه بواسطتين، فإن استوت درجتهم في القرب بأن كانوا جميعًا يدلون إلى الميت بدرجتين أو ثلاث درجات مثلًا، فأولاهم بالميراث من يدلي بصاحب فرض، فولد صاحب الفرض أولى من ولد ذي الرحم؛ لأنه أقوى منه، كبنت بنت الابن، فإنها أولى بالميراث من ابن ابن البنت؛ لأن الأولى تدلي لأمها وهي صاحبة فرض، والثاني يدلي بأبيه وهو من ذوي الأرحام، فإن استووا في الدرجة وفي قوة القرابة بأن أدلى كل منهم بصاحب فرض كابن البنت وبنت البنت، أو لم يكن فيهم ولد صاحب فرض كبنت ابن بنت وابن بنت البنت، اشتركوا جميعًا في الإرث؛ لعدم وجود مرجح لأحدهم على الآخر، فإن كانوا جميعًا ذكورًا فقط أو كانوا جميعًا إناثًا فقط، قسمت التركة بينهم بالسوية، وإن كانوا ذكورًا وإناثًا كان: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

أمثلة على الصنف الأول:

المثال الأول: توفي وترك بنت بنت، وابنَ بنت ابن، فالتركة كلها لبنت البنت؛ لأنها أقرب درجةً إلى الميت.

المثال الثاني: توفي عن ابن بنت وابن ابن بنت، فالتركة كلها لابن البنت؛ لقرب درجته إلى الميت؛ لأنه يدلي بواسطة واحدة.

المثال الثالث: توفي عن بنت بنت ابن، وابن ابن بنت، فالتركة كلها لبنت بنت الابن؛ لإدلائها بصاحبة الفرض وهي بنت الابن دون الثاني، وهو ابن ابن البنت؛ لأنه يدلي إلى الميت بمَن هو من الأرحام، وهو ابن البنت.

المثال الرابع: توفي وترك بنت بنت ابن، وبنتَ بنت ابن آخر، التركة بينهما بالسوية؛ لاستوائهما في الإدلاء بصاحبة الفرض وهي بنت الابن.

المثال الخامس: توفي وترك ابن بنت بنت، وبنتَ بنت بنت، التركة بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}؛ لأنهما في درجة واحدة، وقوة قرابة واحدة؛ ولاستوائهما في الإدلاء للميت لذات رحم، وهي بنت البنت.

المثال السادس: توفي وترك بنت ابن بنت، وابن بنت بنت، التركة بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}؛ لاستوائهما في الإدلاء بذات رحم.

المثال السابع: توفي وترك بنت بنت ابن، وابن بنت ابن، المال بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}؛ لأنهما تساويَا في الدرجة وفي قوة القرابة، وأن كلًّا منهما انتسب إلى الميت الوارث صاحب فرض، وهو بنت الابن.

المثال الثامن: مات وترك ابن بنت بنت بنت، وابن بنت بنت بنت آخر، وبنتَ بنت ابن بنت، وبنت بنت ابن بنت، وبنت ابن بنت بنت، قسمت التركة بينهم أسباعًا: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} على ما ذهب إليه أبو يوسف.

توريث الصنف الثاني:

قلنا: إن الصنف الثاني مَن ينتسب إليهم الميت؛ لأنهم من أصوله، وهم:

1- الجد الغير الصحيح وإن علَا، كأبي أم الميت، وأبي أبي أمه، وأبي أم الأب.

2- الجدة غير الصحيحة وإن علت، كأم أبي الأم، وأم أبي الأب، وأم أم أبي الأم، وهذا الصنف لا يرث مع وجود أحد من الصنف الأول، فإن لم يكن أحد من أصحاب الفروض أو العصبات أو أحد من ذوي الأرحام من الصنف الأول، ووُجِدَ أحد من هذا الصنف، أخذ كل التركة أو باقيها بعد فرض أحد الزوجين، وإن وُجِدَ أكثرُ من واحد واختلفت درجاتهم كان أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجةً ذكرًا كان أو أنثى، سواء كان من جهة الأب أو من جهة الأم، وسواء أدلى بوارث أو بغير وارث. فإذا توفي عن أبي الأم وأبي أم الأم، كان الميراث للأول؛ لأنه أقرب درجةً إلى الميت الثاني، ولو توفي عن أم أبي الأم، وأم أبي أم الأب، كان الميراث للأولى؛ لأنها أقرب درجةً للميت من الثانية، ولو توفي عن أبي أم الأب، وأبي أم أم الأب، كان الميراث للأول؛ لقرب درجته للميت من الثاني أيضًا.

