Top
Image Alt

المعلقات في (صحيح الإمام مسلم)

  /  المعلقات في (صحيح الإمام مسلم)

المعلقات في (صحيح الإمام مسلم)

الأحاديث المعلقة في (صحيح الإمام مسلم) قليلة جدًّا، وبعد أن تتبعناها في مواضعها من (صحيح الإمام مسلم) وجدناها أربعة عشر حديثًا، ونستطيع أن نُقسّم هذه الأحاديث إلى قسمين.

القسم الأول: ما وصله الإمام مسلم في صحيحه، وعددُ أحاديث هذا القسم ثمانية أحاديث، وهذا القسم لا إشكال فيه، ولا يُعاب على الإمام مسلم بإخراجه هذه الأحاديث المعلقة في صحيحه لأنه إذا كان قد أخرجها معلقة فلقد أخرجها موصولة في نفس الصحيح.

القسم الثاني: ما لم يصله الإمام مسلم في صحيحه، وعدد تلك الأحاديث أربعة أحاديث، وهي تنقسم إلى نوعين:

النوع الأول: ما رواه بصيغة الجزم، وعدد هذه الأحاديث حديثان، أحد هذين الحديثين أخرجه الإمام البخاري في صحيحه موصولًا، وأما الآخر وإن كان لم يتصل إلا أن هذه الصيغة وهي صيغة الجزم يُستفاد منها الصحة إلى من عُلِّق عنه؛ لأن الإمام مسلم لا يستجيز أن يجزم عن راوٍ بشيء إلا إذا صح ذلك عنه.

النوع الثاني: ما رواه بصيغة التمريض، وعدد أحاديث هذا القسم حديثان، وما روي بهذه الصيغة، وهي صيغة التمريض لا يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه؛ لأن هذه العبارة تُستعمل في الحديث الضعيف أيضًا، ومع ذلك فإيراد الإمام مسلم لهذه الأحاديث في أثناء الصحيح يُشعر بصحة أصلها، ويدعو إلى الركون إليها، والله أعلم.

هل يشترط ليكون الحديث معلقًا أن يروى بصيغة الجزم؟

ذهب بعض العلماء إلى أن الحديث لا يكون معلقًا إلا إذا رُوي بصيغة الجزم: كقال، وروى، وغير ذلك من الأفعال المبنية للمعلوم، وممن ذهب هذا المذهب ابن الصلاح والنووي.

قال ابن الصلاح: ولم أجد لفظ التعليق مستعملًا فيما سقط فيه بعض رجال الإسناد من وسطه أو من آخره، ولا في مثل قوله: يُروى عن فلان ويُذكر عن فلان، وما أشبهه مما ليس فيه جزم على من ذُكر ذلك عنه بأنه قاله وذكره.

وقال الإمام النووي: ولم يستعلموا التعليق في غير صيغة الجزم، كيروى عن فلان كذا أو يقال: عنه، ويُذكر، ويُحكى، بل خصُّوا به صيغة الجزم كقال، وفعل، وأمر، ونهى، وذكر، ولم يستعملوه فيما سقط وسطُ إسناده.

ذهب بعض العلماء إلى أن الحديث إن سقط من أول إسناده راوٍ أو أكثر يسمى معلقًا، سواء روي بصيغة الجزم، كقال، وروى، وذكر، وغير ذلك، ببناء هذه الأفعال للمعلوم أو روي بصيغة التمريض، كقيل، وروي، وحكي وغير ذلك، ببناء هذه الأفعال للمجهول.

قال الحافظ العراقي: وقد سمى غير واحد من المتأخرين ما ليس بمجزوم تعليقًا، منهم الحافظ أبو الحجاج المزي، كقول البخاري في باب مس الحرير من غير لبس: ويروى فيه عن الزبيدي عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره المزي في الأطراف وعلَّم عليه علامة التعليق للبخاري، وكذا فعل غير واحد من الحفاظ، يقولون: ذكره البخاري تعليقًا مجزومًا أو تعليقًا غير مجزوم به.

إلا أنه يجوز أن هذا الاصطلاح متجدد، فلا لوم على ابن الصلاح في قوله: إنه لم يجده، بل إن الإمام النووي سمى ما روي بصيغة التمريض معلقًا، حيث قال: عن ميمون بن أبي شبيب -رحمه الله- أن عائشة رضي الله عنها مر بها سائل فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك، فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزلوا الناس منازلهم)) رواه أبو داود، لكن قال: ميمون لم يدرك عائشة.  وقد ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقًا، فقال: قد ذُكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم)) رواه الحاكم أبو عبد الله في كتابه (معرفة علوم الحديث) وقال: هو حديث صحيح.

error: النص محمي !!