Top
Image Alt

(المُسنَد): تعريفه، منهجه، وأهم الكتب فيه

  /  (المُسنَد): تعريفه، منهجه، وأهم الكتب فيه

(المُسنَد): تعريفه، منهجه، وأهم الكتب فيه

أولًا: تعريف (المسند):

لغةً: ما ارتفع عن الأرض، وعلا عن السفح، ويُجمع على: مَسانِد، ومَسانيد.

اصطلاحًا: أطلقه المُحدِّثون على ثلاثة معانٍ:

الأوّل: الحديث المسنَد:

وقد اختُلف فيه: فقيل: مرادف للمرفوع. قاله ابن عبد البر. وقيل: مرادف للمتّصِل. قاله الخطيب البغدادي. وقيل: لا بدّ أن يكون مُتّصلًا مرفوعًا. قاله الحاكم.

قال الخطيب البغدادي: “وصْفُهم الحديث بأنّه مُسنَد، يريدون: أنّ إسناده مُتّصل بين راويه وبين مَن أُسند عنه، إلّا أنّ أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما أُسند عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصّة.  واتّصال الإسناد فيه: أنْ يكون كلّ واحد من رُواته سمِعه ممّن فوْقه حتى ينتهي ذلك إلى آخِره، وإن لمْ يُبيّن فيه السماع، بل اقتصر على العنعنة”. اهـ.

وعلى هذا المعنى، أطلق بعض المصنِّفين على كتابه: “مسند”، مثل: (الجامع الصحيح المسنَد)، لأبي عبد الله البخاري، وكذلك (مُسنَد الدّارمي)، و”صحيحا ابن خزيمة وابن حبّان”، وغيرها…

الثاني: كُتب المسانيد، وتُطلق على نوعيْن:

(1) الكتاب الذي تُجمع فيه الأحاديث، وتُرتَّب على أسماء الصحابة كلّهم أو بعضهم.

“كلهم”: محاولة استقصاء الصحابة، كـ(مسند بقيّ بن مخلد)، فيه أكثر من (1300) صحابيّ.

“بعضهم”: فئة معيَّنة، كـ(مُسنَد العشرة المُبشَّرين بالجَنّة)، أو صفة كـ(مُسنَد المُقِلِّين).

(2) ما جُمع فيه مُسنَد كُلِّ صحابيّ على حِدة، صحيحًا كان أم ضعيفًا.

أمّا إذا كان الكتاب على أسماء الصحابة، وهو في الوقت نفسه على الأبواب الفقهيّة، فإنه يُسمَّى: “مُسنَدًا” و”مصنَّفًا”، كـ(مسند بقيّ بن مخلد)، ولا نظير له.

الثالث: الإسناد نفْسه، كـ(مسند الفردوس) و(مسند الشهاب في المواعظ والآداب).

طريقة ترتيب كُتب المسانيد:

قال الخطيب البغدادي في: (الجامع لأخلاق الرّاوي وآداب السّامع):

الاختيار في تخريج المسنَد إلى المصنِّف:

  1. فإن شاء رتّب أسماء الصحابة على حروف المعجم مِن أوائل الأسماء؛ فيبدأ بأبيّ بن كعب، وأسامة بن زيد، ومَن يليهما”. وممَن رتّب مُسنَده على ذلك: الطّبراني في (المعجم الكبير)، مع تقديمه العشرة على غيرهم، والضياء المقدسيّ في (المختارة).
  2. وإن شاء رتّبها على القبائل؛ فيبدأ ببني هاشم، ثم الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النَّسب.
  3. وإن شاء رتّبها على قدْر سوابق الصحابة في الإسلام ومحلِّهم في الدِّين. وهذه الطريقة أحبّ إلينا في تخريج المُسنَد: فيبدأ بالعشرة رضي الله عنهم ثم يُتبِعهم بالمقدَّمين مِن أهل بدْر. وهاتان الطريقتان عمل أكثر المصنِّفين المتقدِّمين، كالحميدي، وأحمد بن حنبل، والطيالسي، وعبد بن حميد.

