Top
Image Alt

بشرى النصر في المدينة، ونبأ الفاجعة في مكة

  /  بشرى النصر في المدينة، ونبأ الفاجعة في مكة

بشرى النصر في المدينة، ونبأ الفاجعة في مكة

أ. بشرى النصر في المدينة:

وجد النبأ ارتيابًا في قلوب بعض الناس، خاصة من لم يكن الإسلام قد تعمق في قلبه، وفزع المناكبون واليهود حينم سمعوا هذا الخبر، وتابع ابن رواحة نشر الخبر بالمدينة والصبية خلفه فارحين، يصيحون: قُتل أبو جهل الفاسق، حتى انتهى البلاغ إلى أهل العالية.

وقد قدم زيد بن حارثه على ناقة النبي صلى الله عليه  وسلم القصواء يبشر أهل السافلة، فلما جاء المصلى جاء على راحلته ينادي ويعدد قتلى المشركين والأسرى منهم، حتى إن كثيرين من الناس ارتابوا، وخاصة المنافقون، حتى إن بعضهم خلا بأبي لبابة بن عبد المنذر وقال: قد تفرق أصحابكم تفرق لا يجتمعون بعده أبدًا، وقد قتل علية أصحابه، وهذه ناقته نعرفها، وهذا زيد لا يدري ما يقول من الرعب، وقد جاء فالًّا -أي: هاربًا. فقال أبو لبابة: يكذب الله  سبحانه وتعالى قولك، وقالت اليهود: كذلك تروج شائعات الكذب ما جاء هؤلاء إلا فالًّا.

حتى قال أسامة: فجئت حتى خلوت بأبي فقلت: يا أبي، أحقًّا ما تقول؟ فقال: إي والله يا بُني ما أقول إلا الحق، عند ذلك قويت نفس أسامة. يقول: فرجعت إلى ذلك المنافق الذي أرجف بهذا القول فقلت: أنت المرجف برسول الله صلى الله عليه  وسلم وبالمسلمين، لنقدمنك إلى رسول الله صلى الله عليه  وسلم إذا قدم فليضربن عنقك، فقال: يا أبا محمد، إنما هو شيء سمعته من الناس يقولونه.

ثم جيء بالأسرى وعليهم شقران مولى النبي صلى الله عليه  وسلم هذا أمر الناس في المدينة حينما جاء خبر النصر العظيم لأهلها.

ب. نبأ الفاجعة في مكة:

أما أهل مكة فإن الخبر المفزع قد جاءهم، وكان أول من وصلهم به هو الحيثمان بن عبد الله الخزاعي، جاء إلى مكة فسألوه: ما وراءك؟ فأخبرهم بالفاجعة، وأخذ يعدد قتلى أشراف مكة حتى ظنوا به الجنون، حتى إن صفوان بن أمية كان قاعدًا في الحجر يستنكر ما جاء به الحيثمان، فقال مستهزئًا: سلوه عني، فقالوا له: وماذا صنع صفوان بن أمية؟ قال: هو ذاك قاعد في الحجر، ولقد رأيت أباه وأخاه عليًّا حينما قُتلا.

ثم جاء أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فتلقاه عمه أبو لهب، فقال له: هلم إليًّ يا ابن أخي فعندك لعمري الخبر، فجلس إليه، والناس قيام عليه، فقال: أخبرني كيف كان أمر الناس؟ فقال: والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وايم الله ما ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالًا بيضًا على خيل بلق بين السماء والأرض، والله ما تليق شيئًا، ولا يقوم لها شيء.

وهنا تيقن أهل مكة من فادح المصاب، فأخذوا في النواح على قتلاهم هؤلاء القتلى كانوا سادت مكة، ومنهم: أبو جهل، وأمية بن خلف، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، وغيرهم كثيرون من صناديد هذا البلد الذي كان لهم شأن فيها، هذا غير من قتل من قتلى المشركين، لأنه قتل منهم سبعون، وكذلك أسر منهم سبعون.

error: النص محمي !!