بعض المؤلفات في الحديث القدسي وحكمه من حيث الصحة وغيرها
إذا نظرنا إلى الأحاديث القدسية وجدناها قليلة العدد بالنسبة إلى الأحاديث النبوية، وهذا يرجع -والله أعلم- إلى أن الأحاديث القدسية تتعلق بالحق -سبحانه- بتبيين عظمته، وبإظهار رحمته، والتنبيه على سعة ملكه، وكثرة عطائه لخلقه. والقرآن الكريم قد غطى هذا الجانب.
أما الأحاديث النبوية فموضوعها غير موضوع الأحاديث القدسية، فهي المبينة والشارحة للقرآن الكريم، فهي بإيجاز شديد تمثِّل المذكرة التفسيرية للقرآن الكريم، كما أنها تناولت كل ما يتعلق بالمسلم من أخلاق وآداب ومعاملات، وغير ذلك على وجه التفصيل؛ لذلك فالموضوعات التي عالجتها الأحاديث النبوية أكثر من الموضوعات التي عالجتها الأحاديث القدسية.
ومع أن الأحاديث القدسية دونت مع الأحاديث النبوية في كتب السنة من المسانيد، والصحاح، والسنن، والمصنفات، والمعاجم إلى غير ذلك، إلا أن العلماء تتبعوا هذه الأحاديث القدسية في كتب السنة، وأفردوها بالتصنيف والتأليف، من هذه الكتب التي صنفت في الأحاديث القدسية على حدة:
– (الأحاديث القدسية الأربعينية)، ألفه الملا على القاري، المتوفى في سنة 1016 من الهجرة، جمع فيه أربعين حديثًا قدسيًّا، وعزاها إلى من أخرجها من أصحاب كتب السنة.
– (الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية) للعلامة الشيخ محمد بن محمود بن صالح الشهير بالمدني، المتوفى في سنة ألف ومائتين من الهجرة.
– (الأحاديث القدسية) تأليف لجنة القرآن الكريم والحديث بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إشراف الدكتور محمد الأحمدي أبو النور، والكتاب جزءان في مجلد واحد، وعدد أحاديثه أربعمائة حديث باعتبار المكرر منها، الذي اختلفت روايته، أو تغير فيه الصحابي الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
جمعت اللجنة الموقرة في هذا الكتاب الأحاديث القدسية الموجودة في كتب الحديث الآتية:
(الموطأ) للإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، (صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري)، (صحيح الإمام مسلم بن الحجاج القشيري)، (سنن الإمام أبي داود السجستاني)، (سنن الإمام الترمذي)، (سنن الإمام النسائي)، (سنن الإمام ابن ماجه).
حكم الحديث القدسي من حيث الصحة وغيرها:
إن وصف الحديث بأنه قدسي وصف خاص بمتن الحديث، دون إسناده؛ لذلك فالحديث القدسي منه الصحيح، ومنه الحسن، ومنه الضعيف، وذلك يرجع إلى مدى توفر شروط القبول أو عدم توفرها في الحديث؛ فإذا توفرت في الحديث القدسي أعلى شروط القبول فهو الصحيح، وإن توفرت في الحديث القدسي أدنى شروط القبول فهو الحسن، وإن فقد الحديث شرطًا أو أكثر من شروط القبول فهو الضعيف.
حكم العمل بالحديث القدسي: إذا توفرت في الحديث القدسي شروط القبول وجب العمل به ما لم يكن في بابه معارض أقوى منه، ويدخل في الحديث المقبول الحديث الصحيح بقسميه، وكذا الحديث الحسن بقسميه، وقد سبق بيان ذلك.