Top
Image Alt

باب بيان: أنّ مَن أدرك الصلاة في الوقت فإنّه يُتِمُّها

  /  باب بيان: أنّ مَن أدرك الصلاة في الوقت فإنّه يُتِمُّها

باب بيان: أنّ مَن أدرك الصلاة في الوقت فإنّه يُتِمُّها

حديث أبي هريرة: ((مَن أدرك الصّبح…)).

عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه  وسلم قال: ((مَن أدرك مِن الصُّبح ركعةً قبْل أن تطْلُع الشمس, فقد أدرك الصبح. ومَن أدرك ركعةً مِن العصر قبْل أن تغرب الشمس, فقد أدرك العصر)) رواه الجماعة.

قوله: ((فقد أدرك))، قال الإمام النووي: أَجْمَع المُسلمون على: أنّ هذا ليس على ظاهره، وأنّه لا يكون بالرّكعة مُدرِكًا لكُلِّ الصلاة, وتَكْفيه وتحْصل الصلاة بهذه الرّكعة؛ بل هو مُتأوَّل. وفيه إضمارٌ، تقديره: فقد أدرك حُكم الصلاة، أو وجوبها وفَضْلها، أو وُجُوبها، أو فضْلَها. انتهى.

ويُؤخذ من هذا الرّد على الطحاوي، حيْث خَصّّّ الإدْراك باحْتِلام الصّبِيِّ، وطُهْر الحائض، وإسلام الكافر . يعني: إذا احتلم الصّبيّ, أو طهُرت الحائض, وأسْلَم الكافر، فإنّه إذا صلّى ركعةً, فقد أدرك. يعْني: فقد أدرك الفريضة الّتي عليه.

قال الشوكاني: وأراد بذلك نُصْرة مَذْهبِه, في أنّ مَن أدرك مِن الصبح ركعةً، تَفسُد صلاتُه لأنّه لا يُكمِلها إلّا في وقْت الكراهة؛ وهو مبْنيٌ على: أنّ الكراهة تَتَناول الفرْض والنّفل على خِلاف ما عليه الكثيرون مِن أنّ النّفل هو المقْصُود بالكراهة، وأنّ فرْض الوقت لا يَشْمل التّحريم, كما هو عِنْدهم.

ويدل هذا الحديث على أنّ الصلاة الّتي أُُدْرِكت منها ركعة قبل خُروج الوقت أداء لا قَضاء.

1. باب: التّرتيب في قَضاء الفوائت.

حديث جابر في صلاة رسول الله صلى الله عليه  وسلم .

عن جابر بن عبد الله: ((أنّ عُمر جاء يوْم الخنْدق بعد ما غَربت الشمس، فجَعل يسُبّ كفّار قريش، وقال: يا رسول الله! ما كِدتُ أُصَلِّي العصر حتّى كادت الشمس تغرُب. فقال: النبي صلى الله عليه  وسلم: والله ما صلّيْتُها. فتوضّأ، وتوضّأْنا, فصلّى العصر بعد ما غربت الشمس, ثُمّ صلّى بَعْدها المغرب)) متفق عليه.

قوله: ((يَسبّ كفار قريش)) لأنّهم كانوا السّبب في تأْخِيرهم الصلاة عن وقتها.

قوله في الحديث -حديث جابر: ((ما كِدتُ أُصلّي العصر, حتّى كادت الشمس تغرب))؛ قوله: “ما كِدتُ”، لفْظة: “كاد”: مِن أفعال المُقاربة. فإذا قُلت: “كاد زيد يقوم”؛ فُهِم منْه :أنّه قارب القيام, ولمْ يقُم بعدُ، كما تَقرّر في النّحو.

أحكام الحديث:

الحديث يَدّل على: وُجُوب قضاء الصلاة المَتْروكة لعُذْر الاشْتِِغال بالقتال؛ فهذا من الاضطرار الذي أشرْنا إليه في نِهاية الحديث السابق.‌ وقد وَقع الخِلاف في سَبَب ترْك النّبيصلى الله عليه  وسلم وأصحابه لهذه الصلاة.

فقيل: تَرَكوها نِسْيانًا. وقيل: شُغِلوا، فلَم يتَمكّنوا؛ وهو الأقرب, كما قال الحافظ ابن حجر. وفي (سُنن النسائي) عن أبي سعيدٍ: أنّ ذلك قَبْل أنْ يُنزِل الله في صلاة الخوف: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة:239], وسيأتي هذا الحديث.

وعلى كُلِّ حالٍ، حتّى لَوْ قُلنا: إنّهم نَسُوا, فقد كان السّبب في ذلك: هو الاشْتِغال بالمعركة؛ فيعود الأمْر إلى هذا العُذْر -والله تعالى أعلم.

وقد اُسْتُدِلّ بهذا الحديث على وجوب التّرتيب, بيْن الفوائت المقْضيّة والمُؤدّاة.

فرسول الله صلى الله عليه  وسلم بعد ما غرَبت الشمس، صلّى العصر أوّلًا، ولم يُقدِّم صلاة المغرب، لأنّه دَخل وقتُها، فرتّب بيْن الصّلاتيْن: القضاء وهي: العصر, ثمّ المغرب بعْدها.

ويدل أيضًا على وُجوب قَضاء الصّلاة المتْروكة لِعذْر الاشْتِغال بحرْب الكفّار ونحْوهم. كما يدل على استِحْباب قَضاء الفوائِت في جَماعة، كما فَعَل رسول الله صلى الله عليه  وسلم في هذا الحديث. وخالف في هذا الليث بن سَعد. ولكِنّ الحديث الذي مَعَنا يَردّ عليه.

فرسول الله صلى الله عليه  وسلم صَلّى هذه الفوائت هو وأصحابه جَماعة.

قال المُصنِّف: وفيه دَليل عَلى أنّ الإقامة للفوائت، وعَلى أنّ صَلاة النّهار وإنْ قُضِيَت ليْلًا لا يُجهَر فيها. يَعْني: أنّ رسول الله صلى الله عليه  وسلم لمْ يَجْهر في صَلاة الظُّهر, ولا في صَلاة العصر، وعَلى أنّ تأْخيره يوْم الخنْدق نُسِخ بِشرْع صَلاة الخَوْف.

error: النص محمي !!