Top
Image Alt

المطالبة بإلغاء الإعراب

  /  المطالبة بإلغاء الإعراب

المطالبة بإلغاء الإعراب

بل أكثر من هذا: وجدْنا البعض -في عصرنا الحاضر- يردِّد نفس القضية التي تبنّاها ودعا إليها المستشرقون في أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20. وجدْنا وسمعنا مَن يدعو إلى إلغاء الإعراب من اللغة العربية. ليس تطوير اللغة هنا، وإنما إلغاء الإعراب.

وفي الحقيقة، لا أجد لديّ تعليقًا على هذه الدعوة إلا أنْ أخاطب هؤلاء أننا إذا ألغيْنا الإعراب، كيف يقرءون القرآن الكريم؟ أضَع أمامهم بعض الآيات القرآنية التي أسفِّه بها آراءهم وعقولهم وأفكارهم، إذا ألغينا الإعراب؛ كيف نقرأ الآية الكريمة: {إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28] هم يقولون بالتسكين بدل الإعراب.

كيف نقرأ: {إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ} ؟ نقرؤها بدون نصب لفظ الجلالة؛ فهل يفهم المستمع مَن الذي يخشى الآخَر، اللهُ يخشى العلماءَ؟! أم العلماءُ يخشَوْن اللهَ؟

وأضع أمام هؤلاء قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَىَ إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ}([البقرة: 124]، كيف يقرءون هذه الآية إذا ألغيْنا الإعراب؟ مَن الذي ابتلَى، ومَن الذي ابتُلِي إذا ألغينا الإعراب من هذه الآية؟

إذا ألغينا الإعراب، كيف نقرأ قوله تعالى: {أَنّ اللّهَ بَرِيَءٌ مّنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 3]؟ كيف نقرأها بدون إعراب؟!

هذه نماذج أيها الإخوة، لكي تبيِّن لكم: أن كلّ من سار على هذا الدرب لا علْم له لا بلغة القرآن، ولا بخصائص اللغة العربية. ولا أريد أن أشكِّك في نوايا أحد حتى أقول لا علْم لهم أيضًا بنوايا الاستشراق، وما يريده الاستشراق من لغتنا، وما يريدونه من المسلم. كيف يتخلّى عن دِينه، ولغته، وعقيدته؟

هذا ما يتعلّق أو بعض ما يتعلّق بموقف المستشرقين من اللغة العربية. وأودّ من إخوتي وأخواتي: أن يراجعوا تفصيلات موقف المستشرقين من اللغة العربية من بعض المراجع التي أشير إليها الآن، ولعلّ من أهمّها:

كتاب (أجنحة المكْر الثلاثة) للشيخ عبد الرحمن الميداني، خاصة من صفحة 346 وبعدها.

وكتاب (تيارات فكرية معاصرة: قراءة تحليلية نقدية) للمتحدّث إليكم، في صفحة 59 وبعدها.

وكتاب (عقائد وتيارات فكرية معاصرة) للمتحدث إليكم، وبعض الزملاء، طبع في قطر.

وكتاب (الفكر الإسلامي الحديث وصِلته بالاستعمار) للأستاذ الدكتور محمد البهي -رحمه الله.

وكتاب (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرازق، وهو طبع عدة طبعات.

وأن تراجعوا هذا الكتاب، والرد على هذا الكتاب، أهمّ كتابين تناولاه بالرد العلمي الأكاديمي: كتاب الدكتور محمد ضياء الدين الريس -رحمه الله- عن الخراج في مصر، رد فيه ردًّا علميًّا على علي عبد الرازق في دعواه فصْل الدين عن الدولة.

وكتاب الدكتور محمد البهي (الفكر الإسلامي وصِلته بالاستعمار الحديث) -رحمه الله- خاصة صفحة 206 وما بعدها.

أيضًا من الكتب المهمّة في بيان موقف المستشرقين من اللغة العربية، وموقف المستشرقين وعلي عبد الرازق من قضية: فصل الدِّين عن الدولة: أن الأزهر الشريف قام بعض علمائه بتناول كتاب علي عبد الرازق (الإسلام وأصول الحكم)، وتناولوا بالرد الأكاديمي المنهجي موقف المستشرقين من اللغة العربية في كتابات كثيرة نشرت في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين.

لكن الذي يهمّنا هنا هذان الكتابان فقط، وهما محدَّدان، ومركزيان جدًّا: كتاب (أجنحة المكر) وكتاب (الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الحديث).

error: النص محمي !!