Top
Image Alt

المنهج الوصفي

  /  المنهج الوصفي

المنهج الوصفي

المنهج الوصفي: يقوم هذا المنهج على وصف ما هو كائن وتفسيره، ويهتم بتحديد الظروف والعلاقات الموجودة، أو التي يمكن أن توجد بين الوقائع الحالية، أو الآتية، كما يهتم بالتعرف  على المعتقدات لدى الأفراد والجماعات وطرائقها في النمو والتطور.

ويتميز الأسلوب الوصفي وفقًا للرؤية الإسلامية بوجود مرحلة تالية لمرحلة الاستنتاج، وهي مرحلة التقييم، أي: المعيارية، وتعني إصدار الحكم القيمي على الظاهرة وفقًا للأصول الثابتة، ويعتبر الوصف هو المحور الأساسي لهذا الأسلوب القرآني في إثبات الحقائق العلمية، وتوصيلها لأذهان الأفراد، وقد تنوعت مجالات الوصف في القرآن؛ حيث وصفت الآيات القرآنية ظواهر تتعلق بالواقع الاجتماعي،  كقوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون}  في وصف حال المؤمنين في الدنيا وظواهر أخرى تتعلق بالواقع الطبيعي، فمن الظواهر الاجتماعية يصف القرآن أحوال المؤمنين في الدنيا إذ يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُون * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُون} [المؤمنون: 1 – 4]

ومن ثَمّ فاستخدام الأسلوب الوصفي هنا يهدف إلى تحديد خصائص الجماعة المؤمنة، ونوع الحياة التي تحياها الحياة الفاضلة اللائقة بالإنسان الذي كرمه الله وأراد له التدرج في مدارج الكمال، ثم يسعى القرآن بهذا الوصف إلى بيان حقيقة الجزاء، وحسن المصير الذي ينتظر تلك الجماعة المتصفة بهذه الصفات محددًا النعيم المقدر لهم فهم في الفردوس خالدون؛ إذ يقول تعالى معقبًا على الصفات المذكورة: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُون * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [المؤمنون: 10، 11] وهكذا يؤكد القرآن الكريم -باستخدامه الأسلوب الوصفي- على قاعدة علمية تهم الباحث المسلم، الذي يتطلب موضوع بحثه استخدام المنهج الوصفي.

وهذه القاعدة هي الربط بين الظواهر الموصوفة، وبين الغاية التي خلق الله الإنسان من أجلها فإن ما يميز المنهج العلمي الإسلامي عن غيره: أنه لا يكتفي بالتجميع والتقرير والوصف، بل يسعى لإبراز الأهداف والغايات الإسلامية السامية المرجوة من وراء البحث.

ويمكن القول بأن المنهج الإسلامي قرآنًا وسنة يعد منهجًا هادفًا حين يتصدّى لوصف الظواهر الاجتماعية، فهو إلى جانب موضوعيًّا يعبر عن الحقائق الاجتماعية كما هي في الواقع، ويبرز الأسباب والمؤثرات الفاعلية، فإنه أيضًا لا يسقط من حسابه النظرة المعيارية التي تبرز العناصر الإيجابية أو السلبية في الظاهرة.

وبناء على ما تقدم: فإن اقتصار الباحث التربوي المسلم على الدراسة الوصفية يجعل من العلم أداةً عقيمة يفقد معها دلالته ووظيفته؛ فالباحث التربوي لا بد أن يتخذ موقفًا تجاه ما يدرسه من ظواهر، وما يثبت له من حقائق، وهذا الموقف تستقى معاييره من نصوص الوحي والسنة النبوية وبذلك تصبح مهمة الباحث التربوي المسلم إلى جانب كونها مهمة وصفية، هي كذلك مهمة تقويمية إصلاحية نقدية.

error: النص محمي !!