بعض النماذج لمناهج الموهوبين، وكيفية التخطيط لها وإعدادها
من المناسب أن يتم استعراض خصائص النموذج التربوي، ما دمنا قد تحدثنا عن بعض نماذج المناهج؛ لأن النموذج التربوي له خصائص تميزه عن غيره من النماذج، في إعداد المناهج، وفي المجالات المختلفة، وأهم تلك الخصائص للنموذج التربوي لإعداد المنهج وغيره، هو الاعتماد على نظرية تربوية ودراسة خصائص المتعلمين، ودراسة بيئة التعلم، وأيضًا تكامل عناصر المنهج، والسير في خطوات متتابعة، وتحديد نواتج التعلم، والتغذية الراجعة، وتكامل دور المعلم والمتعلم.
وهناك عدة نماذج لإعداد المحتوى والمنهج من أهمها نموذج “تايلر” ونموذج “هيداتا” ونموذج “بوشام” إلى غيره من النماذج التي تعمل على تخطيط وتطوير المناهج، فإذا استعرضنا مثلًا نموذج “تايلر” باعتباره أحد النماذج لإعداد المناهج، نرى أن تخطيط المنهج وتطويرها في ضوء هذا النموذج يمر بأربعة مراحل متسلسلة ومتتابعة، وهي:
المرحلة الأولى: صياغة الأهداف، ويبدأ المنهج عند “تايلر” بصياغة الأهداف التي يتوقع تحقيقها عند التعلم، ويقوم المتعلم بتحقيق هذه الأهداف بنفسه، وتُشتق الأهداف من المادة الدراسية وطبيعة المتعلم وخصائص المجتمع، وتخضع هذه الأهداف لفلترة وفلسفة التعليم في المجتمع وعلم نفس التعلم.
والمرحلة أو الخطوة الثانية عند “تايلر”: اختيار خبرات التعلم، حيث يتم اختيار خبرات التعلم من محتوى علمي ونشاطات تعلم؛ تساعد في بلوغ الأهداف المرسومة في ضوء حاجات المتعلم المختلفة، وخبراته السابقة، ومبادئ التعلم.
أما المرحلة الثالثة: فهي تنظيم خبرات التعلم، وهنا يتم دمج المفاهيم والقيم والمهارات معًا لتُقدم إلى المتعلم بطريقة متفقة مع خبراته ومستواه المعرفي والعقلي، وذلك في ضوء تنظيم منطقي لإحداث التعلم المنشود بالأهداف.
المرحلة الرابعة: هي مرحلة التقويم، والتقويم يتم للتحقق فيما إذا كانت الخطة والإجراءات التنفيذية قد حققت الأهداف المرسومة لكي يُحكم على المنهج من حيث الاستمرارية أو التعديل أو التوقف كليًّا.
وجدير بالذكر أن كل نموذج من نماذج التصميم التعليمي المتعددة، ونماذج التدريس المختلفة، ونماذج إعداد المناهج المتباينة، كلها جميعًا يكون لها خطوات ومراحل، ولعل العديد من هذه النماذج يكون له رسم خطي يوضح النموذج.
وفيما يلي عرض حول نماذج تخطيط المناهج للموهوبين بصفة خاصة:
إن نماذج المناهج تقدم أساسًا نظريًّا يتم من خلاله تخطيط دقيق لبرامج وأنشطة الإثراء للموهوبين، وتتكامل مع بعضها، بحيث يمكن لمعلم الموهوبين أن يستفيد من نموذجين أو أكثر بالوقت نفسه؛ ليتمكن من تطبيق ما يراه مناسبًا لخصوصيات الطلاب واحتياجاتهم، وقد قدمت هذه النماذج -وما زالت تقدم- قاعدة لفلسفة البرامج، وتوجيهات لأساليب إعدادها، ومحتوى لمناهج مناسبة لاحتياجات الموهوبين، وفيما يلي أبرز نماذج مناهج الموهوبين:
النموذج الأول: النموذج الإثرائي المدرسي الشامل.
النموذج الثاني: نموذج “روت” الإثرائي.
النموذج الثالث: نموذج البناء العقلي “لجيربورد وميكرو”.
النموذج الرابع: النموذج الإثرائي الفاعل.
النموذج الخامس: نموذج إتقان المحتوى.