أوّل مَن ألّف مُسنَدًا، وأهمّ كُتب المسانيد:

أ. أوّل مَن ألّف مُسنَدًا:

– يقول الدارقطني: “وأوّل مَن ألف مُسنَدًا وتتبّعه: نعيم بن حمّاد (ت 228هـ)”.

– وقال الحاكم: “وأوّل مَن صنّف المُسنَد على تراجم الرِّجال في الإسلام: عبيد الله بن موسى العبسي (ت  223هـ)، وأبو داود الطيالسي (ت 204هـ)”.

وقيل: “أوّل مَن ألّف مسنَدًا: يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني (ت 228هـ)”. نقله العقيلي عن بعضهم.

ومِن العلماء مَن جعَل السابقة على الأمصار، كابن عديّ.

ب. أهمّ كُتب المسانيد:

  1. 1.  (مُسنَد أبي داود سليمان بن داود الطيالسي) (ت 204هـ). وقد ردّ الحافظ السيوطيّ على مَن نسب هذا المسند إلى الطيالسي، وجعله أوّل مصنِّف في المُسند، باعتبار تقدُّم وفاته، فقال: “…إنما هو مِن جمْع بعض الحفّاظ الخراسانيِّين، جمَع فيه ما رواه يونس بن حبيب الأصبهاني خاصّة عنه”، وعدده في المطبوع: (2767) حديثًا. “وشذ عنه كثير منه…”. وقيل: عدد أحاديثه: ما بيْن (25000) إلى (30000) حديث، وأنه يوازي “مُسنَد الإمام أحمد”.

وقد رَتّب هذا المسند على أبواب الفقه: الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي -رحمه الله-، وسمّاه: (منحة المعبود بترتيب مُسنَد أبي داود). وهو مطبوع في مجلّديْن، بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. وعدد الأحاديث فيه: (2842) حديثًا. كما أنّ المسند طُبع بعد ذلك محقَّقًا في أربعة مجلدات.

  • 2.  (مُسنَد أبي بكر بن أبي شيبة) (ت 235هـ)، وهو غير المصنَّف المطبوع، يوجد منه نسختان خطِّيَّتان: إحداهما في مكتبة أحمد الثالث بتركيا، والأخرى في المكتبة الوطنية بتونس، ومُصوَّرة هذه الأخيرة في مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وقد طُبع أخيرًا.
  • 3.   (مسند إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) -المعروف بابن راهويه- (ت238هـ)، قام الدكتور عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي بتحقيق جزء منه -من مسند عائشة- لنيل درجة الدكتوراه مِن شعبة السُّنّة بالدراسات العليا بالجامعة الإسلامية. وقد طُبع في ثلاثة مجلدات، وعدد الأحاديث فيها: (1272) حديثًا. وأغلبه -فيما أعلم- مفقود. وهو يوازي مسند الإمام أحمد.
  • 4.   (مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل) (ت 241هـ)، وسيأتي الكلام عنه بالتفصيل.
  •  (مسند أحمد بن إبراهيم الدّورقي) (ت 246هـ)، يوجد منه قطعة، فيه مسند سعد بن أبي وقاص في المكتبة الظاهرية، مجموع (37)، كما توجد مصوّرتها في مكتبة المخطوطات بالجامعة.
    • 6.   (المنتخب مِن مسند عبد الحميد بن حميد الكِشِّي) -ويقال: الكِسِّي- (ت 249هـ)، وقد طُبع في ثلاثة أجزاء، بتحقيق مصطفى العدوي، وعدد الأحاديث فيها: (1592) حديثًا. وله طبعة أخرى بتحقيق طالب تركي في جامعة (أرضروم) تعريب أرض الروم، في مجلد ضخم. وقد اقتصر فيه على المقابلة بين النُّسخ دون التخريج. وقد حُقق الكتاب في جامعة الإمام محمد بن سعود رسالة دكتوراه.
    • 7.  (مسند يعقوب بن شيبة) أبو يوسف السدوسي البصريّ (ت 262هـ)، وهو أكبر مسنَد معلّل في الدنيا. قال الذهبي: صاحب المسند الكبير العديم النظير، المعلّل، الذي تمّ في مسانيده نحوٌ مِن ثلاثين مجلّدًا، ولو كمُل لجاء في مائة مجلد. قال العلماء: “ما اكتمل مُسند معلَّل قط”. وقد طُبع جزء منه يُمثِّل الجزء العاشر من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
    • 8.   (مُسنَد محمد بن إبراهيم الطَرسوسي الخزاعي) (ت 273هـ)، والموجود منه جزء يسير من مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وهو مطبوع بتحقيق أحمد بن إبراهيم عرموش، وعدد أحاديث هذا الجزء: (79) حديثًا.
    • 9.   (مسند ابن أبي غرزة) أحمد بن حازم الغفاري الكوفي (ت 275هـ)، يوجد منه مسند عابس الغفاري وجماعة من الصحابة في المكتبة الظاهرية بدمشق.

