Top
Image Alt

المتخلفون عن هذه الغزوة، وموقفه عليه السلام منهم

  /  المتخلفون عن هذه الغزوة، وموقفه عليه السلام منهم

المتخلفون عن هذه الغزوة، وموقفه عليه السلام منهم

ولما وصول صلى الله عليه  وسلم إلى المدينة رأى أُحدًا قال: “هذه طابة، وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه”، وقد خرج الناس للقائه صلى الله عليه  وسلم فيهم النساء والصبيان والولائد يتلقونه صلى الله عليه  وسلم عند ثنية.

وكان في المدينة جماعات المنافقين تخلفوا عنه صلى الله عليه  وسلم، وهناك مَنْ تخلف مِنْ غير المنافقين، فقد تخلف أناسٌ لم يكن هناك شك في إيمانهم وهم البكائون، الذين لم يجدوا ما يحملهم عليه رسول الله صلى الله عليه  وسلم حتى إنهم لشدة عزمهم، وحبهم للخروج معه صلى الله عليه  وسلم بكوا، فسموا البكائين.

كما جاء الأشعريون ليطلبوا من رسول الله صلى الله عليه  وسلم ما يحملهم عليه، فانتظر بهم حتى جاءت رواحل أعطاها لهم فساروا بها.

كما  كان هناك أناس من المؤمنين الصادقين الذين أبطئوا وسوفوا في الاستعداد للخروج حتى فاتهم الوقت، فتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه  وسلم وكانوا على حسب ما ذكرت الروايات عشرة رجال هم: الثلاثة الذين خلفوا أصحاب كعب بن مالك وهم: كعب بن مالك وصاحباه، وسبعة آخرون هم: أبو لبابة ومن كانوا معه.

كذلك فإن أبا خيثمة تأخر، ثم لحق بالنبي صلى الله عليه  وسلم وكذلك تأخر أبو ذر ولكنه لحق بالنبي صلى الله عليه  وسلم.

وعلى الرغم من أنه صلى الله عليه  وسلم ما كان يعبأ بتخلف أهل النفاق ويتساهل في قبول أعذارهم، فإن أمره مع المؤمنين كان غير ذلك، ومن هؤلاء كما عرفنا أولئك الذين تخلفوا فكان أمره معهم دالًّا على أن المؤمن له حساب آخر، لأنه بإيمانه لا بد أن يكون عمله موافقًا للإيمان.

ولقد كان من أمره صلى الله عليه  وسلم مع هؤلاء العشرة الذين تخلفوا من المؤمنين الصادقين، فأما أبو لبابة ومن معه وهؤلاء سبعة أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد حتى يطلقهم رسول الله صلى الله عليه  وسلم فأقسم صلى الله عليه  وسلم ألا يطلقهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، ونزل فيهم قوله عز وجل: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}   [التوبة:102].

فكان هذا إطلاقٌ لهم بأمر الله عز وجل ولذلك جاءوا بأموالهم إليه صلى الله عليه  وسلم قد تصدقوا بها، ويطلبون منه صلى الله عليه  وسلم  أن يستغفر لهم، فقال صلى الله عليه  وسلم : “ما أمرت أن آخذ أموالكم”، فأنزل الله عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [التوبة:103]

ولما جاء أبو لبابة بماله أخذ النبي صلى الله عليه  وسلم منه ثلث ماله وترك له الثلثين، وأبو لبابة نعرف أنه قد ربط نفسه من قبل حينما أحس أنه أفشى سر رسول الله صلى الله عليه  وسلم لليهود بنو قريظة، وهنا كذلك تخلف، ولكنه من بعد هذا لم ير منه إلا الخير في الإسلام.

هذا ولقد كان المتخلفون عن تبوك على هذا أقسامًا:

مأمورون مأجورون: كعلي بن أبي طالب، ومحمد بن مسلمة الذي خلفه النبي صلى الله عليه  وسلم على المدينة من بعده. ومعذورون: وهم الضعفاء والمرضى. والمقلون: وهم البكاءون الذين لم يكن معهم ما يستعينون به على الخروج، ولا وجدوا من يحملهم على ذلك الخروج.

كذلك كان في المتخلفين عصاة مذنبون، وهم هؤلاء العشرة الذين تاب الله عليهم. وآخر الأمر: ملومون، مذمومون، مغضوب عليهم، وهم: المنافقون الذين تخلف كثير منهم، وكان ممن خرجوا مع النبي صلى الله عليه  وسلم الأذى الكثير للمسلمين في هذه الغزوة، فما أصابوا خيرًا قط.

error: النص محمي !!