وإن اتحدت درجاتهم في القرب وكان بعضهم يدلي بوارث -أي: بصاحب فرض- والآخر يدلي بغير وارث، كان الميراث لمن يدلي بوارث؛ لأنه أقوى في القرابة من الآخر، فلو توفي عن أبي أم الأم وأبي أبي الأم، كان الميراث للأول؛ لأنه يدلي بأم الأم، وهي صاحبة فرض؛ لأنها جدة صحيحة، بخلاف الثاني، فإنه يدلي بأبي الأم وهو جد فاسد من ذوي الأرحام، ولو توفي عن أم أبي الأم وأبي أم الأب، كان الميراث للثاني؛ لأنه يدلي بصاحبة فرض وهي أم الأب، وأما الأولى فإنها تدلي بجد فاسد وهو أبو الأم، وإن اتحدوا في الدرجة وقوة القرابة بأن كان كل منهم يدلي بوارث أو يدلي بغير وارث.

فإن كانوا جميعًا من حيز واحد -ونعني بالحيز: الجهة- بأن كانوا كلهم من جهة الأب، أو كانوا كلهم من جهة الأم، قسمت التركة بينهم: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} باعتبار أبدانهم دون النظر لمن يدلون به.

وإن اختلفوا في الحيز -ونعني بالحيز: الجهة- بأن كانوا بعضهم من قرابة الأب، وبعضهم من قرابة الأم، كان لقرابة الأب الثلثان؛ لأنهم يدلون به إلى الميت، فيستحقون نصيبه، ولقرابة الأم الثلث؛ لأنهما يدلون بها إلى الميت فيستحقون نصيبهما وهو الثلث، كأن يكون الميت ترك أبًا وأمًا، ويقسم نصيب كل فريق بين أصحابه: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وبهذا أخذ قانون المواريث في المادة 33 ونصها: الصنف الثاني من ذوي الأرحام أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجةً، فإن استووا في الدرجة قُدِّم من كان يدلي بصاحب فرض، وإن استووا في الدرجة وليس فيهم مَن يدلي بصاحب فرض، أو كانوا كلهم يدلون بصاحب فرض، فإن اتحدوا في حيز القرابة -أي: جهة القرابة- اشتركوا في الإرث، وإن اختلفوا في الحيز -أي: في الجهة- فالثلثان لقرابة الأب والثلث لقرابة الأم.

مسائل على الصنف الثاني:

المسألة الأولى: مات وترك أبا أم أم أب، وأبا أم أبي الأب، الميراث بينهما مناصفةً؛ لاستوائهما في الدرجة والقرابة؛ لأن كلًّا منهما يدلي بوارث، وكلاهما من جهة الأب.

المثال الثاني: مات وترك أبا أبي الأم وأم أبي الأم، الميراث لهما: للأول ثلثان، والثانية ثلث؛ لاستوائهما في الدرجة والقرابة؛ لأن كلًّا منهما يدلي بغير وارث، وكلاهما من جهة الأم، فكان: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

المثال الثالث: مات وترك أبا أم أب، وأبا أم أم، الميراث لهما؛ لاستوائهما في الدرجة والقرابة؛ لأن كلَّا منهما يدلي بوارث، لكنهما اختلفَا في الحيز -أي: الجهة- فالأول يأخذ الثلثين؛ لأنهما من جهة الأب، ويأخذ الثاني الثلثَ؛ لأنه جد من جهة الأم.

المثال الرابع: مات وترك أبا أم أبي الأب، وأبا أم أم الأب، وأبا أم أم الأم، وأبا أبي أم الأم، هؤلاء أجداد أربعة في درجة واحدة، لكن الثلاثة الأول يدلون إلى الميت بأصحاب فروض، والآخر يدلي إليه بذي رحم، فيكون الميراث للثلاثة الأول فقط، ولَمَّا كانوا مختلفين في الحيز -أي: في الجهة- فالأولى من جهة الأب، والثالث من جهة الأم، فيقسم المال أولا بينهم باعتبار الحيز -أي: الجهة- فيكون لقرابة الأب ثلثاه يقسم بينهما على السواء، ويكون لقرابة الأم الثلث يعطَى للثالث وحده، هذا ولو كان مكان الجد الرابع أبو أبي الأم، والمسألة بحالها، لأخذ التركة كله وحده؛ لأنه أقرب درجةً من الآخرين، وقربُ الدرجة مقدم في الترجيح على الترجيح بالإدلاء الوارث؛ لأنه لا يرجح به إلا عند التساوي في الدرجة.

توريث الصنف الثالث:

قلنا: إن الصنف الثالث مَن ينتسب إلى أبوي الميت، أي: فروع أبوي الميت، وهم:

أولًا: أولاد الأخوات مطلقًا وإن نزلوا ذكورًا كانوا أو إناثًا، مثل: بنت الأخت الشقيقة، وبنت الأخت لأب، وبنت الأخت لأم، وابن الأخت الشقيقة، وابن الأخت لأب، وابن الأخت لأم.

