بيان حكم الشريعة في إجراء جراحة التجميل العلاجية
عرفنا أن هناك عمليتين وكلتا العمليتين جراحة إلا أن إحداهما لعلاج شيء لا بد منه لإصلاح العضو الفاسد أو لإصلاح وظيفة ذلك العضو، والأخرى تحسينية، أي أن الشخص ليس بحاجةٍ إليها، ولذلك نبدأ بالجراحة العلاجية، وقبل أن نبين حكم الشرع في إجراء جراحة التجميل العلاجية، ينبغي أن نعرف أنواع هذه العمليات؛ لأن لكل نوع منها حكمًا خاصًّا به إذًا معرفة الأنواع مهمة، تنقسم العمليات التجميلية عند المتخصصين إلى نوعين:
أ. عمليات لا بد من إجرائها:
لوجود الداعي إلى ذلك إما لإزالة عيب يؤثر على الصحة، أو على استفادته؛ أي: الشخص من العضو المعيب، أو لوجود تشوه غير معتاد في خلقة الإنسان المعهودة؛ إذًا هذه عمليات لا بد من إجرائها لوجود الداعي إلى ذلك، أي: إلى إجرائها؛ لأننا سنزيل عيبًا هذا العيب يؤثر على الصحة، ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الضرر يزال)) أو لا بد من إجرائها لتحقيق الإفادة من العضو المعيب، فقد يكون العضو بلا فائدة بل لو أجريت له عملية جراحية لأصبح مفيدًا، أو يوجد تشوه بعض الناس بعض الأطفال يولدون، وفي كف أيديهم ستة أصابع هذه الأصبع الزائدة عن الخمسة المعتادة هذا تشوه غير معتاد في خلقة الإنسان المعهودة والتي بيّن الله -تبارك وتعالى- أنها أحسن خلقة {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [التين: 4].
وجود هذا التشوه يحدث أيضًا عيبًا ولو نفسيًّا يؤثر على الصحة النفسية، أو يحدث عيبًا في الاستفادة من أصابع اليد؛ لأن فيها شيئًا زائدًا، فلا بد من إجراء جراحة تجميلية علاجية لهذا الأمر، ومن أمثلتها العمليات التي تجري لإزالة العيوب التالية:
- الشفة الأرنبية، الشق الشفي والشق الحلقي، بعض الناس عندهم في الشفة العليا أو السفلى شق مثل شفة الأرنب، وتسمى الشفة الأرنبية، هذه يجرى لها جراحة؛ لأن وجودها وبقاءها يؤثر على نفسية صاحبها، وبخاصة إذا كان امرأة.
- التصاق أصابع اليد، فالمفروض أنها خمسة أصابع مفرقة، ماذا لو كانت ملتصقة لا يتحقق الغرض، أو المنفعة منها.
- انسداد فتحة الشرج؛ لا بد من إجراء جراحة لفتحها.
- رتق البكارة؛ لأن البكارة سقطت، أو انشقت بسبب مرضي، أو بسبب قهري، أو خَلْقِي.
- إزالة الوشم العلامات الملتصقة بالجسم الزرقاء أو الخضراء، وإن كان بعض الشباب والفتيات يفعلونها الآن باختيارهم، وقد كان في الماضي يفعلها البعض، والآن يريد أن يتوب من ذلك بعد أن عرف حكمها، الوحمات بعض أجزاء في الجلد نسميها وحمة يكون لونها مختلفًا عن باقي الجسم وقد تسبب ألمًا نفسيًّا.
- إزالة شعر الشارب واللحية عند النساء، بعض النساء يظهر لهن شوارب ولحى، وهذا غير مناسب في النساء؛ فترغب في إزالة هذا الشعر.
- إعادة تشكيل الأذن إما لأنها مفلطحة، أو ملتوية، أو نحو ذلك.
- شفط الدهون إذا رافقها إصابة أو مرض يستدعيه.
- تصغير الثدي من بعض النساء اللاتي تكون أثداؤهم كبيرة؛ فتحتاج المرأة إلى تصغيره خصوصًا إذا رافقه -رافق الكبر- مرض يستدعي ذلك كأمراض الظهر مثلًا.
