Top
Image Alt

المبتدِع، وحكم روايته

  /  المبتدِع، وحكم روايته

المبتدِع، وحكم روايته

تعريف البدعة لغة: ما أُحْدِثَ على غير مثال سبق، فيشمل ذلك البدعة المحمودة، والبدعة المذمومة.

تعريف البدعة شرعًا: هي اعتقاد ما أُحْدِثَ على خلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بمعاندة، بل بنوع شبهة -خُصَّتِ البدعةُ هنا بالمذمومة.

أقسام البدعة: قسم العلماء البدعة إلى قسمين:

  • بدعة حسنة.
  • بدعه سيئة.

أولًا: تعريف البدعة الحسنة: هي ما كانت مندرجة تحت أصل مستحسن شرعًا معمولًا به.

ثانيًا: تعريف البدعة السيئة: هي ما كانت مندرجة تحت أصل مستقبح منهي عنه شرعًا.

وممن ذهب إلى هذا التقسيم للبدعة إلى حسنة وسيئة: الإمام الشافعي، وأبو سليمان الخطابي، وابن الأثير، وابن عساكر، والنووي،… وغيرهم. وقد استدل هؤلاء بما ذهبوا إليه بأدلة ذكرناها في كتابنا (الجرح والتعديل).

تعريف المبتدِع شرعًا: هو من اعتقد خلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بمعاندة بل بنوع شبهة.

أقسام المبتدعة: المبتدعة قسمان:

القسم الأول: قسم كفر ببدعته.

القسم الثاني: قسم لم يكفر ببدعته.

أولًا: القسم الذي كفر ببدعته:

وهم الذين أنكروا أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، أو أثبتوا أمرًا علم نفيه من الدين بالضرورة، وإنما كان من ينكر المعلوم من الدين بالضرورة، أو يثبت المنفي من الدين بالضرورة، كافرًا كفرًا عقديًّا؛ لأنه يصير بذلك مكذبًا لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وتكذيب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كفر ما في هذا خلاف، بشرط أن يكون عالمًا غير جاهل، وأن يكون مختارًا غير مكره، وأن لا يكون متأولًا.

ضابط ما يَكْفُر به المرء: شرط العلماء فيما يَكْفُر به المرء، ويخرج به من ملة الإسلام شروطًا، حتى لا تنطلق ألسنة الناس في بعضهم، ويحكم على الناس جميعًا بالكفر العقدي لأدنى مخالفة من هذه الشروط:

الشرط الأول: أن يكون التكفير بهذه البدعة متفق عليه بين أئمة الإسلام.

الشرط الثاني: أن ينطق المرء بالكفر صراحة، ولا يجوز أن يؤاخذ الإنسان بلازم كلامه، إلا إذا سلم باللازم؛ فلازم المذهب ليس بمذهبٍ على الصحيح، ولأن الإنسان يعجز عن التعبير عن أشياء يجدها في نفسه؛ فكيف يستجيز لنفسه أن يعبر عن ما في نفس غيره.

حكم رواية من كفر ببدعته: قال الإمام النووي: من كفر ببدعته لم يحتج به بالاتفاق.

ثانيًا: القسم الذي لم يكفر ببدعته:

وهم الذين لم ينكروا أمرًا متواترًا معلومًا من الدين بالضرورة، ولم يثبتوا أمرًا علم نفيه من الدين بالضرورة، وهؤلاء لم يكفروا ببدعتهم؛ كأهل القسم الأول؛ من هؤلاء: القدرية، والمرجئة، والخوارج وغيرهم من طوائف أهل القبلة المخالفين لأهل السنة في أصولهم خلافًا ظاهرًا، وهؤلاء المبتدعة وإن احتاط أهل السنة في الرواية عنهم، إلا أنهم لا يكفرونهم ببدعتهم؛ لأن معهم أدلة يشهد ظاهرها لما يقولون، أو تأولوا الأدلة ولم يجحدوها، وكان قصدهم الخير؛ فلم يوفقوا إليه، وليس من أراد الحق فأخطأه كمن أراد الباطل فأصابه.

حكم رواية من لم يُكفَّر ببدعتِه:

اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافًا شديدًا؛ فبعضهم يرى رفض رواية هؤلاء المبتدعة رفضًا مطلقًا، وبعضهم يرى قبولها قبولًا مطلقًا، وبعضهم تَوسط بين الفريقين؛ فقبلها قبولًا مقيدًا، وسنذكر ما وفقنا الله تعالى إلى فهمه بعد دراسة هذا الموضوع دراسة مستفيضة -بحمد الله تعالى.

والذي أراه راجحًا بعد دراسة هذا الموضوع: أن الراوي إن كان مبتدعًا، غير أن بدعته ليست مكفرة:

أولًا: إن عُرف هذا الراوي بالصدق والأمانة والورع، وكان يرى حرمة الكذب مطلقًا، ولم يرو ما يقوي بدعته أو يحسنها؛ ففي هذه الحالة تقبل روايته، فلنا صدقه وعليه بدعته؛ ولأن شرط الصدق واعتقاد حرمة الكذب على إطلاقه يمنعه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو شرط من تقبل روايته.

ثانيًا: إن عُرف الراوي بالصدق والأمانة والورع، وكان يرى حرمة الكذب مطلقًا غير أنه روى ما يقوي بدعته أو يحسنها؛ ففي هذه الحالة لا تقبل روايته الخاصة بتحسين بدعته احتياطًا؛ لاحتمال أن يدفعه إلى الكذب على رسول اللهصلى الله عليه وسلم ليحسن بدعته ويقويها.

ثالثًا: إن كان الراوي يرى جواز الكذب؛ لنصرة مذهبه أو لأهل مذهبه، كالخطابية والشيعة الرافضة الإثنى عشرية الإمامية؛ فإن حديثه يرد لا للبدعة فقط، ولكن من أجل أنه كذاب.

error: النص محمي !!