Top
Image Alt

باب: الكلام في كتاب الله بلا علم

  /  باب: الكلام في كتاب الله بلا علم

باب: الكلام في كتاب الله بلا علم

باب: التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وهنا التشديد في الكلام في كتاب الله تعالى بلا علم: قال الإمام أبو داود -رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق المقرئ قال: حدثنا سهيل بن مهران قال: حدثنا أبو عمران، عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في كتاب الله برأيه فأصاب؛ فقد أخطأ))، لا ينبغي أن يقال في كتاب الله بالرأي، والرأي هنا أي: بغير علم، كما ترجم أبو داود عندما قال: باب الكلام في كتاب الله بلا علم، أمّا الرأي المبني على العلم وعلى ما تعطيه الأصول واللغة وغير ذلك، فلا بأس به، ومن هنا شاع عند العلماء التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي.

الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ((من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ))، قوله: عن سهيل بن مهران هو سهيل بن أبي حزم واسمه مهران، ويقال: عبد الله القطعي أبو بكر البصري، قال أحمد فيه: روى أحاديث منكرة، وعن ابن معين قال: صالح، وقال البخاري: لا يُتابع في حديثه، يتكلمون فيه. وقال مرة: ليس بالقوي عندهم، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يُحتجّ به، وأخوه حزم أتقن منه، وقال النسائي: ليس بالقوي، وسئل ابن معين عن سهيل أخي حزم فقال: ضعيف وثقه العجلي، ولعل هذا الاختلاف هو الذي جعل أبا داود يأتي بحديثه.

فتفسير قوله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ))، أي: من قال بعقله المجرد ومن تلقاء نفسه، من غير تتبّع أقوال الأئمة من أهل اللغة والعربية المطابقة للقواعد الشرعية، بل بحسب ما يقتضيه عقله، وهو مما يتوقف على النقل، قال السيوطي: “قال البيهقي: إن صح أراد والله أعلم الرأي الذي يغلب على القلب من غير دليل قام عليه، وأما الذي يشدّه برهان فالقول به جائز”.

قال البيهقي في (المدخل): في هذا الحديث نظر وإن صح، فإنما أراد به -والله أعلم- فقد أخطأ الطريق، فسبيله أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة، وفي معرفة ناسخه ومنسوخه، وسبب نزوله، وما يحتاج فيه إلى بيانه من أخبار الصحابة الذين شاهدوا تنزيله، وأدوا إلينا من السنن ما يكون بيانًا لكتاب الله تعالى، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ} [النحل: 44] فما ورد بيانه عن صاحب الشرع ففيه كفاية عن فكرة من بعده، وما لم يرد عنه بيانه ففيه حينئذ فكرة أهل العلم بعده؛ ليستدلوا بما ورد بيانه على ما لم يرد، وهذا الذي قاله البيهقي: “إنما هو ضوابط التفسير بالرأي” قال: وقد يكون المراد به من قال فيه برأي من غير معرفة بأصول العلم وفروعه، فتكون موافقته للصواب إن وافقه من حيث لا يعرفه غير محمودة .

error: النص محمي !!