- زراعة الثدي لمن استؤصل منها، بعض النساء أستؤصل ثديها لسرطان أو غيره، وأصبحت دون ثدي، فتريد أن تزرع ثديًا؛ حفاظًا على جمالها ومنظرها الطبيعي؛ لأن عدم وجود الثدي يحدث لها ألمًا نفسيًّا.
- تصحيح الحاجز الأنفي، أو الأنف المصاب بتشوه، للأنف فتحتان وبينهما حاجز أحيانًا يكون هذا الحاجز غير موجود، أو غير منضبط، فيحتاج الأمر إلى تصحيح حتى يكون الشكل أو الأداء الوظيفي مناسبًا.
- تشوه الجلد بسبب الحروق، أو الآلات القاطعة أو الطلقات النارية، فقد يتعرض أحيانًا بعض الأشخاص إلى إصابات من الحروق، أو إصابات بأعيرة نارية، أو باستخدام آلات حادة تقطع بعض الجلد، وتترك أثرًا دائمًا يريد أن يزيل هذه الآثار بعملية جراحية تجميلية علاجية.
- تصحيح كسور الوجه بسبب الحوادث مثلًا، كما نسمع عن كسر في الجمجمة، أو كسر في الفكين، أو غير ذلك جراء حوادث السيارات إلى غير ذلك من أنواع العيوب التي يجمعها، ويضبطها أن لها دافعًا صحيًّا، أو أنها لإصلاح تشوه حادث، أو عيب يخالف أصل خلقة الإنسان، أو صورته المعهودة.
هذه الأنواع التي ذكرناها، وما يشبهها تسمى جراحات تجميلية علاجية ولا بد منها.
ب. عمليات اختيارية لا داعي لإجرائها:
سوى رغبة المريض أن يكون شكله أحسن، أو منظره أجمل هي لا تؤثر على خلقته السوية، ولا تؤثر على أداء وظائفه العضوية كل شيء سليم ولكنه يريد أن يكون أجمل من ذلك؛ فهي عمليات تهدف لتحسين المظهر لا لوجود عيب أو تشويه؛ بل لتحقيق منظر أحسن وأجمل، أو تهدف لتجديد الشباب، وإزالة مظاهر الشيخوخة، كما يفعل بعض النساء الكبيرات، ومن أمثلتها:
- إزالة الشعر وزرعه؛ المعروف سابقًا بالنمص، إزالة شعر الحاجبين، وزرع شعر جديد أو نحو ذلك.
- تقشير البشرة، وذلك بإزالة القشرة الظاهرة؛ لظهور قشرة أخرى، ونموها تكون أكثر بياضًا أو جمالًا أو نحو ذلك.
- شد الجبين ورفع الحاجبين، شد الجبين؛ إن كان فيه تجاعيد تصيب الجبين والجبهة.
- ومن ذلك أيضًا: شد الوجه والرقبة لما فيهما من تجاعيد.
- حقن الدهون لإظهار السمنة؛ حيث قد يكون بعض الأشخاص نحيفًا فيحقن بالدهون ليسمن، وليس في ذلك حاجة، أو ضرورة.
- ومثلها أيضًا: شفط الدهون التي لا يصاحبها مرض دون حاجة.
- تجميل الأنف تصغيرًا أو تكبيرًا.
- تجميل الذقن.
- تجميل الثديين تصغيرًا أو تكبيرًا.
وغير ذلك أو نحو ذلك من أنواع العمليات التي يجمعها أنه لا دافع لها سوى انزعاج صاحبها من مظهره، ورغبته في إصلاح نفسه إلى المستوى المقبول لديه.
إذًا هناك نوعان، نوع لا بد منه، وإذا بقي يبقى الخلل، ونوع اختياري ليس ضروريًّا إلا عند صاحبه للمزيد من الحسن والجمال.
وهناك نوع ثالث يقوم به بعض الناس لتغيير شكله، وهيئته الخارجية، إما ليشبه بعض الحيوانات، أو غيرها، أو ليدلس على أجهزة الأمن؛ فهذا تشويه للشكل الإنساني، ومنه مثلًا تركيب الأنياب الضخمة، أو شق اللسان، أو غير ذلك من الوشم، والنمص أو التنمص، والوصل، والفلج أي: تفليج الأسنان، ونحو ذلك من العمليات.