10.(مسند الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي البغدادي) (ت 282هـ)، وهو مفقود -فيما أعلم- إلّا بعض أوراق وُجدت باسم: (المنتقى) أو (العوالي المستخرَجة من مسند الحارث). وقد أفرد الحافظ الهيثمي زوائده على الكتب السّتّة في كتابه: (بغية الباحث في زوائد مسند الحارث)، وقد طُبع في الجامعة الإسلامية.

11. (مسند أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار) (ت 292هـ)، وهو مُسنَد مُعلّل، وقد قام بتحقيقه: الدكتور محفوظ الهندي. وهو ناقص مِن أوّله، ويقع أصله في ثلاثة مجلدات. وقد أفرد الهيثمي زوائده في كتاب: (كشف الأستار بزوائد مسند البزار) في أربعة مجلدات، وأدرجه في كتابه: (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد).

12.(مسند أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي) (ت 307هـ)، وقد طُبع طبعتان وفيه نقص:  بتحقيق إرشاد الحق الأثري، في ستة مجلدات، وعدد أحاديثها: (7517) حديثًا.

– بتحقيق حسين أسد، في أربعة عشر مجلدًا.

وقد أفرد الهيثمي زوائده في كتابه: (المقصد العلي بزوائد مسند أبي يعلى الموصلي)، وفيه: (2002) حديث.

فائدة: لأبي يعلى مُسندان:

– (المسنَد الصغير)، وهو المذكور هنا.

– (المسند الكبير)، وقد قيل فيه: “إنه كالبحر، والمسانيد الأخرى كالأنهار”.

13. (مسند أبي سعيد الهيثم بن كليب الشاشي) (ت 335هـ)، طُبع بعضه في ثلاثة مجلدات، بتحقيق محفوظ الرحمن الهندي، والباقي تحت الطبع -فيما أعلم-.

14.(مسند المُقِلِّين)، لدعلج بن أحمد السجستاني (السِّجْزي) (ت 351هـ)، وهو مطبوع في جزء صغير.

وهناك مسانيد أخرى في عِداد المفقودات مِن تراثنا العلميّ، منها:

  1. 1.  (مسند مسدّد بن مسرهد) (ت 228هـ).
    1. 2.  (مسند محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني) (ت 243هـ).
    1. 3.  (مسند أحمد بن منيع أبو جعفر البغوي) (ت 244هـ).

وهذه المسانيد الثلاثة أورد زوائدها: الحافظ ابن حجر، ضمن كتابه: (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية)، وكذا البوصيري في كتابه: (إتحاف الخيرة المَهَرة بزوائد المسانيد العشرة). وأفرد لها ابن حجر أطرافًا مستقلّة.

  • 4.   (المسند المصنَّف) الذي لم يصنَّف مثله، للحافظ بقيّ بن مخلد القرطبي (ت 276هـ)، وقد رتّبه مؤلِّفه -رحمه الله- على الأبواب، داخل كلّ مُسنَد صحابيّ ليسهل بذلك على طلبة العلم الوقوف على الحديث في مُسنَده. وقد اشتمل على أكثر مِن (1300) صحابي. وقد كتب عنه الأستاذ الدكتور أكرم العمري دراسة جيِّدة في كتابه: (بقي بن مخلد ومقدّمة مُسنَدِه: دراسة وتحقيق).
error: النص محمي !!