Top
Image Alt

المصنفات المؤلَّفة في تواريخ المدن

  /  المصنفات المؤلَّفة في تواريخ المدن

المصنفات المؤلَّفة في تواريخ المدن

تواريخ المدن فن امتاز به المسلمون، ويدل على حرص علماء السنة على صيانتها والحفاظ عليها، فكل مدينة من المدن مثَّلت حاضرة من حواضر العالم الإسلامي وكان لها نشاط علمي، فأخرجتْ شيوخًا ودخل إليها الشيوخ ومكثوا بها أو مروا عليها أو رحلوا إليها، وأبناؤها رحلوا منها إلى البلاد، وأبناء البلاد الأخرى جاءوا إليها؛ لأنها حاضرة من حواضر العلم، فاهتم المسلمون بهذا الجانب جدًّا وألفوا فيه مؤلفات عديدة نسميها: “كتب التواريخ المحلية” ونسميها “كتب المدن” فيكتبون في المدن ويترجمون لكل من كان بها سواء كان من أهلها أو ورد إليها من غير أهلها.

فهذا نوع من التأليف في تواريخ بلاد معينة كانت مهمة جدًّا في تاريخ العالم الإسلامي من الناحية العلمية والسياسية وغيرها.

وهذا يدلنا على أن علماء السنة لم يتركوا لا شاردة ولا واردة ممكن أن تخدم السنة وتؤدي إلى الوقوف على أحوال الرواة من قريب أو من بعيد إلا كتبوا فيها، فتكلموا في الألقاب وفي الكنى وفي الأسماء وفي المبهمين من الرواة في المتن أو في الإسناد، وتكلموا في أوطان الرواة وكناهم، فلم يتركوا -كما قلنا- شاردة ولا واردة تُعين على تحديد الراوي بدقة حتى نتأكد أنه هو الراوي المقصود، وهل هو ثقة أو غير ثقة، كل ذلك صيانة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالرغبة الأصلية في تأليف هذا الفن: هو خدمة علم الحديث الشريف عن طريق التعريف بالرواة وأوطانهم والبلاد التي رحلوا إليها.

وقد تكون هناك بعض البواعث الأخرى، لكن هذا هو الأهم الذي يعنينا في علم الحديث.

وهناك علماء كثيرون صنفوا في تواريخ البلاد منهم سعيد بن كثير بن العُفَيري المصري، المتوفى سنة 226 هجرية، وذكره السخاوي في (الإعلام بالتوبيخ)، وأبو علي محمد بن علي بن حمزة المتوفى سنة 247، وله كتاب في التاريخ في (رجال المحدثين بمرو)، وأبو الحسن أحمد بن سيَّار بن أيوب المروزي المتوفى سنة 268 له (أخبار مرو)، أي: أحيانًا نجد البلد الواحد له أكثر من كتاب لأكثر من عالم.

وابن ماجه القزويني -رحمه الله- المتوفى سنة 273 له أيضًا كتاب في (تاريخ قزوين)، وهذا أشار إليه الكتاني في (الرسالة المستطرفة)، وأيضًا أشار إليه ابن كثير أيضًا وقال: “إنه تاريخ كامل من لدن الصحابة إلى عصره”.

أيضًا، أبو الحسن أسد بن سهل الواسطي له في (تاريخ واسط)، وأيضًا أبو علي عبد الله بن محمد بن علي البلخي (تاريخ بلخ)، وأحمد بن محمد بن عيسى البغدادي في (تاريخ الحمصيين)، وأبو رجاء محمد بن حمدويه المتوفى سنة 306 له (تاريخ المراوزة)، ومحمد بن الأزهر له (تاريخ بلخ) أيضًا، وأبو عروبة الحسين بن محمد مودود الحراني المتوفى سنة 318 له (تاريخ حَرَّان).

أيضًا عبد الله بن علي النيسابوري في (تاريخ نيسابور)، وعلي بن الفضل بن طاهر البلخي في (طبقات علماء بلخ)، وكما نرى “بلخ” وردت علينا أكثر من مرة.

وأيضًا، أبو عبد الله محمد بن جعفر بن الوراق الجويباري وهو معاصر لعلي بن الفضل في (طبقات علماء بلخ)، أيضًا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي معاصر أيضًا للبلخي أيضًا في (طبقات علماء بلخ)، وعبد الصمد بن سعيد بن علي الحمصي في (تاريخ حمص)، وأبو العرب محمد بن أحمد بن تميم القيرواني في (طبقات علماء إفريقيا)، ومحمد بن سعيد القشيري في (تاريخ الرَّقة)، وأيضًا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يس الحداد الهروي (تاريخ هراة)، وأبو زكريا يزيد بن أحمد بن إياس الأزدي المتوفى سنة 334 في كتابه (طبقات العلماء والمحدثين من أهل الموصل).

وأبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي المتوفى سنة 340 في كتاب (تاريخ مكة) و(تاريخ البصرة)، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس المصري مشهور بأنه ابن يونس المتوفى سنة 347 وله كتاب في (تاريخ مصر)، وحمزة بن الحسين الأصبهاني في (تاريخ أصبهان)، وأبو الشيخ الأنصاري المتوفى 369 في كتاب (طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها)، وأبو عبد الله عبد الجبار بن عبد الله الخولاني المتوفى سنة 370 في (تاريخ دارية)، وصالح بن أحمد التيمي الحافظ المتوفى سنة 374 في (طبقات الهمذانيين)، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتابه (تاريخ أصبهان)، ومحمد بن أحمد بن محمد بن سليمان البخاري المتوفى سنة 412 في (تاريخ بخارى).

وأبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي بن الطحان المتوفى سنة 416 في (الذيل على تاريخ مصر)، ومحمد بن عبيد الله بن أحمد المتوفى سنة 420 في (تاريخ المغاربة)، وأبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في (تاريخ جرجان)، وأبو نعيم الأصبهاني في (تاريخ أصبهان)، والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده المتوفى 470 هجرية في (تاريخ أصبهان)، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري المؤذن المتوفى 470 في (تاريخ مرو).

كل هذه كتب إما طبعت وموجودة وإما أشار إليها العلماء في تراجمهم لهؤلاء العلماء.

وهناك كتب كثيرة لا حصر لها، وكما قلت كل ذلك يدل على عناية أهل الحديث بكل شاردة وواردة تتعلق بخدمة السنة المطهرة جعل الله ذلك في موازين حسنات علمائنا الكبار الكرام الأجلاء الذين أفنوا أعمارهم في خدمة السنة المطهرة، وبذلوا جهدًا مضنيًا دائمًا نقول عنه: إنه فوق جهد البشر لخدمة السنة المطهرة، فجزاهم الله خيرًا، ولا يَقْدر أحد على أن يوفيهم جزاءهم إلا الله تبارك وتعالى.

error: النص محمي !!