Top
Image Alt

باب اعتبار العدد في ولوغ الكلب، باب الحتّ والقَرْص والعفو عن الأثر بعدهما، باب الرخصة في بول ما يُؤكل لحمُه

  /  باب اعتبار العدد في ولوغ الكلب، باب الحتّ والقَرْص والعفو عن الأثر بعدهما، باب الرخصة في بول ما يُؤكل لحمُه

باب اعتبار العدد في ولوغ الكلب، باب الحتّ والقَرْص والعفو عن الأثر بعدهما، باب الرخصة في بول ما يُؤكل لحمُه

أبواب تطهير النّجاسة:

أ. باب اعتبار العدد في الولوغ:

أي: في ولوغ الكلب، واعتبار العدد، يعني: في غسل الإناء الذي يشرب منه أو يَلَغ فيه.

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه  وسلم قال: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدِكم، فلْيغسلْه سبْعًا))، متفق عليه، يعني: رواه الشيخان وأحمد.

ولأحمد ومسلم: ((طهور إناء أحدِكم إذا ولغ فيه الكلب: أن يغسله سبْع مرّات، أُولاهنّ بالتراب)).

والحديثان يدلان على أنه يُغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبْع مرات -وقد تقدّم ذِكْر الخلاف في ذلك، وبيان ما هو الحق في باب أسآر البهائم.

 ب. باب: الحتّ والقَرْص، والعفو عن الأثر بعدهما:

عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه  وسلم فقالت: إحدانا يُصيب ثوبَها من دم الحيضة، كيف تصنع؟ قال:((تَحتُّه، ثم تَقرصُه بالماء، ثم تَنضَحه، ثم تصلي فيه)) متفق عليه.

قوله:((جاءت امرأة)) في رواية للشافعي: أنها أسماء.

وقوله: ((من دم الحيضة)): أي: الحيض.

وقوله: ((تَحتّه))، أي: تَحكّه. وكذا رواه ابن خزيمة، والمراد بذلك: إزالة عيْنه. وقوله: ((ثم تَقْرُصُهُ)) -بفتح أوّله، وإسكان القاف، وضم الراء والصاد المهملتيْن. ((تُقَرِّصُه))، أي: تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها ليتحلل بذلك، ويخرج ما يشربه الثوب منه. وسئل الأخفش عنه، فضمّ أصبعيْه الإبهام والسبابة، وأخذ ثوبه بهما، وقال: هكذا تفعل بالماء في موضع الدم.

وقوله: ((ثم تَنضَحُه)) -بفتح الضاد المعجمة- أي: تغسله. -قاله الخطابي. وقال القرطبي: المراد به: الرّش؛ لأن غسْل الدم استفيد من قوله: ((تَقرُصه))، وأمّا النضح: فهو لِمِا شكّت فيه من الثوب. قال في (الفتح): وعلى هذا، فالضمير في: ((تَنضَحُه)) يعود على الثوب، بخلاف: ((حُتِّيه))، فإنه يعود على الدم؛ فيلزم منه اختلاف الضمائر، وهو على خلاف الأصل.

 والحديث فيه دليل على أنّ النجاسات إنما تُزال بالماء دون غيره من المائعات لأن جميع النجاسات بمثابة الدّم، ولا فرْق بينه وبينها إجماعًا. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: يجوز تطهير النجاسة بكلّ مائع طاهر.

جـ. باب: تطهير الأرض النّجِسة:

عن أبي هريرة، قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقَعوا به، فقال النبي صلى الله عليه  وسلم : ((دعُوه، وأريقوا على بوله سَجْلًا من ماء، أو ذنوبًا من ماء؛ فإنما بُعِثتُم مُيسِّرين، ولم تُبعثوا مُعسِّرين))، رواه الجماعة إلاّ مسلمًا -أي: رواه البخاري، وأصحاب السنن الأربع، والإمام أحمد.

قوله: “قام أعرابي”. الأعرابي هو الذي يسكن البادية، والأعرابي المذكور هنا هو ذو الخويصرة اليماني . وقيل هو الأقرع بن حابس التميمي.

وقوله: “ليقعوا به”، في رواية عند البخاري: “فزجَرَه الناس”.

وقوله: ((سَجْلًا)) السجل هي الدلو الضخمة.