النموذج السادس: نموذج العمليات والنواتج.
النموذج السابع: النموذج التكاملي.
وفيما يلي إشارة سريعة لكل نموذج منها.
فالنموذج الإثرائي المدرسي الشامل يُعد هذا النموذج من أكثر النماذج استخدامًا لتخطيط مناهج الموهوبين في العالم؛ لأنه الأكثر قبولًا اجتماعيًّا، والأقل تكلفة، والأكثر فاعلية في تحسين نوعية التعليم في المدرسة بشكل عام.
ولهذا النموذج أهمية؛ حيث إن هناك العديد من النتائج التي تتحقق عند تطبيق هذا النموذج، من أهم هذه النتائج: تنمية الموهبة لدى الطلاب من خلال قياس جوانب القوة لديهم بانتظام، وإتاحة الفرص الإثرائية والموارد والخدمات التي تنمي جوانب القوة لديهم، واستخدام طريق مرن، ومنحى مرن يحقق التنوع في المقررات بما يتناسب مع تنوع حاجات الطلاب وقدراتهم.
وكذلك توظيف الزمن الذي يقضيه موقف التعلم ويقضيه الطالب، وكذلك توظيف الزمن الذي يقضيه الطالب بالمدرسة بكفاءة، وتحسين الأداء المدرسي لكل الطلاب في كل مجالات المناهج العادية، ومزج أنشطة المناهج المدرسية العادية بخبرات تعليمية إثرائية ذات معنى، إلى غير ذلك من النتائج الخاصة بتحقيق هذا المنهج، وباستخدام هذا المنهج.
وهذا النموذج من مستويات نماذج الموهوبين، ومن أنواع نماذج الموهوبين.
وفيما يرتبط بالنوع الثاني من النماذج، وهو النموذج الإثرائي الفاعل، فإن هذا النموذج يقوم على ركائز ثلاث، وهي: المحتوى العلمي، والمتعمق ومهارات البحث والتفكير، والسمات الشخصية والمؤثرة، ويؤدي هذا النموذج إلى تحقيق نتائج علمية عديدة ومتعددة، هي في نهايتها تهدف إلى تنمية قدرات وحاجات الموهوبين، كذلك فإنه يعمل على تنشيط القدرات العقلية للموهوبين.
وفيما يرتبط بنموذج “روت” الإثرائي، فإن هذا النموذج هو الآخر يُعد من النماذج الخاصة بإعداد النماذج للموهوبين وفق تصور هذا العالم، وكذلك نموذج البناء العقلي “لجيربورد وميكرو” فهو بنفس الأمر كذلك يقتضي تحقيق وجهة نظر وتصور لهذين العالمين في إعداد مناهج الموهوبين.
أما نموذج إتقان المحتوى، فهو يركز على تعلم المهارات والمفاهيم الخاصة بموضوع محدد ويعتمد على التسريع والتعلم المتقن للمهارات والمفاهيم.
أما نموذج العمليات والنواتج، فهو يركز على تعلم مهارات الاستقصاء العلمي والاجتماعي للوصول إلى نواتج عالية المستوى، ويتطلب عمل فريق متعاون ومتفاعل عضويًّا.
والنموذج الأخير، وهو النموذج التكاملي هو نموذج تكامل المعرفة، يركز على إدراك الطلبة الموهوبين لنظم المعرفة المتكاملة أكثر من إدراكهم لجزئياتها، ويعرف الطلبة بأفكار وقضايا رئيسة، وبالمبادئ التي تصل ميادين المعرفة بعضها ببعض، وفيما بينها.
وفي نهاية هذا الدرس نؤكد على أن الموهوبين ربما لا تلتفت أنظار القائمين على التعليم والتربية إليهم، ويُعد هذا خطأً جسيمًا، فلا بد من الكشف عن الموهوبين، وتصنيف الموهوبين ومراعاتهم، وتوفير المناخ اللازم لهم، وإعداد المنهج الذي يتلاءم ويتوافق مع استعداداتهم وخصائصهم المعرفية، ويمكن الرجوع إلى العديد من المصادر والمراجع الخاصة بالموهوبين، فإن الاتجاه في العالم الآن يعمل على اكتشاف وتصنيف وتعليم تلك الفئة.