ثانيًا: بنات الأخوة مطلقًا وأولادهن وإن نزلوا، مثل: بنت الأخ الشقيق، وبنت الأخ لأب، وبنت الأخ لأم، ومثل: ابن بنت الأخ الشقيق، وبنت بنت الأخ الشقيق.

ثالثًا: بنات الأبناء الإخوة مطلقًا، وأولادهن وإن نزلوا، مثل: بنت ابن الأخ مطلقًا، ومثل ابن بنت الأخ الشقيق، وهكذا.

ويورث هذا الصنف على النحو التالي:

إن تعددوا وتفاوتوا في الدرجة كان الأقرب درجة أولى وإن كان أنثى، فمَن مات عن بنت أخ لأم وبنت ابن أخ شقيق، كان الميراث كله لبنت الأخ لأم؛ لأنها أقرب في الدرجة، وإن استوين في الدرجة وكن متعددات، كان المدلي بعاصب أولى ممن يدلي بذي رحم؛ لأنه أقوى قرابةً، فمَن مات عن بنت ابن أخ شقيق وابن ابن أخ لأم، كان الميراث كله لبنت ابن الأخ الشقيق؛ لأنها تدلي بعاصب وهو ابن الأخ الشقيق دون ابن ابن الأخ لأم؛ لأنه يدلي بذي رحم وهو ابن الأخ لأم، ومن مات عن بنت ابن أخ لأب وابن بنت أخ شقيق، كان الميراث كله لبنت ابن الأخ لأب؛ لأنها تدلي بعاصب وهو ابن الأخ لأب، ولا شيءَ لابن بنت الأخ الشقيق؛ لأنه يدلي بذي رحم وهي بنت الأخ الشقيق.

ومن مات عن بنت ابن أخ شقيق، وابن بنت أخت شقيقة، كان الميراث كله لبنت ابن الأخ الشقيق؛ لأنها تدلي بعاصب، وهو ابن الأخ الشقيق. وإن تعددوا وتساووا في الدرجة وكانوا جميعًا يدلون بعاصب، أو يدلون بذي رحم، فأبو يوسف يعتبرهم كالعصبات فيما بينهم، فأقواهم قرابةً أَوْلاهم بالميراث، فَمَن كان أصله لأبوين، فهو أولى بالميراث ممن كان أصله لأب، ومن كان أصله لأب فهو أولى بالميراث ممن كان أصله لأم، وبرأي أبي يوسف أخذ قانون المواريث المادةَ الرابعة والثلاثين، ونصها:

الصنف الأول من ذوي الأرحام أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت درجةً، فإن استووا في الدرجة كان فيهم ولد عاصب، فهو أولى من ولد ذي الرحم، وإلا قُدم أقواهم قرابةً للميت، فمن كان أصله لأبوين فهو أولى ممن كان أصله لأب، ومن كان أصله لأب فهو أولى ممن كان أصله لأم، فإن اتحدوا في الدرجة وقوة القرابة اشتركوا في الإرث.

 وعلى هذا فلو مات شخص عن بنت أخ شقيق، وبنت أخ لأب، وابن أخ لأم، كان الميراث كله لبنت الأخ الشقيق؛ لأن الأصل الذي تدلي به أقوى قرابةً ممن معها، وإذا مات عن بنت أخ شقيق وابن أخت لأب، فإن الميراث كله لبنت الأب الشقيق دون ابن الأخت لأب؛ لقوة القرابة في الأخ الشقيق على الأخت لأب، وإن تعددوا وتساووا في الدرجة والإدلاء بوارث أو بذي رحم، بأن كان كل منهم يدلي بوارث، أو كان كل منهم يدلي بذي رحم، وتساووا في قوة القرابة، اشترطوا في الإرث: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}؛ لأنه لا مرجح لأحدهما على الآخر.

فمن مات عن ابن بنت أخت شقيقة، وبنت بنت أخ شقيق، كانت التركة بينهما أثلاثًا: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}؛ لاستوائهما في الدرجة، وفي الإدلاء، وفي قوة قرابة الأصل.

فلو افترضنا أن الميت كان قد ترك تركة قيمتها ثلاثون ألف جنيه، فما نصيب كل وارث من هذه التركة؟

نقول: نحسب قيمة السهم الواحد، وذلك بقسمة أصل التركة على أصل المسألة، وأصل التركة: ثلاثون ألف سهم على ثلاثة، يكون قيمة السهم الواحد ثلاثين على ثلاثة يساوي عشرة آلاف، نصيب ابن بنت الأخت الشقيقة اثنان في عشرة يساوي عشرين؛ لأنه يستحق سهمين من الثلاثة، نصيب بنت بنت الأخ الشقيق سهم في عشرة يساوي عشرة.

error: النص محمي !!