وقوله: ((أو ذَنوبًا))، قال الخليل: هي الدلو ملأى. وقال ابن فارس: الدلو العظيمة.

((أو)): للشّكّ مِن الرواي أو للتّخيير. والمراد بقوله: ((من ماء))، مع أنّ الذَّنوب من شأنها ذلك: رفع الاشتباه؛ لأن الذنوب لفظ مشترَك بينه وبيْن الفرس الطويل، وغيرهما…

وقوله: ((فإنّما بُعِثتُم))، إسناد البعث إليهم على طريق المجاز؛ لأنه هو المبعوث صلى الله عليه  وسلم بما ذُكر، لكنهم لمّا كانوا في مقام التبليغ عنه في حضوره وغيْبته، أطلق عليهم ذلك.

وفي الحديث دليل على أنّ الصبّ مُطهِّر للأرض، ولا يجب الحفر -خلافًا للحنفية. والمذكور في كُتبهم: أن ذلك مختصّ بالأرض الصّلبة دون الرخوة؛ لأن الأرض الرخوة تشرب الماء مع نجاسته.

واستُدل بحديث الباب أيضًا على نجاسة بول الآدمي، وهو مُجمع عليه، وعلى أنّ تطهير الأرض المُنتجسة يكون بالماء لا بالجفاف بالريح أو الشمس؛ لأنه لو كفى ذلك لما حصل التكليف بطلب الماء؛ وهو مذهب العترة، والشافعي، ومالك، وزُفَر. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: هما مطهِران.

د. باب: ما جاء في أسفل النّعل تصيبه النجاسة:

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه  وسلم قال: ((إذا وطِئ أحدُكم بنعْله الأذى، فإن التراب له طَهور))، وفي لفظ: ((إذا وطِئ الأذى بخُفََّيْه، فطهورهما التراب)) رواهما أبو داود.

 باب: الرخصة في بول ما يُؤكل لحمُه:

عن أنس بن مالك: ((أنّ رَهْطًا مِن عُكل -أو قال: عُريْنة- قدموا المدينة فاجتووها، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه  وسلم بلِقاح، وأمَرهم أن يخرجوا فيَشربوا من أبوالها وألبانها)) متفق عليه.

“اجتووها” أي: استوخموها، وقد ثبت عنه أنه قال: ((صلُّوا في مرابض الغنم)).

قوله: “من عُكْل”: قبيلة من تيْم.

وقوله: “أو عُريْنة”: حيّ من قضاعة وحيّ من بجيلة، والمراد هنا: الثاني.

وقوله: “فاجتووها”، قال ابن فارس: “اجتويت المدينة إذا كرهت المقام فيها، وإن كنت في نعمة”، وقيّده الخطابي بما إذا تضرّر بالإقامة، وهو المناسب لهذه القصة.

وقوله: ((فأمر لهم بلِقاح)): النّوق ذوات اللبن، واحدتها: لِقْحة -بكسر اللام، وإسكان القاف. قال أبو عمرو: يُقال لها ذلك إلى ثلاثة أشهر، ثم هي: لبون. واللقاح المذكورة، ظاهر الروايات أنها للنبي صلى الله عليه  وسلم .

وقوله: ((أن يخرجوا فيشربوا))، في رواية للبخاري: ((وأن يشربوا))، أي: وأمَرهم أن يشربوا، وفي أخرى له: ((فاخْرُجوا فاشْربوا)).

قوله: وقد ثبت عنه أنه قال: ((صلّوا في مرابض الغنم))، هو ثابت من حديث جابر بن سمرة عند مسلم، ومن حديث البراء عند أبي داود والترمذي، وابن ماجه. قال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم: قد صح في هذا الباب حديث البراء بن عازب وجابر بن سمرة.

أما أحكام هذا الحديث، فقد استدل به مَن قال بطهارة بول ما يُؤكل لحمه؛ وهو مذهب العترة، والنخعي، والأوزاعي، والزهري، ومالك، وأحمد، ومحمد، وزفر، وطائفة من السلف. ووافقهم من الشافعية: ابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان. أما في الإبل فبالنص، وأما في غيرها ممّا يؤكل لحمه فبالقياس على هذا النص.

error: النص محمي !!